كانت مقبلة على اجتياز الامتحانات لنيل شهادة الإجازة، وختم سنوات الدراسة الجامعية، لكن المخاض الذي داهمها ولم تجد العناية الطبية والاهتمام اللازم عجلها بوضع حد لحياتها وجنينها بعد ساعات من الانتقال من المستشفيات. هي شابة في ريعان الشباب، طالبة متزوجة كانت تنتظر أول مواليدهم، الذي لم يكتب لها أن تراه، كما لم يكتب لها أن تخط بضع كلمات في سجل حياتها، التي أنهاها المخاض العسير والإهمال الطبي. شابة لم تتجاوز من العمر عشرين عاما، لفظت أنفاسها الأخيرة أثناء عملية الوضع التي قذفت بها في اتجاه ثلاثة مستشفيات ام تجد في أي واحد منها حلا لحالتها، ولعل هذا ما جعل مصدر من أسرة الضحية يصرح لنا قائلا أنه «لم يعد أحد يجادل في حالات ارتفاع الوفيات بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس بشفشاون»، أما الأسباب فتبقى متعددة، ومختلفة بحسب الحالات. ولعل هذا ما جعل عدد مِن الفعاليات الجمهورية والمهتمين بالشأن الصحي بشفشاون، يطالبون ب «إيفاد لجنة للتحقيق في هذا الموضوع، خاصة الوفيات في صفوف النساء الحوامل والأطفال». وقد عادت هذه المطالب لتطرح نفسها من جديد بعد أن لفظت الشابة التي كانت في ربيعها العشرين أنفاسها الأخيرة خلال الساعات الأول من صباح أحد أيام السبت شهر ماي الجاري، وجنينها بقسم الإنعاش الطبي بالمستشفى الإقليمي المذكور. وقد خلفت هذه الوفاة استياء عميقا لدى عدد مِن الأشخاص، خاصة أن السيدة الحامل عاشت معاناة حقيقية قبل الوصول إلى مستشفى شفشاون، حيث تم نقلها صباح يوم جمعة إلى مستشفى زومي، الذي مكثت به من الثامنة صباحا إلى غاية السادسة مساء، لتُنقل بعد ذلك من مستشفى زومي إلى مستشفى مدينة وزان ومنه إلى المستشفى الإقليمي إلى شفشاون الذي وصلت إليه في الحادية عشرة ليلا، حيث مكثت به ساعات. وعوض أن تنتظر الفرج بخروج جنينها إلى الوجود، انتظرت قدرها، حيث لفظت بهذا المستشفى أنفاسها الأخيرة رفقة جنينها، بدون تدخل طبي يستطيع تخليصها من الجنين الذي يظهر أنه أبى الخروج إلى الوجود، ليرحل برفقة أمه في رحلة أبدية، تعيد إلى الأذهان حالات الوفيات التي تبقى الحوامل القاصدات مستشفى شفشاون ضحية لها.