* أبانت جائحة «كورونا» أن الرقمنة ليست ترفا، بل حاجة ماسة في جميع نواحي الحياة تقريبا. هل نحن مستعدون لمواكبة هذه التطورات المتسارعة؟ ** بالتأكيد. لدينا كل الحظوظ لتحقيق ذلك. لقد أبانت منظومتنا الرقمية، خلال هذه الأزمة الاستثنائية، عن قدرتها على التكيف والابتكار والتجديد، مع إنجاز نتائج ملموسة في أوقات قياسية. لقد تم فعلا إحراز تقدم فعلي، في بضع أسابيع، بفضل اعتماد الرقمنة في مجموعة من القطاعات، وتطوير باقة واسعة من الخدمات الرقمية مثل الوقاية الصحية والتجارة الإلكترونية والحماية الاجتماعية والحكومة الإلكترونية. علينا الاستفادة من المكتسبات التكنولوجية، التي تم تطويرها خلال هذه الأزمة الصحية وبالخصوص الاستفادة من الفرص المتاحة لرفع التحدي وتسريع التحول الرقمي. ومنظومتنا الرقمية تزخر بكفاءات ومقاولات قادرة على الاستجابة محليا لهذا التحدي، بالإضافة إلى توفر المغرب على بنية تحتية متينة، ومؤسسات واستثمارات خاصة بالقطاع الرقمي، فضلا عن أقطاب للتكوين لمواكبة احتياجات المستقبل على مستوى المهارات النوعية. والآن، نحن مدعوون لتعزيز الابتكار في جميع القطاعات الاقتصادية. ولبلوغ هذا المرام، فقد تم إبرام عدة شراكات بين وكالة التنمية الرقمية وهيئات البحوث، ومدن الابتكار والجامعات من أجل تقوية الوسائل اللازمة للابتكار والتنمية الرقمية ببلادنا. * أكدتم في مناسبات مختلفة أن التكنولوجيات الرقمية تحمل فرصا حقيقية للاستثمار وإحداث فرص الشغل. هل يمكن أن نرتقب خطة ل«التسريع الرقمي» على غرار خطة التسريع الصناعي التي أطلقتموها في سنة 2014؟ ** تعد الرقمنة بالفعل مصدرا مهما لإحداث فرص الشغل والاستثمار. لذلك، فإننا نعمل بجد مع فاعلي المنظومة الرقمية بالمغرب في إطار مقاربة تشاركية لتنمية القطاع. ويتعلق الأمر بالنسبة لنا بترسيخ وتعزيز مكتسباتنا والاستفادة من الفرص الجديدة التي تتيحها لنا هذه الأزمة. لقد شهد القطاع الرقمي فعلا تطورا مهما للغاية وعرف كيف يفرض نفسه بقوة. لذلك نحن مدعوون اليوم للمحافظة على تسريع الرقمنة، لتترسخ بشكل دائم ولتتمكن من الوصول إلى جميع الفاعلين. ومن أجل ذلك، سنواصل مواكبة فاعلي القطاع الرقمي وتحفيز تنميتهم وإحداث مناصب الشغل من خلال تطوير الكفاءات في مهن القطاع. ويتعين علينا أيضا مواكبة مجموع فاعلينا الاقتصاديين للانخراط في مسلسل التحول الرقمي، وتشجيع الابتكار وتحفيز البحث التنموي. يجب تطوير مغرب رقمي في خدمة المواطن. وبالتالي فنحن نواصل الجهود من أجل رقمنة واسعة النطاق لتحسين أداء المرافق العمومية. كما نتطلع لتوفير الظروف المثلى لتنمية القطاع الرقمي. ويتعلق الأمر بالخصوص، بتطوير التكوين والكفاءات في المهن الجديدة لهذا القطاع، وتحسين حكامته وتعزيز السيادة الرقمية. * هل تظنون أن المغرب يتوفر على المؤهلات ليضطلع بدور القاطرة على المستوى الإقليمي في المجال الرقمي؟ ** بلا شك. بلادنا تزخر بالطاقات والقدرات التي تؤهلها لتكون مركزا وقاطرة على المستويين الإقليمي والقاري في هذا المجال. وهذا في حد ذاته أحد أهداف الاستراتيجية الرقمية الوطنية. البعد الإفريقي محور استراتيجي مهم، والبلدان الإفريقية تظل بالنسبة إلينا شركاء متميزين. إفريقيا تعد خزانا حقيقيا للكفاءات القادرة على رفع التحديات التكنولوجية للقارة. إفريقيا هي أيضا ثاني أكبر سوق في العالم من حيث الطلب على تكنولوجيات المعلومات والاتصال. القطاع الرقمي سيسمح لا محالة بتعزيز علاقاتنا وشراكاتنا ومشاريعنا بإفريقيا. ونحن مدعوون في الوقت الراهن لاغتنام هذه الفرصة التي يتيحها لنا القطاع الرقمي لتعزيز الاستثمار والتنمية بإفريقيا. * كيف ترون آفاق وانعكاسات التكنولوجيات الرقمية على حياة المغاربة؟ لقد حدث تغيير جذري خلال هذه الأزمة، حيث إن التكنولوجيات الرقمية قلبت، رأسا على عقب، العديد من جوانب حياتنا اليومية. وتسارعت وتيرة عملية الرقمنة، وانتشر استعمال الحلول والمنتجات والخدمات الرقمية خلال هذه الجائحة بشكل لافت، كبديل لمختلف القيود التي فرضتها مكافحة هذا الوباء. ففي بضع أسابيع فقط، تم تطوير استخدامات جديدة في مجالات مختلفة مثل التجارة الإلكترونية والعمل عن بعد والتعليم عن بعد والحكومة الرقمية. وعلى العموم يمكن أن تشكل الرقمنة رافعة قوية لرخاء المواطنين، في مجالات مختلفة أخرى كتطوير الصحة من خلال الطب عن بعد، وحماية البيئة والتحكم في استهلاك الطاقة. ومن المؤكد أن تسارع وتيرة عملية الرقمنة يقودنا إلى ثورة تكنولوجية ستغير جذريا رؤيتنا لعالم الاقتصاد وطريقتنا في الاستهلاك والإنتاج والتعلم والتواصل والعمل.