«الموثق اليوم أصبح مطلوبا منه لا فقط تحرير العقود وتوثيقها، بل أن يكون مستشارا ماليا وجبائيا وإداريا وخبيرا في علم التواصل والاقتصاد والسياسة الداخلية والدولية وعلم النفس والاجتماع...»، هكذا شخص مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المهام المرتبطة بمهنة التوثيق العصري، وهو يتحدث أمام المؤتمرين خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الموثقين الذي تحتضنه مدينة مراكش ما بين 18 و20 مارس الجاري. الجلسة الافتتاحية لمؤتمر التوثيق الرئيس الأول لمحكمة النقض، أكد في كلمته الموجهة إلى المؤتمر أن التزامات الموثق «وضحتها محكمة النقض في أحد قراراتها سنة 2010»، حيث أكدت أن «مهنة الموثق لا تقف عند حد إضفاء الصبغة الرسمية على الاتفاقات بين الأطراف»، بل إنه «يعتبر مستشارا ومرشدا لزبنائه وأمينا وحريصا على أن يتم التعاقد في أحسن الظروف، دون أن تشوبه أي شائبة من شأنها الإضرار بالأطراف وإثارة النزاعات». وقد أشار مصطفى فارس إلى أن مهنة التوثيق بالمغرب «عرفت حدثا تاريخيا سنة 2012 من خلال صدور قانون 32.09 الذي جاء بعد أكثر من 85 سنة من تطبيق قانون 1925 المقتبس بدوره من القانون الأساسي للتوثيق الفرنسي لسنة 1803»، قانون قال رئيس محكمة النقض إن مقتضياته «حاولت إبراز المكانة الاعتبارية لمهنة التوثيق وتجسيد أهمية الدور الذي يلعبه الموثق والعقد التوثيقي في مجال استقرار المعاملات كمدخل أساسي لتحقيق التنمية، وضمان الأمن التعاقدي»، عبر «حماية حقوق المتعاقدين والمساهمة في توقي حدوث المنازعات أو في حلها»، من خلال «مساعدة القضاء على إصدار أحكام عادلة استنادا على عقود مصاغة بطريقة مهنية متقنة». وقد اعتبر الرئيس الأول لمحكمة النقض أن قانون التوثيق «عمل على مراعاة خصوصيات المهنة والأدوار المنوطة بها وطنيا ودوليا، والشروط الواجب توفرها سواء في الموثق أو العقد التوثيقي، وآليات حماية حقوق الأطراف والغير، وإيجاد التوازن بين مصالح مهنة التوثيق وضبط علاقاتها مع العديد من المؤسسات القضائية والمالية والإدارية في إطار مقاربات تشاركية مندمجة وحكامة مهنية مسؤولة». وقد خلص الرئيس الأول لمحكمة النقض إلى أن «فعالية مقتضيات قانون التوثيق تبقى رهينة بالضمير المسؤول والإرادة الجادة»، التي ترقى بمستوى مهنة التوثيق التي «تيسر الولوج للقانون وتلعب دورا محوريا في دولة الحق والمؤسسات».