بروكسل, 19-6-2019 - بعد أن عمل لسنوات عدة مراسلا للصحافة البريطانية في مقر الاتحاد الاوروبي في بروكسل، يستعد بوريس جونسون حاليا للعودة الى العاصمة البلجيكية رئيسا للحكومة البريطانية ليتفاوض على بريكست، بعد أن تسلم لفترة وزارة الخارجية. ويبدو أن جونسون الصحافي الشاب في بروكسل لم يترك ذكرى جيدة خلال عمله في أروقة المقر الرئيس للاتحاد الاوروبي. وينقل من عاصروه في تلك الفترة أن الصحافي "بوريس" جسد الشخص الوصولي الذي بنى رصيده على نقل الأخبار المحرفة عن الاتحاد الاوروبي، قبل أن يعود الى بلاده للعمل في السياسة، ويخدع ناخبيه خلال الاستفتاء على بريكست. الا أن بعض الذين عرفوه طيلة عقود لا يستبعدون أن يكون بالنهاية قادرا على التوصل الى اتفاق طلاق مع الاوروبيين رغم هجماته على الاتحاد الاوروبي. يقول بيار سلال المندوب الدائم السابق لفرنسا لدى الاتحاد الاوروبي عن بوريس جونسون الذي عرفه منذ كان الاخير مراسلا للدايلي تلغراف في بروكسل ثم وزيرا "هناك من يعتقدون أن المنصب قد يغير الشخص"، وأن جونسون قد يتغير بعد تسلم مسؤولياته كرئيس للحكومة. وأضاف سلال في تصريح لوكالة فرانس برس "وهناك أيضا الذين يعتبرون أن شخصيته ستبقى هي هي، خاصة وأن تسلمه وزارة الخارجية لم يغير كثيرا من تصرفاته". وقال هذا الدبلوماسي أيضا "اعتقد بأننا سنعرف الجواب سريعا جدا". وفي حال حصل كما هو مرجح، وخلف جونسون تيريزا ماي في رئاسة الحكومة البريطانية، فسيطالب كما وعد بالعمل على ادخال تعديلات كبيرة على اتفاق الخروج الذي توصلت اليه ماي مع بروكسل. وبما أن جواب الاتحاد الاوروبي المتوقع سيكون بالرفض فسيتجه جونسون نحو الانفصال بدون اتفاق. مع العلم أن أوساط رجال الاعمال في المملكة المتحدة يخشون حصول فوضى في العلاقات التجارية بين المملكة وشركائها، في حال الخروج من دون اتفاق ما قد يؤثر سلبا على الاقتصاد البريطاني. باسكال لامي المدير السابق لمنظمة التجارة العالمية ورئيس مكتب رئيس المفوضية الاوروبية في التسعينات جاك دولور، عرف عائلة بوريس جونسون منذ فترة طفولة الاخير التي أمضاها في العاصمة البلجيكية. ويتذكر لامي الشاب اليافع بوريس وهو يلعب كرة المضرب في بروكسل عندما كان يعيش مع أهله، ثم صحافيا في قاعة الصحافة في مقر المفوضية، قبل أن يتابع مسيرته السياسية التي أوصلته الى بلدية لندن ثم وزارة الخارجية. ويعتبر لامي أن موقف بوريس جونسون الداعم بقوة لبريكست نابع من حسابات لها علاقة بطموحاته الشخصية، اكثر مما هي عائدة لقناعاته الفعلية. وردا على سؤال لفرانس برس قال لامي "لا أعتقد أن لديه موقفا متبلورا من بريكست (...) الشيء الوحيد الذي يؤمن به بوريس جونسون هو بوريس جونسون". وأضاف لامي أنه في حال خلف بوريس جونسون تيريزا ماي "وبعد وصوله الى 10 داونينيغ ستريت فان هدفه المقبل سيكون العمل للبقاء. وبعد ذلك فان الاستراتيجية الوحيدة التي ستسيره هي التي تتيح له البقاء رئيسا للحكومة". وتابع لامي "وعندما سيقال له في بروكسل أن اتفاق الانسحاب غير قابل لاعادة التفاوض، فسيعود الى بلاده ليقول للطبقة السياسية هناك +اسمعوا يا أصدقائي لا بد من اتخاذ قرار والقرار لكم". إلا أن آخرين يخشون ردة فعل سلبية من الاوروبيين ازاء جونسون في حال استخدم اسلوبا فظا في التخاطب معهم. وقال بيار سلال بهذا الصدد "في حال تصرف على الفور بشكل عدائي كما باشر القيام بذلك عبر المطالبة باعادة التفاوض، فإن الأمور ستتجه سريعا الى الاسوأ". وختم سلال بالقول "وستكون النتيجة عندها قيام اجواء في بروكسل تدفع نحو تسريع الخروج ولو من دون اتفاق".