الكثير من التقارير الدولية الصادرة عن الهيئات الديبلوماسية أو عن بعض المنظمات الاقتصادية لا تخلو من إشارة إلى الاستقرارالذي ينعم به المغرب، و عندما تقدم مثل هذه المعلومات للرأي العام الدولي فإنها تضع البلاد محل مقارنة مع دول أخرى في ظل سياق إقليمي مشحون ومتقلب. الاستقرار الذي تتحدثه عنه هذه التقارير لا يخلو طبعا من مؤشرات لا تلبي طموح المغاربة، الذين يرغبون في حياة أفضل على كافة المستويات. وخلف هذا الاستقرار ثمة جهود لا يمكن إنكارها ونطمح إلى تطويرها، وهناك ومؤسسات تشتغل رغم الانتقادات الموجهة لعملها لكنها تسعى إلى تجويده باستمرار. تطوير وتحديث المديرية العامة للأمن الوطني لم ينحصر فقط على التجهيزات والتكوين، بل واكب الطفرة التكنولوجية التي أثرت على الكثير من مناحي الحياة سلبا وإيجابا. مواكبة التطور التكنولوجي، هو من صميم العمل اليومي للمديرية وهو عنصر مهم يمكن من حل الكثير من الألغاز التي تحيط بأحداث ووقائع وجرائم تمس أمن المغاربة، لاسيما في ظل السيل العرمرم من الأخبار والصور التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يشبه حملة منسقة لا تستهدف المواطن فقط بل أيضا تستهدف صميم العمل الأمني. ثمرة هذا العمل التقني والعلمي هو الكشف عن العشرات من الصور والفيديوهات التي يتم استعمالها في مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها جرائم وقعت في زمن ومكان مزورين لا يمتان للواقع بصلة. آخر نتائج هذه الأبحاث هو تحليل سبع صور تُظهر أشخاصا يحملون أثارا لجروح وكدمات، باعتبارهم ضحايا مفترضين لاعتداءات جسدية تم تسجيلها في الآونة الأخيرة، واتضح من خلال هذه التحريات أنها صور قديمة سبق توقيف مرتكبيها (حقيقة الصور مفصلة في الصفحة 2). الحملة المنسقة التي تستعمل مواقع التواصل الاجتماعي تهدف بالأساس إلى المس بصورة المؤسسة الأمنية، فهي تارة تسفه عمل هذه المؤسسة من خلال إغراق الحسابات الفيسبوكية بجرائم وهمية، ما يستنتج منه أن مصالحها لا تقوم بحماية المواطنين، ويتم تركيب هذه الأخبار الموثقة بصور وفيديوهات بشكل يجعلها محل ثقة، من خلال تزوير زمان ومكان وقوع الجريمة التي قد تكون حدثت ببلد آخر أو في زمان سابق. من جهة أخرى هناك وجه آخر لهذه الحملة يتجه نحو تصوير المؤسسة الأمنية كغول متوحش لا يضع خطط واستراتيجيات لحماية المواطن، بقدر ما يحول هذه الخطط إلى فخاخ للإيقاع به والزج به في السجن. مواكبة تطور الجريمة والتصدي لها هو من صميم عمل رجال الأمن، بالإضافة إلى باقي المهام الموكولة إليهم من حماية الحدود وملاحقة الخلايا الإرهابية والتصدي لما يمس بالأمن الداخلي للبلاد، وهي مهام لا نعلم بكل تفاصيلها ويتحمل رجال الأمن عبئها ويعرضون أنفسهم لمخاطر من أجل القيام بها حفاظا على الأمن والاستقرار العامين للبلاد. من أبرز الجرائم التي هزت مدينة الدارالبيضاء هذا الشهر هو العثور على جثة فتاة متفحمة وسط حي سكني، وهي جريمة أثارت العديد من التساؤلات وشكلت لغزا تمكنت أول أمس مصالح الأمن من حله بتوقيف أحد المتورطين في الجريمة. وفي نفس اليوم بفاس كانت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية تجني ثمار عمل منسق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من خلال توقيف شخصين يبلغان من العمر 33 و55سنة، وذلك للاشتباه في تورطهما في قضية تتعلق بالحيازة والاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية. المشتبه فيهما، من ذوي السوابق في هذا المجال، أحدهما ترافقه ابنته البالغة من العمر 9 سنوات تم توقيفهما على مستوى محطة القطار بفاس، مباشرة بعد وصولهما من مدينة طنجة وهما في حالة تلبس بحيازة 1720 قرصا مهلوسا من مخدر الاكستازي. المؤثرات العقلية هو تحدي آخر يواجه مصالح الأمن وتعمل جاهدة على الحد من خطورته وتفشيه بحيث تم ضبط كميات مهمة على مدار السنة، من خلال وضع استراتيجية تستهدف مسالك المهربين ومحطات تنقلهم. وعلى مدار السنة كان للمكتب المركزي للأبحاث القضائية دور مهم في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، التي كان يعتبرها بعض المشككين إلى وقت قريب مجرد قصص من نسج خيال المصالح الأمنية، قبل أن يفتك الإرهاب بعدد من أبناء هذا الوطن، ويظهر في صورته العالمية باستهدافه الكثير من الدول. الحملة المنسقة لا تستهدف المؤسسة الأمنية.. سوى لكونها واحدة من أبرز المؤسسات التي تعمل بجد للحفاظ على هذا الاستقرار.