قالها علاء: ضد إيران يا مغاربة ! وفيصل القاسم يناقش، هذا الثلاثاء، عبر برنامجه ذائع الصيت، والغريب فعلا «الاتجاه المعاكس»، سبب الخروج العربي الجماعي من كأس العالم، وسبب هذه الوحدة العربية في الإقصاء التي لم تتحقق يوما في المجالات الثانية، وجد علاء صادق، الناقد الرياضي المعروف، جملة خطيرة لكي يتحدث بها عن الإقصاء بعد أن قال في وقت سابق إن العرب لن يحققوا ميدالية جماعية واحدة في تاريخهم، وأن كل إنجازاتهم ستظل فردية لأنهم لا يؤمنون بالجماعة، ولا بالعمل المؤسس، وينتظرون الصدفة دوما لأجل العثور على بعض من التتويج في كل الرياضات. قال علاء صادق وهو يتحدث عن الخروج المشرف للمغرب من المونديال عكس «إخوته» العرب الآخرين من مصر وتونس وسعودية وما إليه «لاتنسوا أن المغرب الذي قدم أداء رائعا وكان الأفضل من بين هاته المنتخبات خسر الخسارة الأسوأ. لقد خسر من إيران، في الوقت الذي خسرت الفرق العربية الأخرى التي كانت أقل منه من فرق عالمية لها تاريخ على الأقل في اللعبة. لقد كانت خسارة المغرب الأسوأ فعلا». الناقد الرياضي المصري لم يكن مخطئا تماما، ففي الوقت الذي حاول العديدون جرنا إلى اعتبار الخروج المغربي إنجازا، قلناها نحن هنا في حينه وأوانه: الخسارة مع إيران ضربة موجعة لنا إن رياضيا، أو على مستويات أخرى، وكان بالإمكان تفاديها لو تم التعامل مع ذلك اللقاء بما يليق به من تحضير ذهني أساسا، ومن اختيارات لا تخرجنا بطريقة غبية من المونديال وتفرض علينا الذهاب إلى هاته العطلة الصيفية المبكرة لكي نغني فيها وعبرها وطيلة أيامها على إنجازات لم تتحقق على أرض الواقع تماما. أصابنا في مقتل الدكتور علاء صادق، ولا نجد تجاه كلامه ردا إلا التصديق بالفعل، ونتمنى مثلما قال رونار أن نستفيد من هذا المونديال، وألا ننسى أي شيء، فلا قبل لنا مستقبلا بمن يقول لنا مجددا ورغم النقطة اليتيمة، ورغم المرتبة الأخيرة، ورغم الخسارة مع إيران، ورغم الخروج المبكر جدا إننا حققنا إنجازا عظيما والسلام! مصر تغتال محمد صلاح!! ما الذي وقع للنجم العالمي السوبر ستار محمد صلاح في هذا المونديال الروسي اللعين؟ لا أحد يملك الإجابة، إلا محمد صلاح نفسه واتحاد الكرة المصري، الذي أبدع فعلا في تعذيب النجم القادم من ديار ليفربول المجيدة وفي قتله منذ البدء وقبل المونديال بكثير، وواصل العمل بتفان عربي غريب طيلة المونديال، وكانت النتيجة هي أن صلاح المونديالي، الذي انتظره كل عشاق الكرة في العالم بغض النظر عن جنسياتهم وأديانهم وعرقياتهم، لم نر له أثرا. بالمقابل، رأينا صلاح حزينا لا يستطيع حتى الاحتفاء بهدف لبلاده في المونديال، ولا يلعب الكرة التي أتحفنا بها في روما، ثم جودها وجعلها هدية بالفعل لكل عشاق المستديرة في ليفربول. الحكايات، التي يرويها الصحافيون المصريون عما تعرض له صلاح مخجلة بالفعل إذا صدقت، فهم يقولون أولا إن ضربة الصورة على الطائرة والعقد الإشهاري الذي كاد يفسخه الاتحاد المصري لصلاح شكل بداية المشكل، ثم يتحدثون عن قبض الاتحاد المصري لمليون وثمانمائة ألف يورو التي تعطيها الفيفا للمنتخبات المشاركة مقابل الإقامة وعدم صرف هذا المبلغ في إقامة المنتخب المصري، بل تفضيل الاتحاد النزول بالفراعنة «ضيوفا» عند الرئيس الشيشاني قاديروف في غروزني، وتفضيل ذلك الاستغلال السياسي البشع الذي تعرض له صلاح وقاديروف يقيم على شرفه مأدبة عشاء ويمنحه الجنسية الفخرية، وتفضيل التسبب في إحراج كبير للنجم المصري في إنجلترا، التي سيعود إليها لكي يرد على انتقادات الصحافة البريطانية له بخصوص أدائه المونديالي أولا، وبخصوص هاته الدعوة الغريبة التي تقبلها من رئيس الشيشان، وهو شخص أغرب بطبيعة الحال. نبرع ونبدع فعلا نحن العرب، أو الذين نعتقد أنفسنا عربا في إضاعة المواعد مع التاريخ، وحتى عندما يخرج لنا صدفة، أو بشكل طارئ عبقري، أو عبقرية في مجال ما، نلتف حوله لكي نزيل عنه جينات التوهج هاته، لأنها تزعج أعيننا المتعودة على البؤس والظلام ولكي نطفئه ونجعله مثلنا جميعا: عاديا لا يصلح لشيء إلا للحزن الذي رأينا صلاح يجره جرا وراءه يوم لقاء السعودية المريب. دمنا ودامت لنا هاته الاحتفالات والانتصارات البهية وما إليه من بقية البلاهات... الماكينات الألمانية تتعطل لنراقب ما سيقع في ألمانيا بعد أول إقصاء لهذا المنتخب في تاريخه من منافسات كأس العالم في الدور الأول. لنراقب الرجة التي ستحدث هناك. لنتابع كل القرارات التي سيتم اتخاذها. لنفتح أعيننا جيدا على رد الفعل الألماني على هاته الإهانة، التي لن يبتلعها عشاق المانشافت، ولا صحافة المانشافت، ولا سيرو المانشافت. لنتابع جيدا، ولنحاول بعد أن يمضي ما تيسر من الزمن أن نراقب انعكاس هاته الضربة الموجعة على أداء الألمان مستقبلا في المنافسات العالمية. نراهنكم من الآن أنهم سيكونون الأفضل بعد أربع سنوات في المونديال القطري. نراهنكم من الآن أنهم سيردون للجميع الصاع صاعين أو أكثر، وسيقيلون من وجبت إقالته، وسيعينون من وجب تعيينه، وسيستفيدون من الأخطاء، وسيجعلونها نبراسهم نحو الالتقاء مجددا مع الإنجازات التي ألفوها، والتي كان ضروريا هاته السنة أن يفقدوها لكي يعرفوا أنها ثمينة، وأنها ليست مكتسبات دائمة تهدى بسبب الاسم، بل هي نتائج عمل على أرض الواقع لابد من بذل الجهد للوصول إليه وإلا فالباب مفتوح أمام الجميع، أمام بنما والسعودية للخروج من الدور الأول، وأمام ألمانيا بجلالة قدرها ودون أي إشكال أيضا إذا ما تهاونت واعتبرت أنها أكبر من المنافسة. ترقبوا الدرس الألماني بعد هذا الإقصاء، ومن يعش ير والسلام.