رسم الرئيس عبد المجيد تبون، صورة قاتمة لحالة الاقتصاد الجزائري، وذلك خلال افتتاحه أشغال لقاء حكومته بالولاة. تبون الذي توجه للمسؤولين "بتعليمات صارمة" من أجل "ضرورة التقرب من المواطن والاستجابة لانشغالاته.. ومحاربة كل أشكال الرشوة والفساد والبيروقراطية"، هو نفسه الذي كان يتحدث قبل أسبوع في أديس أبابا، موجها كلامه للأفارقة، ومعلنا استعداده لمواصلة الإنفاق بسخاء على عصابة البوليساريو! الرئيس تبون في لقاء أمس مع مسؤوليه المحليين، حثهم "على العمل من أجل التغيير والقطيعة مع الممارسات القديمة والتقرب من المواطن لكسر الحاجز الذي بناه العهد البائد بين المواطن والدولة حتى تسترجع الثقة المفقودة"، لكنه هو بالمقابل في علاقته بالبوليساريو، يفتح دفتر شيكات شعبه من أجل الدفع بسخاء، ليس فقط للقيادة الانفصالية، بل أيضا لفائدة شراء ذمم بعض الأصوات النشاز التي تدور في فلك الجزائر. تبون الذي يصدر لشعبه الأزمة ويعترف هو ورئيس حكومته، بأن وضعية البلاد الاقتصادية كارثية، ويطالب ولاته ب"الكف عن تقديم الوعود الكاذبة للمواطنين"، هو نفسه تبون الذي يواصل إعطاء الوعود لدعم البوليساريو، بل وتحقيق هذه الوعود على أرض الواقع، عبر تقديم ملايير الدولارات لتحقيق وهم النظام الجزائري. ثم إن السيد تبون الذي شدد في نفس اللقاء أمس، على ضرورة الاستمرار في "محاربة الرشوة واستغلال النفوذ بصرامة"، هو نفسه السيد تبون الذي يواصل تقديم الرشاوى من أجل معاندة المغرب، حيث قرر ضخ 2 مليار دولار لجنوب افريقيا الحليف التقليدي للبوليساريو، و المؤيدة للجزائر في دعمها للبوليساريو، وذلك بالتزامن مع تسلمها لرئاسة الاتحاد الافريقي، حيث تم الإعلان عن عقد اجتماع قريب للآلية الرئاسية المعنية بنزاع الصحراء "الترويكا". ويبدو أن تبون كما هو نظامه يعاني من شيزوفرينيا حقيقية.. سلوك مرضي انفصامي يدفع به حد السخاء الحاتمي، حين يتعلق الأمر بالعداء للمغرب.. والتشقف وقلة ذات اليد حين يواجه شعبه. واقع الجزائر الاقتصادي الذي يعلمه تبون قبل حكومته، لم يعد سرا، بعد أن حذر خبراء دوليون من ارتفاع التضخم في الجزائر، التي أصبح وضعها شبيها بوضع فنزويلا، موضحين أن انهيار الاقتصاد الجزائري مع نهاية عام 2020 ، أصبح أمرا وشيكا إذا استمرت الحكومة في عدم البحث عن الحلول الناجعة والكفيلة للنهوض مما اعتبروه "المعضلة الحقيقية"، والتي ستؤدي بالجزائر في نهاية المطاف إلى وضع خطير. كما يأتي في ظل وضع اجتماعي خطير، يعيش على وقعه الشعب الجزائري، والذي أصبح يعاني حتى من أجل الحصول على كيس حليب، حيث أصبحت مشاهد الطوابير أمام المحلات التجارية، أمرا معتادا في مدن وقرى الجزائر.