مرة أخرى تخرج خفافيش الظلام من جحورها وتزهق أرواح بريئة. جريمة امليل نواحي مراكش كشفت أن شبح الارهاب الاعمى يلاحق مجتمعنا المغربي, ويصر على تقويض كل قيم التعايش والتسامح التي ميزت أبناءه عبر العصور. كل الغيورين على أمن واستقرارا المملكة يتذكرون الاحداث المؤلمة لسنة 2003 بالدار البيضاء. تلك الجرائم الارهابية أنهت ما سمي بالاستثناء المغربي, وأكدت أن الارهاب رغم كونه غريبا عن مغاربتنا, لكنه خطر يهدد تلاحم كل مكوناته الدينية. الكل يتذكر جرائم ارتكبت باسم الدين من جماعات تكفيرية متطرفة, منها "الصراط المستقيم" والسلفية الجهادية وغيرها من الخلايا التي تناسلت وارتكبت اعتداءات في مختلف المدن وخطط غير ما مرة لتحويل المغرب الى حمام دم وأيضا اغتيال شخصيات من عالم الفكر والابداع. كان التشكيك يخيم على مخيلة البعض قبل أن يتبدد ويقتنع المغاربة جميعا أن الارهاب وصناعة الموت فيروس يلاحقهم. لقد أبلت مختلف المصالح الأمنية البلاء الحسن في تعقب الخلايا الارهابية طيلة السنين الأخيرة, وفككت عددا منها. كما أفشلت كل محاولات تنظيمات اقليمية ودولية ايجاد موطىء قدم لها على التراب الوطني وبناء أعشاش لتفريخ خفافيش لا تؤمن سوى ب"صناعة الموت". كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها امارة المؤمنين حرصت على حماية الامن الروحي للمغاربة وتشجيع الاسلام المعتدل والمتسامح. مجهودات أخرى بذلت لاعلاء قيم حب الحياة بتنظيم مهرجانات فنية وثقافية عالمية جعلت من المملكة ملتقى الحوار بين مختلف الثقافات. كل تلك المجهودات أتت أكلها, بل حاصرت ثقافة التعصب وخطابات التطرف. للأسف لا يزال بين ظهرانينا أبواق تنشر عن وعي أو غير وعي ثقافة الحقد والكراهية. بل هناك للأسف من انسلخ عن قيم مجتمع مغربي عرف منذ قرون بتعايش كل أطيافه, بل هناك من انخرطوا في خدمة أجندة قتل حياة الأبرياء وتهديد أمن واستقرار الوطن. آن الأوان لإعلاء قيم حقوق الانسان خاصة حرية المعتقد والحق في الحياة, بل محاربة كل الخطابات التي تناهض فكر التسامح والتعايش الانساني, لكن أيضا مواصلة الجهود لتجفيف منابع الارهاب وتعزيز التسامح والحق في الاختلاف في البرامج التعليمية والدينية وفي الاعلام. كل ذلك لتظل بلادنا وطنا يحتضن الجميع بعيدا عن لعنة خفافيش الظلام.