خلق وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، نقاشا حادا بمجلس النواب . وأثار الوزير المعين حديثا خلفا لمحمد بوسعيد المُقال من المسؤولية الحكومية، النقاش القديم – الجديد حول "الإسقاط"، الذي يحدث، بين الفينة والأخرى، للأطر داخل أحزاب وتلبيسها اللباس السياسي وتخويلها الانتساب الحزبي لمنحها شرعية الانضمام إلى التشكيلة الحكومية. بنشعبون، الذي كان محط تهكمات الكثير من النواب وهجوم آخرين بسبب انتسابه "الطارئ" لحزب التجمع الوطني للأحرار قبل استوزاره، أثار مواجهة شرسة بين نواب الفرق والمجموعات النيابية وبين فريقه النيابي التجمع الدستوري. الوزير، الذي يحضر الاجتماعات المتواصلة لللجان النيابية للمناقشة التفصيلية لمشروع قانون مالية 2019، بمجلس النواب، وجد نفسه في قلب مواجهة قوية . وهي المواجهة، التي احتدت السبت 3نونبر 2018 ، حينما عبر نواب ينتمون لفريقي العدالة والتنمية ( الحزب القائد للائتلاف الحكومي الذي يضم كذلك التجمع الوطني للأحرار) والاتحاد الاشتراكي وحتى مجموعة التقدم والاشتراكية ( الأغلبية)، وفريقي الاستقلال والأصالة والمعاصرة ( المعارضة)، عبروا عن الاستهجان من هذا التلبيس السياسي لإطار تكنوقراط يُشهد له، مع ذلك ب"الكفاءة" و"الخبرة" . وقد انبرى نواب ونائبات فريق التجمع الدستوري للدفاع عن "وزيرهم" ضد هذه الهجمة الشرسة، وهم يتباهون، وخاصة نواب حزب الأحرار، بأن حزبهم هو "حزب الأطر" مما أثار حفيظة نواب الفرق والمجموعات النيابية الأخرى. فاتهموا حزب الحمامة ب"الاستغلال السياسوي للأطر"، واستنكروا أن تصبح "الأطر والخبرات والكفاءات رهينة المصالح السياسية". وقد أعرب مجموعة من النواب البرلمانيين للوزير بنشعبون في خضم هذا النقاش المحتدم، وهم يثنون على "خبرته"و"كفاءته" العاليتين، عن أملهم في أن يأخذ المسافة ذاتها مع كل الفرق والمجموعات البرلمانية وخاصة تلك التي تشكل الإئتلاف الحكومي بما يخدم انتماءه للحكومة بطيفها المتعدد وليس لحزب معين . ونبه النواب بنشعبون من مغبة الانجرار وراء مصالح الأفراد بما سيضر في العمق حياده واستقلاليته المفترضين في تعامله مع النواب البرلمانيين على حد سواء. ومع ذلك، فإن بنشعبون لم يأبه لهذا الرجاء، ووجد نفسه مضطرا إلى "مجاملة" نواب حزبه التجمع الوطني للأحرار والاجتماع ببعض أعضاء فريق التجمع الدستوري. وذلك، بعد أن تم دفعه قسرا إلى داخل مكتب رئيس الفريق، توفيق كميل.