باريس, 29-9-2019 - يكرم الفرنسيون الأحد رئيسهم الاسبق جاك شيراك الذي كان لأربعين عاما من أهم الشخصيات التي طبعت الحياة السياسية في فرنسا بما له وما عليه، وتوفي الخميس عن 86 عاما. وينظم هذا التكريم الشعبي في مجمع ليزانفاليد في باريس، عشية يوم حداد وطني الإثنين ومراسم تأبين رسمية تحضرها شخصيات أجنبية عديدة. واثارت وفاة شيراك الانسان الذي كان محبا للحياة، والسياسي اليميني المريض منذ سنوات طويلة، تأثرا كبيرا في فرنسا التي رأسها لمدة 12 عاما (1995-2007) بعد ان شغل منصب رئيس بلدية باريس من 1977 الى 1995. ومنذ الخميس، حضر مئات الفرنسيين وبعضهم من الشباب، لتوقيع سجلات التعازي التي وضعت في قصر الاليزيه حتى مساء الأحد، معبرين عن إعجابهم بالرجل الذي أطلق منذ 2002 عبارة "بيتنا يحترق" في مواجهة التغيرات المناخية. كما قال "لا" لحرب العراق الثانية واعترف بمسؤولية فرنسا في تهجير اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. وفضل كثيرون تجاهل قضايا ارتبطت باسم الرجل الذي كان في 2011 أول رئيس دولة فرنسي سابق يصدر بحقه حكم جزائي بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ في قضية وظائف وهمية في بلدية باريس. وقال تيبو (23 عاما) الطالب في العمل الإنساني "كان يتمتع بجانب إنساني لا يملكه كثيرون في السياسة اليوم (...) لم يكن مثاليا لكنني أحبه لهذا السبب". وكتبت صحيفة ليبيراسيون اليسارية غداة وفاته "في لحظة غيابه نريد ان نتذكر جاك شيراك الانسان أكثر من الرئيس". اما صحيفة لوفيغارو اليمينية فكتبت ان تعاطف المواطنين مع الرئيس الاسبق يأتي "مما كان" عليه أكثر منه "مما فعل". واعتبرت أنه "تماهى مع ثوابت وتناقضات بلد عرف كيف يجسده كرجل دولة باناقة وانسانية". وكتبت ان شيراك "بفضائلة ولحظات ضعفه كان فرنسيا في العمق". ولتمكين الجميع من لحظة التكريم يفتح مجمع ليزانفاليد العسكري بباريس المعلم الذي يؤوي خصوصا قبر نابليون، للعموم الاحد بداية من الساعة 14,00 (12,00 ت غ). وسيوضع نعش الرئيس الراحل عند مدخل كاتدرائية سان لوي ديزانفاليد. وقال سالا بارو صهر شيراك "كل من أحبوه يمكنهم القدوم" للتكريم. وستقام الاثنين عند الساعة 09,30 (07,30 ت غ) أولا مراسم للعائلة قبل مراسم تكريم عسكرية في باحة مبنى ليزانفاليد بحضور الرئيس إيمانويل ماكرون. واعلن الاثنين يوم حداد وطني وسيقام موكب ديني برئاسة ماكرون الساعة 12,00 بكنيسة سانت سولبيس بباريس. ومن المقرر ان يحضر عديد القادة الاجانب موكب تأبين شيراك. وأعلن نحو ثلاثين رئيس دولة وحكومة حضورهم. وكان الرئيس الالماني ورئيس الحكومة البلجيكية ورئيس المفوضية الاوروبية أعلنوا منذ الجمعة حضورهم. ثم تتالت الاعلانات وبين من أعلنوا حضورهم بالخصوص الرؤساء الروسي والايطالي والكونغولي ورئيسا حكومتي المجر ولبنان. كما أعلن قادة سابقون تزامنت فترات حكمهم مع عهد شيراك حضورهم بينهم المستشار الالماني الاسبق غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء الاسباني الاسبق خوسيه لويس ثاباتيرو والرئيس السنغالي الاسبق عبدو ضيوف. وسيتم الوقوف دقيقة صمت في الإدارات والمدارس عند الساعة 15,00 الاثنين. وكان شيراك تولى الرئاسة الفرنسية مرتين ورئاسة بلدية باريس ثلاث مرات. كما تولى منصب رئيس الوزراء مرتين (1974-1976 و1986-1988). وكان أسس حزبين هما التجمع من اجل الجمهورية والاتحاد من اجل حركة شعبية. وتولى العديد من الحقائب الوزارية منذ ان كان في سن 34 عاما كما انتخب نائبا. وخلال تطورات الاحداث الشائكة احيانا، كان شيراك باستمرار يرفض بلا هوادة اليمين المتطرف ويملك حس التعايش الوطني ويحمل المقاربة الديغولية لدور فرنسا الدولي باعتبارها قوة توازن ومخاطبا للجميع.