رفضت جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ مجموعة من توصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي تضمنها تقرير جديد للمجلس يحمل عنوان "جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ:شريك أساس في تحقيق مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء" . وانقسمت آراء ممثلي هذه التنظيمات خلال مناقشة مضامين التقرير، الذي تم تقديمه الخميس 30ماي 2019بمقر المجلس، حول ثلاث توصيات أساسية بدرجة كبيرة. تتعلق التوصية الأولى بوضع نظام أساسي موحد لهذه الجمعيات. وتهم الثانية اعتبار وجود حالة التنافي بين انتماء الأطر التربوية والمسؤولين التربويين في جمعية آباء وأمهات وأولوياء التلاميذ واشتغالهم بذات المؤسسة الموجودة بها الجمعية. فيما تتعلق التوصية الثالثة بتعدد هذه الجمعيات داخل المؤسسة الواحدة. ورفضت غالبية المتدخلين من ممثلي هذه التنظيمات الحاضرة هذه التوصيات بمبررات مختلفة واعتبرت أنها ستسبب في مزيد من الهشاشة لهذه الجمعيات والتشتت بل والفوضى مثلما جاء على لسان البعض. فيما اعتبر المتدخلون توحيد النظام الأساسي بمثابة مدخل لفرض الوصاية على الجمعيات . وعاب متدخلون على تقرير المجلس "سطحية" مقاربته للموضوع وعدم نفاذه إلى صلب المشاكل الحقيقية، التي تعيشها جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ مثلما أكدت بعض المداخلات، التي قالت إن التقرير لم يلامس جوهر الموضوع. ووصف المتدخلون المقاربة التشخيصية للمجلس بالناقصة طالما أنها لم تثر إشكاليات الحكامة والشفافية والتدبير لهذه التنظيمات، ولم تتحدث، كذلك، بحسبهم، عن الإكراهات، التي تقلص من هامش التدخل والفعل عندها. واعتبر المتدخلون أن التقرير تجاهل إثارة الشفافية المالية للجمعيات، التي أكدوا أن مجموع ميزانيتها تناهز 60مليار سنتيم سنويا. وقد جرد تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي وجود 9043 جمعية من جمعيات آباء وأومهات وأولياء التلاميذ بالمؤسسات التعليمية العمومية برسم 2017 بما يناهز نسبة تمثيلية 83.43في المائة . هذا فيما ذكر غياب هذه التنظيمات بالمؤسسات الخاصة وفق ما أفاده 52.7في المائة من المستجوبين حول الموضوع . وسجل التقرير ، الذي يحمل عنوان "جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ:شريك أساس في تحقيق مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء"، أن هذه الهيئات قد حققت على المستوى العددي نسبة تغطية مهمة لمؤسسات التعليم المدرسي العمومي، سواء تعلق الأمر بالوسطين القروي أو الحضري أو بمؤسسات التعليم الابتدائي، أو الإعدادي. واعتبر التقرير، الذي أنجزته اللجنة الدائمة للخدمات الاجتماعية والثقافية وانفتاح مؤسسات المنظومة التربوية على محيطها، أن نسبة التغطية، رغم كونها مهمة بالقطاع العمومي، فهي تُخفي بعض التفاوتات بين مختلف جهات المملكة، وبين الوسطين الحضري والقروي، وبين المستويات التعليمية الثلاثة. وكشف التقرير، تبعا لذلك، أن العديد من المؤسسات التعليمية العمومية، على غرار نسبة هامة من المؤسسات الخاصة، لا تتوفر على هذه الجمعيات، ولاسيما في الوسط القروي، وفي التعليم الابتدائي. وساق التقرير نتائج البحث الهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس حول "الأسر والتربية" ( 2018) . إذ كشف البحث أن نسبة انخراط آباء وأمهات وأولياء التلميذات والتلاميذ في هذه الجمعيات على صعيد المؤسسات التعليمية التي تتواجد بها لا تتعدى31.3 في المائة علما أن نسبة المشاركة في أنشطة الجمعية تنخفض إلى 25.3 % فقط من بين المنخرطين . ولفت التقرير إلى عزوف نسبة هامة من أولياء أمور التلاميذ عن حضور الجموع العامة لهذه الجمعيات، مما يؤدي إلى انعقادها بمن حضر، وبأعداد قليلة في كثير من الأحيان، وإلى وجود صعوبات كثيرة في علاقة هذه الجمعيات بمنخرطيها وبأسر التلاميذ كافة، وهو ما يؤكد اتسام العلاقة بينهما بالضعف، لدرجة أن بعض الآباء والأمهات قد لا يعلمون بوجود هذه الجمعيات. ومن ضمن الإكرهات والصعوبات، التي رصدها التقرير في ما يتعلق بمحدودية انخراط الأسر في هذه الجمعيات، فقد سجلت الوثيقة أن درجة الانخراط تضعف أكثر في أوساط الأسر ذات الدخل الضعيف إلى 15.9في المائة، بينما ترتفع لدى الأسر ذات الدخل المرتفع إلى 47.3في المائة. وسجل التقرير، كذلك، أنه كلما ارتفع المستوى الدراسي لولي أمر التلميذ (ة)، كلما تحسنت نسبة المشاركة الفعلية في اجتماعات الجمعية: (الثانوي فما فوق:43.5في المائة، مقابل19.8في المائة فقط لدى الذين لا يتوفرون على أي مستوى دراسي). وزاد التقرير موضحا أن أولياء أمور التلاميذ في التعليم الخاص أكثر تتبعا للمسار الدراسي لبناتهم وأبنائهم، مع حرص المؤسسات الخاصة، على العموم، على التواصل المباشر معهم، دون حاجة، في الغالب، لهذه الجمعيات. ولفت التقرير إلى أنه رغم كون هذه الجمعيات توجد أكثر في التعليم العمومي، مقارنة بالقطاع الخاص، فإن هذا الأخير يعرف إقبالا أكبر للأسر على الانخراط في هذه الجمعيات، عند وجودها، (53 في المائة مقابل 29.6 في المائة فقط بالقطاع العام). كذلك، نبه التقرير إلى أن نسبة انخراط الأسر في هذه الجمعيات في الوسط القروي هي أضعف من الوسط الحضري (24.9 في المائة مقابل 34.2 في المائة).