لم تكن ليلة الأحد عادية، فلم ينم الجزائريون الرافضون لترشح عبدالعزيز بوتفليقة للانتخابات الجزائرية بل خرجوا في مظاهرات ليلية في الجزائر كلها ، رغم أن كل المؤشرات كانت تؤكد ترشحه، إلا أن لحظة تأكيدها كانت صعبة عليهم. ويبدو أن رسالة الرئيس الجزائري، الذي تعهد فيها بتنظيم انتخابات مسبقة في غضون سنة، لا يترشح فيها، لم تسهم في تهدئة الشارع، إذ سارع آلاف المواطنين للتعبير عن رفضهم في مظاهرات واعتصامات بأغلب الولايات. الرئيس بوتفليقة، الذي لا يملك الجزائريون خبراً عن مكان تواجده، يوم تقدمه بملف الترشح بطريقة استعراضية للمجلس الدستوري، حين حمل 8 سيارات نفعية استمارات ترشحه، استجاب لأول مرة لمسيرات الفاتح من مارس، التي طالبته بالعدول عن الترشح لعهدة خامسة. وبعد يوم طويل من الترقب وتوجيه الأنظار صوب مقر المجلس الدستوري ببن عكنون بالجزائر العاصمة، عاشت الجزائر ليلة طويلة، إذ خرج آلاف المحتجين فور تلقيهم نبأ ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة. وفي حدود الساعة التاسعة ليلاً، وصل أول المتظاهرين شوارع مدينة جيجل شرق البلاد، لتتوالى أخبار الاحتجاجات في جميع الولايات تقريباً، شرقاً وغرباً، واستعادت العاصمة بعضاً من أجواء الجمعة الماضي بمظاهرات ومسيرات انطلقت من الأحياء الشعبية، كباب الوادي، بلوزداد، حسين داي، باتجاه وسط المدينة، وبالأخص شارعي العربي بن مهدي وديدوش مراد وساحتي موريس أدوان والبريد المركزي. وردد المحتجون ذات الشعارات الرافضة للعهدة الخامسة والعصبة الحاكمة، على غرار «مكاش (لا توجد) الخامسة»، و «كليتو (أكلتم) البلاد يا السراقين»، وكذا العبارة الشهيرة «جيبو البياري جيبو الصاعقة، مكاش الخامسة يا بوتفليقة». كما غنا المتظاهرون بصوت واحد: «اليوم اليوم المباتة (المبيت) برا (في الشارع)». وتنقل الرافضون لخامسة بوتفليقة في مسيرات بين الساحات المعروفة ومقرات الولايات والبلديات. واللافت في المظاهرات الليلة، أنها كانت عفوية، ولم تسبق بأية دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي مثلما حدث مع مسيرات 22 فبراير و1 مارس. وبعد مرحلة حبس الأنفاس، التي عرفها الجزائريون طيلة يوم كامل، جاء الدور على وضع اليد على القلب خوفاً من أية انزلاقات خطيرة. ودعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الكف عن التظاهر ليلاً، لما في الأمر من خطورة، بسبب إمكانية تسلل مندسين يمتهنون التخريب والتعدي على الأملاك وما يتبع ذلك من احتمالات إعلان حالة الطوارئ. وفي السياق، دعا الإعلامي الجزائري الشهير حفيظ دراجي، على صفحته الرسمية بفيسبوك إلى عدم التظاهر ليلاً. ولم تمنع أحداث العنف التي عرفتها مسيرات الجمعة الماضي، بالموقع، متظاهرين من السير في جنح الليل باتجاه قصر رئاسة الجمهورية ببلدية المرادية، الذي يخضع لرقابة أمنية مشددة، فيما دوى صوت المروحيات ليلاً فوق رؤوس سكان العاصمةّ. وإلى جانب التظاهرات السلمية، التي خرجت ليلاً، انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بعصيان مدني، وأنشئ للغرض دعوة نالت اهتمام حوالي 400 ألف متابع. وحدد تاريخ العصيان المدني من الإثنين 4 مارس إلى غاية الجمعة 8 مارس. وأرسلت الدعوة عبر تطبيقات الرسائل الخاصة، مثل فايبر، واتسآب وماسنجر، مع عبارة قصيرة «انشر» و «شارك». الأمر الذي دفع المواطنين إلى الإسراع في اقتناء أكبر قدر من ممكن من المواد الغذائية، لتخزينها، بعد شائعات الإضراب المحتمل للتجار ومختلف المؤسسات في إطار التصعيد ضد ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة.