يعد الإسلامي محمد مرسي، الذي توفى الاثنين عن عمر 67 عاما، أول رئيس منتخب ديموقراطيا في تاريخ مصر، لكنه قضى عاما واحدا في سدة الحكم قبل أن يطيح به الجيش في العام 2013 ويموت خلال محاكمته. وأطلقت عملية الإطاحة بمرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، الذي انتخب رئيسا في يونيو 2012 بعد الثورة على نظام حسني مبارك، حملة قمع واسعة قتل فيها مئات من أنصاره ومثلت ضربة موجعة لتيار الإسلام السياسي في مصر. وصدرت أحكام بالإعدام والمؤبد ضد مرسي الذي واجه خمس محاكمات منذ إطاحة الجيش به في 3 يوليوز 2013 اثر تظاهرات حاشدة احتجاجا على فترة حكمه التي اتسمت باضطرابات سياسية واقتصادية كبيرة. وألغت محكمة النقض في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 حكمين بالإعدام والمؤبد ضده في قضيتي "الهروب من السجن" و"التخابر مع قوى أجنبية" على التوالي وقررت إعادة محاكمته، فيما أيدت نفس المحكمة حكما نهائيا بسجنه 20 عاما في أحداث عنف أخرى. وتوفي مرسي الاثنين اثناء حضوره جلسة إعادة محاكمته في قضية "التخابر" التي تعقد في أكاديمية للشرطة في جنوبالقاهرة. وقالت مصادر أمنية وطبية إن "مرسي تحدث أمام المحكمة لمدة 20 دقيقة وانفعل ثم أغشي عليه ونقل الى المستشفى حيث توفي". ولمرسي أستاذ الهندسة وعضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين، تاريخ سياسي حافل قبل الإطاحة بمبارك في فبراير 2011. في العام 2000، اصبح مرسي نائبا في مجلس الشعب ثم اعيد انتخابه في 2005 قبل سجنه سبعة اشهر بسبب مشاركته في تظاهرة مؤيدة لحركة القضاة التي طالبت انذاك باستقلالية القضاء. وفي 2010 اصبح مرسي متحدثا باسم جماعة الاخوان المسلمين وعضوا في مكتب الارشاد (المكتب السياسي للجماعة). واعتقل مرسي مجددا لفترة قصيرة في 28 يناير 2011 بعد ثلاثة ايام من اندلاع الانتفاضة التي اسقطت مبارك. ومع إطلاق الجماعة لحزبها السياسي بعد الثورة، أصبح مرسي أول رئيس لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للاخوان المسلمين. ورغم ذلك، لم يكن مرسي مرشح الاخوان الرئيسي في انتخابات 2012 الرئاسية بل كان مرشحا احتياطيا دفعت به الجماعة بعد استبعاد مرشحها الاساسي ورجلها القوي خيرت الشاطر. واستخدم معارضو الإخوان آنذاك لفظ "الإستبن" (الإطار الاحتياطي للسيارة) للسخرية من مرسي. وفي الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، اضطر كثير من الناخبين لاختيار مرسي كتصويت احتجاجي ضد منافسه احمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك. وفاز مرسي بالمنصب الرفيع في مصر بفارق ضئيل عن شفيق، ليصبح أول رئيس إسلامي للبلاد. وبعيد انتخابه، اقسم مرسي، صاحب اللحية الخفيفة والنظارات الطبية، في ميدان التحرير انه "سيكون رئيسا لكل المصريين". لكن الميدان ذاته وشوارع اخرى عبر البلاد فاضت بمعارضيه المطالبين برحيله بعد عام واحد فقط من توليه الحكم. وفقد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين التي تاسست قبل نحو 90 عاما الحكم بشكل دراماتيكي وسريع. فالاخوان المسلمون، القوة السياسية الاكثر تنظيما في مصر والتي اكتسحت كافة الاستحقاقات الانتخابية بعد الاطاحة بمبارك، فشلت في الاحتفاظ بالحكم رغم سيطرة كوادرها على مئات المناصب التنفيذية في مختلف مفاصل الدولة. والجماعة الان محظورة وصنفتها السلطة "تنظيما ارهابيا" في ديسمبر 2013. وخلال 12 شهرا، شهدت مصر اضطرابات سياسية متواصلة على خلفية اتهام معارضي مرسي بتكريسه السلطة في أيدي الاخوان المسلمين وبالعجز عن انقاذ الوضع الاقتصادي المتردي. وفشل مرسي الذي اشتهر بخطاباته السياسية الطويلة في احتواء هذا الغضب الشعبي، قبل ان يطيحه الجيش من الحكم بقياده وزير الدفاع الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. واعتبر مرسي إطاحته "انقلابا" وأصر أنصاره على أنه يبقى الرئيس الشرعي للبلاد. ومنذ عزل مرسي، تشن السلطات حملة قمع في حق انصاره خلفت مئات القتلى وآلاف المحبوسين. وصدرت احكام بالاعدام على مئات من انصار مرسي في محاكمات جماعية سريعة وصفتها الاممالمتحدة بانها "غير مسبوقة في التاريخ الحديث". وألغيت أحكام كثيرة لاحقا بسبب "ثغرات قانونية". وشهدت مصر منذ إطاحة مرسي موجة من التفجيرات والهجمات التي استهدفت قوات الأمن خصوصا في شمال سيناء، التي تعد معقلا للفرع المصري لتنظيم الدولة الإسلامية. ويقول بعض الجهاديين إن هجماتهم تهدف للثأر من حملة القمع ضد الإسلاميين. وبعيد اطاحته، ظل مرسي محتجزا في قاعدة عسكرية في مكان مجهول حتى ظهر علنا للمرة الاولى مع بدء محاكمته في الرابع من نوفمبر 2013. ولم يعترف مرسي، اول رئيس من خارج الجيش في مصر، بهيئة المحكمة التي حاكمته كما لم يعين فريقا للدفاع عنه، انما تولى الدفاع محامون يتابعون الاجراءات القانونية فقط. وفي أولى جلسات محاكمته في خريف العام 2013، قال مرسي بتحد لقاضيه "أنا الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية ... لقد كان انقلابا عسكريا. ينبغي محاكمة قادة الانقلاب امام هذه المحكمة". ولاحقا جرى وضع مرسي في قفص زجاجي عازل للصوت لمنعه من مقاطعة القضاة. وتم تثبيت هذا الحكم نهائيا في أكتوبر 2016. وصدر ضده حكم بالإعدام في قضية "الهروب من السجن" إبان الثورة على مبارك وحكم بالمؤبد في قضية "التخابر مع قوى أجنبية"، في إشارة إلى حركة حماس ودولة إيران. لكن جرى نقض الحكمين لاحقا. ومرسي المولود في 8 غشت 1951 في قرية العدوة في الشرقية بدلتا النيل، استاذ جامعي حصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة عام 1975 ثم حصل عام 1982 على درجة الدكتوراه من جامعة جنوب كارولاينا في الولاياتالمتحدة. ومرسي متزوج واب لخمسة ابناء. وأسامة ابنه محبوس منذ ديسمبر 2016 على ذمة اتهامات ب "التحريض على العنف" في قضية تتعلق بفض قوات الأمن لاعتصامي الإسلاميين في 2013.