أسواق نموذجية كلفت ميزانية مهمة لتطهير المجال في منطقة البرنوصي تنتهي بقبح مجالي وتدبيري فضيع، قيسارية جميلة تتحول إلى فضاء مقرف للتبول وقضاء كل الحاجات الشاذة أمام أعين ساكنة فضلت إقال شبابيك منازلها، وسوقين نموذجيين تم هجرهما لاحتلال شوارع الحي، وساكنة تستغيث من سلطات عاجزة على مواجهة بلطجة تتمدد. ساكنة حي القدس المجاورين لمسجد فاطمة الزهراء يعانون في صمت. هجوم غير مبرر على مساكنهم، واحتلال لواجهات منازلهم، بل واحتلال «كراجات» خاصة بهم، أعدمت كل إمكانية جلب سياراتهم بالقرب من محلات سكنهم، التصقت بجدران منازلهم أعشاش عشوائية لتجار قدموا من خارج كل القوانين لاحتلال شوارع بالقوة بالرغم من تواجد سوقين نموذجيين بالقرب منهم. منطقة البرنوصي التي تسوق كنموذج ناجح في التعامل مع الأسواق العشوائية، لا زالت تحمل في بطنها تشوهات بحي القدس، الذي يقدم نموذجا لاحتلال غاشم للمرات والشوارع وواجهات المنازل، داخل السوقين النموذجيين هناك أشباح من الدكاكين التي لا زالت تصارع برودة المكان الذي هجره أغلب المستفيدين من هذه الأسواق، واختيار عدد منهم للشارع فضاءا لممارسة أنشطتهم. قصة ما يقع بهذا الحي المنكوب ترتبط بسياقات كثير، ومنها قصص السوقين النموذجيين ، فبعد نقل باعة السوق العشوائي الذي كان يسمي «سوق الأكراد» إلي مقره الجديد منذ سنوات ، كانت العملية غير سليمة، ويحكي تجار عايشوا هذه الفترة عن تجاوزات وخروقات، حيث كانت الاستفادة عشوائية وغير مضبوطة، ودخل أناس لا علاقة لهم بالتجارة ، وهو ما فتح باب البيع والشراء مباشرة بعد تسلم الدكاكين. وحسب شهادات متفرقة من تجار السوق، فإن دخول سماسرة على الخط ليعوضوا الجهات المسؤولة سمحت بسيادة فوضى وتلاعبات، وانتهت باحتجاجات، لتنتهي قصة السوق النموذجي بتمرد جعل مجموعة من الباعة يسيطرون على الحي وتم سد منافذه، ووجد سكان الحي أنفسهم مرة أخرى أمام ما يزيد عن مائة محل عشوائي لتجار يقولون إنه تم إقصاؤهم من الاستفادة. السلطة المحلية التي كانت تبحث علي الحفاظ على سبق المنطقة في محاربة الأسواق العشوائية عمدت إلى إنجاز سوق آخر ملحق بالسوق النموذجي، وبالرغم من ذلك استمر المحتلون للشارع في عرض بضاعتهم، وتركوا المحلات في السوق الملحق فارغة على عروشها. زيارة قصيرة لهذا لسوق تظهر بلدة ريفية في قلب الحي، دكاكين مغلقة تحول بعضها لمخازن عشوائية للبضائع، وبعضها للعربات المجرورة والذواب، وانتشره الروائح الكريهة، وبقي بضعة تجار يصارعون فضاءا موحشا يستحيل ولوج الزبناء لداخله . المصيبة في قصة هذا الحي هو وجود سوق نموذجي حقيقي وقيسارية تم إنجازها من طرف شركة «سنيك» العمران، والتي قامت بتهيئة تجزئة القدس بكل مرافقها، ومع ذلك لم يخضع التجار المحترفون للعشوائيات، واختلطت فيها كل أنواع التواطؤات، والثابت فيها تمدد متجدد للزسواق العشوائية التي تولد كل يوم، آخرها سوق بيع الأثاث القديم ، وتحولت ساحة المسجد والأزقة القريبة منه إلى مطرح نفايات بعد انتهاء كل أمسة تسوق يرفض التنظيم .