الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشارك في قمة العدالة العالمية بحيدرآباد    المخابرات الإسبانية تفتح تحقيقاً في شبهات هجوم سيبراني وراء انقطاع الكهرباء الواسع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    بوتين يعلن هدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أيام    سانشيز يدعو إلى "اجتماع عاجل"    لماذا المغرب هو البلد الوحيد المؤهل للحصول على خط ائتمان مرن من صندوق النقد الدولي؟ محلل اقتصادي يجيب "رسالة 24"    الطالبي العلمي: إقلاع الجنوب رهين بتحقيق السلم والتوظيف الجيد لإمكانياتنا    في بيان التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي التشديد على الالتزام الثابت بوحدة المملكة المغربية وسيادتها ورفض قاطع لكل محاولات الانفصال أو المساس بالوحدة الترابية    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    يوم انهيار الخدمات .. شل كهربائي ومائي واتصالاتي يضرب إسبانيا ودول مجاورة    أبوظبي .. المغرب يعمل تحت قيادة جلالة الملك على دمقرطة الولوج إلى الثقافة (بنسعيد)    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    فعاليات المناظرة الجهوية حول التشجيع الرياضي لجهة الشرق    انطلاق بطولة خالد بن حمد الثالثة للبولينج بمشاركة 104 لاعب من 13 دولة    انقطاع كهربائي غير مسبوق يضرب إسبانيا والبرتغال    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    لماذا لا يغطي صندوق الضمان الاجتماعي بعض الأدوية المضادة لسرطان المعدة؟    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    403 ألف زاروا المعرض الدولي للكتاب بمشاركة 775 عارضا ينتمون إلى 51 بلدا    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    تكريم سعيد بودرا المدير الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمضيق الفنيدق    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    حمودي: "العدالة والتنمية" نجح في الخروج من أزمة غير مسبوقة ومؤتمره الوطني تتويج لمسار التعافي    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    العلمي: احترام الوحدة الترابية للدول يتطلب عقدا سياسيا وأخلاقيا ملزمًا    هيئة حقوقية تدين حملات التشهير ضد ساكنة بن أحمد    انتشال جثة فتى من وادي ملوية بعد اختفائه    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    منظمات حقوقية تنتقد حملة إعلامية "مسيئة" للأشخاص في وضعية إعاقة    متصرفو قطاع التربية الوطنية يطالبون بتدخل عاجل من أخنوش    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    رد حكيم من بوريطة.. إسكات استفزازات العالم الاخر ومسه بسيادة العراق    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    المرزوقي يدعو التونسيين لإسقاط نظام قيس سعيد واستعادة مسار الثورة    المشتبه به في قتل مصلّ بمسجد في جنوب فرنسا يسلم نفسه للشرطة الإيطالية    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امتحان كورونا.. الناجحون والراسبون في حكومة العثماني

إذا كانت لجنة اليقظة الاقتصادية تقتسم نجاحاتها بينها، فإن أسلوب إدارة كل واحد من أعضائها لقطاعه هو ما جعل حضورهم في نجاحات قمرة القيادة متفاوتا، بينما اختفى وزراء آخرون عن شاشات الرادار ودخلوا في حجر قطاعي لافت، وهذه نتائج امتحان كورونا لعدد منهم.
عامل المبادرة والتخطيط والقدرة على التحرك بسلاسة ودقة، واستباق سد الهفوات، والقدرة على منح الاطمئنان للمواطنين، هو ما يفضي إلى حسن القيادة والتدبير، وهي صفات استطاع عدد من وزراء حكومة سعد الدين العثماني تجميعها طيلة هذه المرحلة من مواجهة جائحة كوفيد 19، فيما ظل وزراء يتذبذبون دون حسم تدخلهم بالشكل المطلوب، فيما اختفى عدد من وزراء القطاعات المعنية بمواجهة هذه الجائحة.
الصحة تتصدر نجاحات المغرب
ولأن عنوان الجائحة كان صحيا بالدرجة الأولى، فقد كان وزير الصحة في ميزان هذا الامتحان، ولأن الحكم على الوزراء ينبني على مردودية القطاعات ولمسة الشخص، فقد كانت وزارة الصحة ناجحة بدرجة كبيرة في هذه الأزمة، وبدت قادرة على مجاراة ضغط رهيب على هذا القطاع.
منذ البداية، حضرت الوزارة إلى البرلمان ليس كقطاع مكسور عادة ما يكون الالتفات إليه من باب القطاعات غير المنتجة، بل قدم توقعا لما سيواجهه المغرب في هذه الجائحة وتحدث عن سقف العشرة آلاف، والذي لازال صامدا، وبعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على تسجيل أول إصابة بكورونا في المغرب، وبعد نحو شهرين من الحجر الصحي، فإن الخلاصة الأولى هي أن البلد اتخذ، بسرعة، احتياطات احترازية في الأسبوع الثاني من ظهور الوباء.
القرارات التي اتخذها المغرب أملتها مجموعة من الظروف، منها طبيعة المنظومة الصحية في البلد، انطلاقا من الواقع الوبائي الذي شهدته مجموعة من الدول قبلنا. فبالإضافة إلى ذلك، أنشئت وحدات طبية في غضون أيام قليلة، مثل المستشفى العسكري في بنسليمان ومستشفى آخر ب700 سرير في معرض الدارالبيضاء، وغيرها من الوحدات التي استقبلت مرضى كوفيد 19، في عدد من المدن بكفاءة عالية، غطت على كل التخوفات التي انتصبت مع بداية الجائحة.
وزير الصحة، الذي اختار التواري إعلاميا في متابعة التواصل اليومي حول الجائحة، يعتبر ناجحا بالقياس لإدارة القطاع الذي يسيره، والأكيد أن هذا النجاح كان خلفه جيش من الرائعات والرائعين في هذا القطاع.
الداخلية تمنح الأمان لقيادة المعركة
العنصر الثاني لنجاح هذه القيادة، هو توفير الأمن والطمأنينة في مثل هذه الأزمات، وهنا تظهر وزارة الداخلية بكل فروعها ورجالاتها، وقد كان تنزيل الحجر الصحي قرارا استراتيجيا ومركزيا في مكافحة هذه الجائحة، وكم تابعنا بحماس كيف انخرط رجال السلطة وأعوانها في تنزيل قرار الحجر الصحي بروح إنسانية غلبت على استثناءات القساوة المعزولة.
التدابير، التي تم اتخاذها تباعا من تعليق الدراسة بالمؤسسات التعليمية، وإغلاق دور العبادة والمقاهي والمطاعم، فمنع كل الأنشطة الرياضية والثقافية والسياسية والتجمعات الكبرى، وإحداث صندوق خاص لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، وإعلان حالة الطوارئ الصحية... استدعت إخراج كل مكونات هذه الوزارة إلى جانب الجيش إلى شوارع المملكة، بهدف التنزيل الأمثل لإجراءات الحماية لمواجهة الوباء، وهو ما أظهر حسن التوقع والاستعداد لتفعيل المتاح من إمكانيات تحت تصرف هذه الوزارة بشكل أثمر نتائج مهمة.
عبد الوافي لفتيت، الذي جاء للبرلمان عدة مرات، قدم الإفادة والإجابات عن كثير من الأسئلة والاستفسارات، تمكن من تجاوز مطبات كادت تعصف بجهود هذه الوزارة التي كانت في مقدمة فرض تنزيل حالة الحجر الصحي، وتمكن من إطفاء حرائق بعض رجالات السلطة وأعوانها، فيما استفاد من إبداعات بعضهم وقدرتهم على البصم على وجه جديد لممارسة السلطة في زمن تسرب المعلومة من كل قيد وتكتم.
الكثرة الكثيرة من المغاربة تلقوا هذه الإجراءات بالقبول السلس، على الرغم مما تفرضه من مقتضيات تقيد الحقوق والحريات، فالحركة أضحت مقيدة، وأضحت عادة مغادرة المنزل لدى عموم المواطنين مقيدةً بالضرورة القصوى، شريطة الحصول على رخصة مختومة من السلطة، تسمح لهم بذلك. وبات كل مخالف لهذه التعليمات مهددا بعقوبة سجنية، قد تصل إلى ثلاثة أشهر وغرامة مالية، وبالرغم من ذلك يمكن الاطمئنان إلى أن «سربيس» وزارة الداخلية مر بخير.
التعليم.. خطوات جريئة
منذ ظهور أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا كان وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، سباقا إلى اتخاذ العديد من الإجراءات لحماية التلاميذ والأطر التربوية من العدوى بدءا بتوقيف الدراسة بصفة استثنائية في 13 من شهر مارس، وهو القرار الذي أصبح ساريا يوم 16 مارس بجميع المؤسسات التعليمية والجامعية ومؤسسات التكوين المهني ثم المرور إلى التعليم عن بعد.
وجاء هذا القرار قبل إقرار حالة الطوارئ الصحية، كما جاء في إطار جملة من التدابير الاحترازية والوقائية، التي اتخذت بغية الحد من العدوى وانتشار هذه الجائحة. ويهدف هذا الإجراء إلى الحفاظ على صحة المتعلمات والمتعلمين والأطر التربوية والإدارية.
ومباشرة بعد تعليق التعليم الحضوري، عملت الوزارة على تنزيل خطة وطنية من أجل ضمان الاستمرارية البيداغوجية، وذلك من خلال إطلاق عملية «التعليم عن بعد» مع التأكيد على أن الأمر لا يتعلق بتاتا بعطلة مدرسية استثنائية بل بتعويض التعليم الحضوري بالتعليم عن بعد.
وجندت الوزارة بجميع مسؤوليها وأطرها التربوية والإدارية والتقنية وعلى مستوى قطاعاتها الثلاثة، مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا، وفي وقت قياسي، من أجل توفير بدائل متعددة لضمان الاستمرارية البيداغوجية لفائدة 10 ملايين تلميذ وطالب ومتدرب.
وفي الوقت نفسه انكبت الوزارة على الإعداد للامتحانات بالنسبة للسنوات الإشهادية (الباكالوريا) والمستويات الجامعية والتكوين المهني، كما عملت على التحضير لاستئناف الموسم الدراسي خلال شهر شتنبر المقبل.
ولكي تمر الامتحانات في أجواء سليمة تعمل الوزارة على تعقيم جميع مرافق مراكز الامتحانات عدة مرات في اليوم، مع توفير الكمامات ووسائل التعقيم وأجهزة قياس الحرارة، واستعمال بعض المنشآت الرياضية، والتخفيف من عدد المترشحين داخل المراكز وداخل القاعات، حيث لن يتعدى عدد المترشحين بكل قاعة 10 أشخاص بالنسبة لامتحان البكالوريا.
وجاءت القرارات، التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الخاصة بقطاع التربية، سواء ما تعلق بالجدولة الزمنية، أو تنظيم الامتحانات، منسجمة مع الإجراءات الاحترازية الصحية، التي تهدف إلى مكافحة انتشار فيروس كورونا والحرص على سلامة التلاميذ والتلميذات.
الصناعة والتجارة.. مفاجأة القطاعات الإنتاجية
لأن الحجر الصحي لا يواجه فقط بالتزام قيمي ونفسي، فإن توفير الاطمئنان العملي كان على عاتق وزارات معنية بالصناعة والتجارة والفلاحة وكل ما يدخل في الحاجيات الأساسية للمواطنين، وهنا كانت مفاجأة قطاع غالبا ما يكون متواريا، ويتعلق الأمر بقطاع الصناعة والتجارة، الذي ظهر فيه الوزير العلمي رجل ميدان جاب مصانع ومقاولات لتقديم نماذج الثقة في النفس.
فإلى جانب استمرار تزويد السوق بكل السلع الضرورية، وتدفق هائل في الأيام الأولى للحجر الصحي لمواجهة حالة الارتباك الأولى التي قادت الناس في عدد من الدول إلى اصطدامات مؤسفة، فإن قطاع الصناعة تمكن من تكييف وضعه مع هذه الجائحة لدرجة أثارت إعجاب العالم.
مجلة «جون أفريك» كتبت أنه على ضوء إعادة تأهيل مصنع لمادة الإيثانول في ظرف أسبوع، وتحول مصانع نسيج لتصنيع الكمامات الواقية، وقيام وحدة صناعية بإحداث سلسلة إنتاج خاصة بتصنيع أجهزة التنفس الاصطناعي، تكون الصناعة المغربية قد تأقلمت مع وباء فيروس كورونا وتمكنت من تحقيق إنجازات باهرة.
وأكدت المجلة التي تصدر بباريس أن «ملاءمة الآلية الصناعية من أجل تصنيع منتوجات أضحت حيوية- والتي تشكل موضوع نزاع تجاري بين القوى العالمية في فترة جائحة كورونا هاته- هي مقاربة اعتمدتها مجموعة من الشركات الصناعية المغربية»، التي لقيت التشجيع من طرف السلطات العمومية.
خصصت صناعة النسيج لحاجة اللحظة من الأقنعة وملابس العمل ومنعت أي إنتاج آخر، كما كانت الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ففي أوج النقص العالمي للأقنعة، كانت شركات النسيج المغربية المدعومة من وزارة الصناعة قادرة على تصنيع خمسة ملايين قناع في اليوم، تفي بالمعايير الدولية، كما قام آخرون بتصميم أجهزة تنفس، مما سمح بأسعار منخفضة أقل من 200 يورو لكل جهاز.
الفلاحة تنجح في رهان هدوء السوق
الأزمة التي تسبب فيها انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، قادت إلى النقاش العام مجددا حول «السيادة الغذائية» للدول، التي أصبحت على المحك بفعل تمدد مصادر التموين وتراجع الفلاحة إلى الصف الثاني، لفائدة قطاعي الصناعة والخدمات عموما.
وقد أظهرت هذه الجائحة الطابع الاستراتيجي للفلاحة، بكل فروعها، فالدول التي راهنت على هذا التوجه كانت اليوم أكثر أمنا، وأوفر حظا في ما يخص القدرة على ضمان عرض كاف لمواطنيها، فضلا عن كونها الأقدر على التحكم في تقلبات الأسعار.
الصورة التي رفقت هذه الجائحة بدت مطمئنة وذكية في ذات الوقت، فإلى جانب ضمان تزويد السوق، بقي القطاع محافظا على اليد العاملة مستقرة، بل سمح لقطاع التجارة أن يستفيد من هذا الاستقرار، وسواء تعلق الأمر بالمنتجات الطرية أو اللحوم أو المواد المصنعة، ذات الاستهلاك الواسع والضروري، فقد تم تزويد الأسواق بكميات وافرة من هذه المواد الأساسية، ودون تسجيل أي انقطاع في سلسلة التموين، حتى في أوقات الذروة، حينما كان التهافت على التسوق كبيرا بسبب تخوف البعض من نفاد السلع.
العرض كان أكثر من المعتاد بالنسبة لكثير من المواد، فيما حافظت الأسعار على مستوياتها العادية، وبقيت في المتناول، مع تسجيل انخفاض في بعض المواد، طفيف تارة وملحوظ تارة أخرى، باستثناء الارتفاع الذي شهدته الأسواق خلال منتصف شهر مارس الماضي، نتيجة التهافت الكبير عليها قبيل الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية.
عزيز أخنوش، الذي ظل يلاحق في تحركاته السياسية باستهداف كبير، تمكن من العودة بقوة للساحة لمواجهة هذه الجائحة، وبدا أن القطاع الذي يديره منح كثيرا من الطمأنينة في هذه الأزمة، بل حقق نجاحا مؤكدا تحدثت عنه كبريات الصحف العالمية.
مغاربة الخارج.. ارتباك العناية بالعالقين
يعتبر ملف المغاربة الذين وجدوا أنفسهم بعيدين عن الديار طيلة فترة الحجر الصحي أحد نقاط الضعف في نجاحات المغرب. هذا الملف يرتبط مباشرة بقطاع وزاري تديره الوزيرة نزهة الوافي، ويعتبر كثيرون أنه بالرغم من كون الملف يتجاوز حجمه الوزيرة المنتدبة إلا أن مسؤوليته مرتبطة بها.
نزهة الوافي، ومنذ تعيينها في 9 أكتوبر 2019 وزيرة منتدبة لدى وزير الخارجية مكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج في «حكومة الكفاءات»، لم تغتنم فرصة إثبات قدرتها على تدبير هذا القطاع بعدما حظيت بها عقب إعلان إغلاق جميع المعابر الحدودية المغربية، منتصف شهر مارس الماضي، وذلك بعدما علق أكثر من 18 ألف مغربي خارج تراب بلادهم لترتفع أصواتهم بالمطالبة بإعادتهم كما فعلت العديد من دول العالم.
الوافي تتكفل عمليا بهموم أكثر من 5 ملايين مغربي يقيمون خارج أرض الوطن، ويشكلون ثاني أهم مصدر للعملة الصعبة نتيجة تحويلاتهم، التي بلغت مع متم العام الماضي 64 مليار درهم، لذلك كان الكثيرون يتوقعون منها، وهي المهاجرة السابقة في إيطاليا، أن تصل إلى حلول ناجعة بخصوص ال18 ألف مواطن عالق يعيشون حاليا ظروفا مادية واجتماعية مزرية، والذين صارت أقصى آمالهم قضاء شهر رمضان مع أسرهم، لكن لم يكن ثمة من حلول مبتكرة استطاعت الوزيرة تقديمها، فحتى جهود سفارات المغرب بالبلدان، التي علق بها المغاربة، لم تتمكن الوزيرة من الدخول في موجتها لبث الاطمئنان.
الثقافة لم تستفد من ثورة التواصل
مع سرعة انتشار فيروس كورونا في العالم، اضطر المواطنون إلى الابتعاد عن الأماكن العامة، منعا للاختلاط والاقتراب والتلامس البشري للحد من انتشار هذا الوباء، ولكن بقي الناس في حالة تفاعل وتواصل من خلال الشبكة العنكبوتية التي اتسعت مساحتها لكثير من الفعاليات والنشاطات الثقافية والأدبية، لكنها ظلت مرتبطة بمبادرات خاصة بالجمعيات وبعض الندوات السياسية، فيما بقيت وزارة الثقافة بعيدة وغير مؤثرة.
وبالرغم من الالتفاتة، التي قامت بها الوزارة في صرف دعم الفنانين، إلا أن التواجد الفعلي في استثمار فورة اللقاءات والمنتديات التي فتحها زمن الحجر الصحي، جعل هذا القطاع بعيدا عن ابتكار أدوات تساعد على زرع الثقة في نفوس المواطنين.
وفي الوقت الذي خرج مواطنون لكسر الحجر الصحي بالدجل، لم تكن هناك مواكبة قوية للفعل الثقافي في مواجهة هذا الجهل، واعتبر كثيرون أنه كان بإمكان هذا القطاع أن يستغل زمن الحجر الصحي لتقديم منتج ثقافي يجذب المتلقي ويتواصل مع فئات واسعة لن تتوفر في أحسن من هذه المناسبة.
الوزير الشاب عثمان الفردوس، دخل مباشرة في معمعة كورونا بعد إعفاء سلفه، وبالرغم من بعض المبادرات الأولى التي لقيت استحسانا إلا أن تدبيره للقطاعات الثلاثة بدا مرتبكا وسقطت أسهمه بفعل التسرع، ولم يتمكن من الاستفادة من حيوية القطاعات الثلاث كأدوات استراتيجية في مكافحة جائحة كورونا، لاسيما بعد ارتباك وقف النشر والطباعة وارتباك الدعوة لاستئنافه في ظل غياب الشروط الملائمة.
السياحة والنقل.. تيه الصدمة
نادية فتاح العلوي، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، التي قدمت للقطاع ككفاءة من القطاع الخاص، وجدت نفسها مباشرة في معمعة كورونا، في القطاعات التي أسندت كلها إليها ضربها نحس كورونا المستجد، وبدا القطاع السياحي والنقل الجوي هما أكثر القطاعات المتضررة من أزمة كورونا بالمغرب.
الوزيرة أوضحت أن خروج القطاع السياحي والنقل الجوي من الأزمة قد يستغرق مدة طويلة، بالنظر إلى ارتباط هذه القطاعات بالعالم الذي يعاني بدوره من تداعيات فيروس «كوفيد 19».
وبينما تسارع تفشي فيروس «كورونا المستجد» عالميا، بدأت أزمات وتبعات الانتشار تظهر تدريجيا على السوق المغربية واقتصادها، الذي يعتمد بدرجة رئيسة على السياحة الأجنبية الوافدة. وإن كانت صناعة السياحة في البلاد من أبرز القطاعات المتأثرة بانتشار الوباء عالميا خاصة في الأسواق الرئيسة للمغرب، ممثلة بالاتحاد الأوروبي وأمريكا، ودول جنوب وجنوب شرق آسيا، فإنه يسجل الغياب التام للوزير الوصي على القطاع.
ويتوقع مراقبون مغاربة تضرر القطاع السياحي، الذي يعتبر ثاني أكبر مصدر للعملة الأجنبية، خصوصا أن أغلبية السياح الذين يزورون البلاد يأتون من أوروبا، التي سجلت معدلات مرتفعة من حالات الإصابة بالفيروس.
المثير هو أن تجميع هذه القطاعات في يد وزيرة الكفاءة لم يترجم بحضور قوي ومبدع في هذه الأزمة، فباستثناء الركون للجنة اليقظة التي تحاول التغطية على خسارات هذا القطاع، لم تظهر الوزيرة لمنح الانطباع بقدرة القيادة، وتظهر حالات التشكي في القطاعات الثلاثة واضحة، بينما كان الأهم هو خلق فضاءات التواصل الفوري والقوي لمنع سبات قاتل في القطاعات المذكورة.
قطاع التشغيل.. قيادة مرتبكة
لم يتمكن الشاب أمكراز من ترجمة فورة الشباب لدينامية تدبير تجعله أحسن متسابق في هذا الامتحان. قطاع الشغل هو عمق الخوف في قلب فيروس كورونا المستجد، فقد وجد نفسه ضمن خلية اللجنة المكلفة بتدبير هذه الأزمة الاستثنائية، غير أن حضوره بدا باهتا، ولم يلفت الأنظار خلال هذه المرحلة، ولم يخرج للعلن إلا بعد اندلاع أزمة تسريب مشروع قانون التواصل الاجتماعي.
المجهودات، التي بذلت على مستوى الكلفة المالية لطمأنة المغاربة العاملين بالقطاع الخاص كان كبيرا، وكان من اللازم وضع استراتيجية تواصلية كبيرة لذلك، صحيح كانت وسائل الإعلام حاضرة بقوة، غير أن بصمة الوزارة كانت ضعيفة.
وبعد قرب التخلص من الأرقام الكبيرة في الإصابات بهذا الوباء، ظهرت فجاة البؤر الصناعية، وبدا واضحا كل عيوب الوزارة في تتبع ظروف العمل بالقطاعات، التي واصلت عملها خلال فترة الحجر الصحي، وبدت معطيات صادمة عن غياب جهاز الرقابة والتفتيش، وكانت صرخات العمال المرعوبين من خطر الإصابة قد غطت حتى على الخرجات الأولى، التي حاول فيها الوزير الشاب الظهور بصورة ربان الأزمة المتيقظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.