يحتل قطاع الطاقة ولاسيما الطاقات المتجددة، مكانة هامة في استراتيجية تنمية المملكة منذ عدة سنوات، وذلك بفضل العناية السامية والرؤية الملكية المستنيرة. وتروم استراتيجية المملكة في هذا المجال تحقيق تناسق أكبر بين مختلف القطاعات المعنية، وتحديد الأدوات الكفيلة برفع أهداف إنتاج الطاقات المتجددة، في إطار طموح جديد أكثر قوة واستدامة. ويتعلق الأمر برؤية شاملة ومندمجة لحكامة القطاع الطاقي الوطني، مكنت طبقا للتعليمات الملكية السامية منذ 2015 من إطلاق عملية قيادة الطاقات المتجددة لاسيما الشمسية والريحية والكهرومائية من قبل الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن). وكانت عملية تناسق السياسة الطاقية للمملكة تهدف إلى تعزيز الطموح الوطني في مجال تنمية الطاقات المتجددة، انسجاما مع هدف الرفع من مساهمة المصادر المتجددة في المزيج الكهربائي الوطني من 42 بالمائة سنة 2020 إلى 52 بالمائة سنة 2030. وتجسد الاهتمام بالقطاع الطاقي في إطلاق البرنامج الوطني لتنمية الطاقات المتجددة، وهو مشروع كبير يهدف إلى تمكين المغرب من تحقيق اكتفاء ذاتي طاقي، ويندرج في إطار الرؤية الملكية لجعل المغرب رائدا في هذا المجال. وبغية تكريس هذا الورش الطموح، تم تكليف الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) بتنفيد مخططات تنمية الطاقات المتجددة بالمملكة. وفي هذا الصدد، برمجت الوكالة المغربية للطاقة المستدامة عددا من المشاريع برسم الفترة 2018 – 2020 بهدف تجسيد الهدف المتوخى برفع طاقات الإنتاج المتجدد إلى 42 في المائة في أفق 2020، وهي مرحلة انتقالية لبلوغ المستوى الذي حدده جلالة الملك، والمتمثل في تحقيق نسبة 52 بالمائة سنة 2030. وهمت مبادرات الوكالة المغربية للطاقة المستدامة أيضا خلال هذه الفترة تنفيذ توجهات التنسيق بين الفاعلين المؤسساتيين في المجال الطاقي الوطني بعد استكمال إصلاح الإطار التشريعي والتنظيمي. وستكون لمختلف المبادرات التي تم إطلاقها في القطاع الطاقي، بدون شك، آثار سوسيو اقتصادية إيجابية، خصوصا في مجال الاستثمار، وتوفير تكوينات مؤهلة، وخلق فرص للشغل ونقل التكنولوجيا وتنمية مناطق تمركز مشاريع الطاقات المتجددة. ووعيا بأهمية هذا القطاع، أعطى جلالة الملك تعليماته السامية في يناير 2018 من أجل تسريع عملية تنزيل الاستراتيجية الوطنية في هذا المجال بغية تعزيز المكانة الرائدة للمملكة على الصعيد القاري والجهوي وجعل الطاقات المتجددة رافعة حقيقية للتعاون جنوب -جنوب وحافزا لتنمية بلدان إفريقيا جنوب الصحراء التي تتوفر على رصيد طاقي متجدد أكيد. ومكن تتبع جلالة الملك بشكل منتظم للتنزيل الفعلي والعملي للطاقات المتجددة من تكريس الأهداف المحددة في هذا القطاع. وهكذا فقد تميزت سنة 2018 بالشروع في استغلال مجمل المركب الشمسي نور ورزازات (580 ميغاوات)، والذي كرس بالتزامن الناجح مع برج نور ورزازات 3، موقعه كأكبر مركب متعدد التكنولوجيات الشمسية يوجد رهن التشغيل في العالم. كما تم استكمال المحطتين الشمسيتين نور العيون 1 ونور بوجدور 1 بطاقة إجمالية تبلغ 100 ميغاوات. وتمهد هذه المحطات، التي تعد جزءا من المشاريع الأولى التي جرى إطلاقها في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه جلالة الملك، الطريق أمام المزيد من التقدم بما يعود بالنفع على الساكنة والفاعلين الاقتصاديين المحليين. وفي ضوء هذه النتائج المشجعة، أعطى صاحب الجلالة تعليماته السامية خلال جلسة عمل ترأسها في نونبر 2018 من أجل رفع الطموحات المسطرة مبدئيا في مجال الطاقات المتجددة، والمدعوة بذلك إلى تجاوز الهدف الحالي المتمثل في تحقيق نسبة 52 بالمائة من المزيج الكهربائي الوطني في أفق 2030. وكان جلالة الملك قد أكد على ضرورة اعتماد برنامج مندمج إضافي يروم تدعيم جميع محطات تحلية المياه المبرمجة، بوحدات لإنتاج الطاقات المتجددة قصد تمكينها من اكتفاء ذاتي واقتصاد في الطاقة، وذلك من خلال الاعتماد بشكل أولوي على المخزونات المتوفرة بالقرب من المحطات، على غرار حظيرة الطاقة الريحية بالداخلة، وصولا إلى استكشاف مصادر جديدة للطاقة من قبيل التحويل الطاقي للنفايات (الكتلة الحيوية) بالمدن الكبرى مثل التجمع الحضري للدار البيضاء. وفي إطار التتبع المنتظم لجلالة الملك، ترأس جلالته أمس الخميس، جلسة عمل خصصت لاستراتيجية الطاقات المتجددة. وسجل جلالة الملك، خلال جلسة العمل هاته، بعض التأخير الذي يعرفه هذا المشروع الواسع، ولفت جلالته الانتباه إلى ضرورة العمل على استكمال هذا الورش في الآجال المحددة، وفق أفضل الظروف، وذلك من خلال التحلي بالصرامة المطلوبة. وبفضل هذه الرؤية الملكية المستنيرة، والاختيارات الإستارتيجية الصائبة التي قامت بها المملكة، فإن قطاع الطاقات المتجددة مدعو ليصبح قاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية في بلد بات يعتبر رائدا في هذا المجال.