كشفت النتائج الأولية لبحث ميداني، أنجزه السوسيولوجي عزيز مشواط أن الشباب المغربي أكثر تسامحا مع الغير البعيد مقارنة مع الغير القريب. ولاحظ مشواط أثناء تدخله في إطار مؤتمر بالدارالبيضاء حول "التسامح في المنطقة المتوسطة، الأفكار والمؤسسات"، أن الغالبية الكبرى من المستجوبين لا يجدون أي مشكلة في الصداقة مع المختلف دينيا سواء كان مسيحيا يهوديا او شيعيا او حتى ملحدا، غير أنهم يصبحون أكثر ترددا عندما يتعلق بالمختلف دينيا والمنتمي إلى نفس السياق المغربي المحلي. وقال مشواط، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، أثناء المؤتمر الذي نظمته مؤسسة آل سعود بالدارالبيضاء بشراكة مع منظمة ريزيت الإيطالية، أن البحث يهم عينة عشوائية غير تمثيلية تتكون من 610 فردا من المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و45 سنة، ينتمون إلى الدارالبيضاء، القنيطرة، وبني ملال، اعتمد الاستمارة كتقنية لتجميع المعطيات. وضمت الاستمارة، حسب الباحث، ثلاثة أجزاء. يضم الأول أسئلة حول تمثلات المستجوبين لهويتهم وأي هوية يعتبرونها الأهم في انتمائهم. أما الجزء الثاني فيحتوي على أسئلة تهم مواقف واتجاهات المستجوبين اتجاه المختلف دينيا في السياق المغربي وكيفية النظر مثلا للمفطر في رمضان وغيرها. أما الجزء الثالث فيضم أسئلة حول قبول الآخر والتعامل معه. وأوضح مشواط، الباحث بالمركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية بالرباط، بخصوص هوية الانتماء، أن المستجوبين عرفوا أنفسهم بكونهم مسلمين بنسبة 45%ومغاربة بنسبة 36% وأمازيغ بنسبة 12%.ولاحظ المتحدث اختفاء الانتماء إلى العروبة أو الفرانكفونية من اختيارات أفراد العينية، فيما تشترك 7% من المستجوبين في تعريف أنفسهم بالمواطن العالمي والإنساني ورفض الانتماء إلى هوية معينة بصفة نهائية. وفي نفس السياق، اعتبر أكثر من 66% من المستجوبين أن الدين مسألة شخصية فيما توزعت النسبة المتبقية بين اعتباره قضية دولة16% وقضية عائلية 17% . وبالمقابل، يعتقد 50% من أفراد العينة أن تطبيق الشريعة الإسلامية يعتبر حلا لمشاكل العالم الإسلامي، فيما يرفض 32% ذلك، وأجاب 18%بلا أعرف. ومن جهة أخرى، اعتبر 97% من المستجوبين أن الصداقة مع المختلف دينيا لا تطرح أي مشكلة، لكن هذا الانفتاح الظاهري على المختلف دينيا ليس مطلقا، بل يخضع لنوع من التراتبية حيث يحتل المسيحي المرتبة الأولى في درجة القبول، يليه اليهودي ثم الملحد والشيعي. ولاحظ المتحد أن عوامل كثيرة تتدخل في هذه التراتبية حيث أن وضعية الذمي وأهل الكتاب في التمثل الإسلامي وفي النصوص تجعل الشباب يتعامل مع المختلف دينيا بنوع من القبول. غير أن وضعية الشيعي في هذا التصنيف تثير الكثير من الأسئلة حول استمرار وتعمق الفرقة بين جناحي الإسلام الرئيسيين. وأفرزالبحث أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي للمبحوثين كلما ارتفعت اتجاهاتهم نحو التردد في قبول التعامل والتعايش مع الغير المختلف دينيا مع ارتفاع نسبة اعتبار تطبيق الشريعة حلا لمشاكل العالم الإسلامي. وتصل نسبة قبول تطبيق الشريعى لدى ذوي المستوى الجامعي إلى أكثر من 65% مقابل 30% من من الرافضين و5% لا يدرون. ومن جهة أخرى، كشف ذات البحث وجود فروقات دالة بين موقفي النساء والرجال المبحوثين في التعامل مع المختلف دينيا في السياق المغربي الداخلي، فعلى سبيل المثال عبرت ٪54 من المستجوبات عن اتفاقهن مع ضرورة معاقبة المفطرين في رمضان، فيما تصل النسبة لدى الرجال 44%. وبخصوص متغير العمر، كشف الباحث أنه كلما تقدم المستجوبون في العمر كلما اتجهوا إلى تبني مواقف محافظة اتجاه المختلفين دينيا. فعلى سبيل المثال، وصلت نسبة قبول الصداقة مع الملحد لدى الفئة العمرية 25-15سنة إلى37% فيما تنخفض هذه النسبة بشكل ملحوظ مع المتقدمين في العمر لتصل إلى مجرد 30%لدى الفئة العمرية 35-45سنة. يذكر أن مشواط سبق وأن أعد أطروحة دكتوراه حول قيم شباب الدارالبيضاء ومن المنتظر ان تصدر قريبا على شكل كتاب يوجد قيد الطبع. كما أصدر في السابق كتابا حول عشرين فبراير : الهوية، التنظيم والخطاب.