البحث عن معتقلين ! في ندوتها الصحافية حول حقوق الإنسان، في المغرب وجدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مايفوق الألف وعشرين معتقلا سياسيا في المغرب. من سينصت لرقم مثل هذا أو يطلع عليه سيسأل نفسه بكل تأكيد "من أين للأمديهاش بهذا؟ ومن أين أتت بكل هؤلاء المعتقلين السياسيين؟ وما أسماؤهم؟ وماهي التنظيمات السياسية التي ينتمون إليها والتي تسبب لهم هذا الانتماء إليها في اعتقالهم؟ أو على الأقل ماهي الأفكار السياسية التي يعتقنها الألف وعشرون معتقلا سياسيا حسب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والتي جعلتهم يدخلون غياهب السجون؟" من يعرف المغرب حقا لن يجد من بين هؤلاء معتقلا واحدا في السجن بسبب فكرة أو بسبب انتماء لتنظيم أو انخراط في حزب أو نضال لأجل مبادئ سياسية مثلما يعرف القانون الدولي المعتقل السياسي في كل أنحاء العالم من أين أتت الأمديهاش بكل هذا العدد العديد من المعتقلين؟ هل أدخلت فيهم المتابعين في أحداث الحسيمة؟ لا أحد يظن ذلك لأن هؤلاء اعتقلوا في أحداث تدخل تحت طائلة القانون الجنائي الساري به العمل في البلاد، مثل الاعتداء على رجال السلطة العمومية أو محاولة إحراق مقر لسكنى رجال الشرطةو أو الاعتداء بالحجارة على قرابة الخمسمائة عنصر أمني. أيضا إذا كان القصد من هذا الرقم المبالغ فيه وغير الحقيقي إظهار المغرب أنه بلد اعتقال سياسي يرمي بالعشرات من معارضي مالانعرف فيه إلى السجون ، فالأمر سيكون صعب الإثبات وغير ممكنه إطلاقا، لأن الكل يعرف رحابة تقبل الرأي والرأي الآخر في هذا البلد إلى الدرجة التي تجعل الكل يستطيع قول أي شيء دون خوف من متابعة أو ماشابه. وهذه ليست منة من أحد على أحد، لكنه تطور حتمي، ونتيجة طبيعية لنضال خاضته أجيال من المغاربة أوصلها إلى مساحة الحرية التي تصنع استثناءنا المغربي مما شارك فيه الكل دون أي استثناء ومما أصبح مكتسبا لا قبل للبلد بالتراجع عنه أو العودة إلى الخلف بخصوصه. الحقيقة التي يعرفها الجميع بالنسبة للأمديهاش وتقارير الأمديهاش وندوات الأمديهاش هي أن كل حرف يكتب فيها يسقى من محبرة النهج الديمقراطي، وهذا الأمر في حد ذاته ليس عيبا النقطة الوحيدة غير الطيبة فيه كثيرا هي الالتباس الذي يمنع النهج من التصريح سياسيا بمواقفه، واضطراره إلى الاختباء في المعطف الحقوقي وإلباسه مالايليق به من لبوس ما ينزع عن هذا النضال الحقوقي أي مصداقية، ويمنع أيضا المتخفي السياسي من أن يحظى باحترام الناس طالما أنه لايستطيع المجاهرة بما يفكر فيه ويضطر اضطرارا للمرور من البوابة الحقوقية لتمرير ماشاء من مواقف في النهاية من الخاسر من الحكاية كلها؟ البلد؟ لا أحد يعتقد ذلك، إذ الجميع يعرف محدودية تأثير هاته التقارير وهاته الندوات واقتصارها على عدد محدود من الأفراد لا يستطيعون رغم كل مايفعلونه من محاولات تدويل وتجييش واستناد إلى صحافة أجنبية أن يقنعوا الناس بمايقولونه الخاسر الوحد في الحكاية هو العمل الحقوقي الذي تضرب مصداقيته ويعجز من يحترفونه اليوم في المغرب - إلا من رحم ربك واحترم ماضيه الحقوقي فعلا - عن إقناع الناس أنهم يناضلون لوجه حقوق الإنسان لا لوجه مبادئ سياسية أكل عليها الدهر وشرب تتخفى في جبة حقوقية أوسع منها بكثير مؤسف لكنها الحقيقة دونما رتوشات خادعة، ولعلنا قلائل في البلد ممن نستطيع المجاهرة بهذا الرأي لأنه يغضب الغاضبين الأبديين، لكننا لا نكترث. نحن نقول مايرضي ضميرنا والحقيقة وكفى . البقية مجرد تفاصيل لا أهمية لها على الإطلاق صورة قاتلة ! الصورة التي تناقلها لكثيرون عبر الفيسبوك وتويتر وقية مواقع التواصل الاجتماعي لراعي غنم قيل إنه مات متجمدا من البرد بعد البحث عنه دون فائدة لأيام، هي صورة قاتلة، قاسية، مؤلمة، تدمي القلب فعلا ولا تحتاج لتعليق. طبعا للموت حرمته، وللرجل المسكين الذي قضى بردا حق في أن نحمي صورته وهو ميت، لكن له حقا أكبر بكثير أن نحمي حقه في الحياة وهو معنا لاأحد اليوم من بيننا جميعا يستطيع أن يتخيل كل الساعات والدقائق والثواني الأخيرة من حياة هذا الرجل. فقط سنترك لخيالنا شساعة البحث في أكثر الصور إيلاما وقتامة عن شيء ما يقربنا من هذا الهول الكبير. سنتفحص الصورة كثيرا لمن كان قلبه قادرا على مشاهدتها. سنتفادى الرؤية بالنسبة لمن كانوا أكثر حساسية. سيلعب بها المزايدون كالعادة. سيدافع الآخرون عن أشياء كثيرة، ثم سننسى. ستأتي صورة أخرى أشد وطأة وأكثر إيلاما وستنسينا تبلد أحاسيسنا وتجمد مشاعرنا أمام هذا الموت الزاحف إلينا لا أعرف ذلك الرجل. لا نعرفه جميعا باستثناء أسرته الصغيرة وأقاربه الفعليين. نترحم عليه كل بمقدار معين من صدق أو كذب، ونمضي، باحثين عن حضن دافئ نذيب فيه كل هذا الجليد الراغب في استيطان المكان. لا كلام. الدعاء بالرحمة، والاكتفاء... ورقة حمراء ! بعض اللقطات تسيء لأصحابها أكثر مما تسيء للآخرين. منها مشهد كراسي ملعب طنجة الكبير وكراسي ملعب فاس الكبير التي خربها بعض المحسوبين على أنصار الرجاء والوداد بعد الإقصاء من النصف أمام الوداد الفاسي وبركان المشهد الحضاري الذي تقدمه لوحات التشجيع الرجاوية يجد دائما من ينتقص منه بأساليب بدائية ولا علاقة لها بالحضارة، والناس الذين صفقوا لتشجيع الرجاويين وللوحات حبهم لفريقهم هم نفس الناس الذين تساءلوا بعد نهاية اللقاء وهم يرون الكراسي تتطاير من أعلى ملعب طنجة، عن معنى هاته التصرفات وعن مدى إفادتها لفريق عملاق وكبير وأسطوريمنحجمالرجاء الفرق الكبيرة يلزمها جمهور كبير، وبعض الصغار يسيئون فعلا لتاريخ هاته الفرق ولحاضرها ويسيئون لما هو أهم: لمستقبلها، وهذه مسألة يجب أن تقال لهم مباشرة وألا يتم اللجود فيها لا للمداهنة أو الإشارة المتخفية أو النفاق. المغرب كله يحب الرجاء ويعرف قيمة الرجاء. والكلام ذاته يقال عن الوداد وقيمة الوداد لكن المغرب كله لا يريد أن يرى بعض التصرفات اللاعلاقة لها بالرياضة ولا بأي شيء التي يرتكبها بعض المحسوبين على التشجيع، وهم لا علاقة لهم به على الإطلاق..