تغير كرة القدم العديد من الأشياء في نظرة شعوب دول الاستقبال للمهاجرين عموما. في إيطاليا، وفي عمق شمالها الصناعي الذي يحتفظ بتقاليد تاريخية للهجرة من كل بلدان الضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط، أصبحت صورة قائد المنتخب المغربي ولاعب جوفنتوس العريق، وجها مشتركا لكل المغاربة، تحيطه هالة من الاحترام والتقدير غير مسبوقة في تاريخ المدينة. يكفي أن يعرف محدثك أنك تأتي من المغرب، بغرض تغطية رياضية لمباراة في كرة القدم، حتى ينزع ثوبه المحافظ إن كان موظفا رسميا، ويتحول إلى مشجع لبن عطية، وبالتالي للمغرب أيضا، في اعتراف حر يلغي كل الفواصل. من داخل الصندوق الزجاجي لشرطة الحدود، يعيد إليك الشرطي جواز السفر بعد التأشير عليه بموافقة الخروج، ثم يبادرك بالسؤال: «هل رأيت بن عطية في لقاء الأمس مع صربيا؟ لقد كان ممتازا في كل أطوار المباراة. نفتخر أنه يلعب هنا مع جوفنتوس ومستقبل كبير في انتظاره في السيدة العجوز». الشاب اندريا، صاحب صيدلية في مطار «كازيلي» بطورينو، نسي تماما أن ما لا يقل عن ستة مسافرين من جنسيات مختلفة ينتظرون دورهم للحصول على الدواء الذي أتوا من أجله، ودخل مع طاقم الجريدة في نقاش مفتوح عن كرة القدم، وإقصاء إيطاليا الحزين من كأس العالم، وبن عطية ومنتخب المغرب. أندريا المهووس بحب نادي جوفنتوس الإيطالي قال بالحرف «نفتخر أننا أخيرا وجدنا في المغربي بن عطية خليفة لبونوتشي المنتقل إلى ميلان في مطلع الموسم الكروي الحالي. لاعب كبير بمميزات هائلة، أتمنى له مسيرة موفقة تماما كالتي أتمناها للمنتخب المغربي في كأس العالم. على الأقل ستعيشون نشوة المشاركة في روسيا الصيف القادم، نحن هنا في إيطاليا سنتابع كل شيء عبر التلفاز وشخصيا سأشجع منتخبي المغرب والأرجنتين، لأننا أيضا نعشق ديبالا وهيغواين». فرانشيسكو، سائق سيارة الأجرة وابن مدينة ميلانو، تحدث إلينا بروح لا تخلو من مزاح عن بن عطية، حين ألمح إلى أنه باعتبارنا مغاربة صار لنا إمكانية أن نطلب أي شيء هنا في طورينو، لأن سمعة وشهرة وعشق بن عطية منتشر في أوساط محبي اليوفي. مناسبة الحديث جاءت بعد أن طلب منه طاقم الجريدة، الانتقال إلى ملعب جوفنتوس الجديد، حيث كان الوقت يداهم قبل حلول موعد ركوب طائرة العودة، على أساس أن يضعنا في مدخل مختصر نحو متحف السيدة العجوز، فما كان من فرانشيسكو إلا أن زاد مازحا «يا شباب اتصلوا هاتفيا ببن عطية وستجدون كل الأبواب مفتوحة على مصراعيها». عند بائع الكباب التركي، أو في مقهى الحي... تشعر بنفس الاهتمام والحرارة في الحديث فقط لأنك مغربي، وتحمل نفس جنسية بن عطية. بين وجبة وأخرى، ينتبه مهاجرون من جنسيات أخرى إليك، ويسألونك عن كأس العالم وعن التأهل وعن البلاد التي أنجبت بن عطية. حسام الشاب المصري أحدهم، وكان جوابه واضحا حين سأل عن دور بن عطية وشعبيته في اليوفي، حيث قال ببساطة المصريين المعروفة «ومين ما يحبش بن عطية؟».