تأسست اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمبادرة من رجل اسمه "هنري دونان" قدم يد العون، في عام 1859، إلى الجنود الجرحى في معركة "سولفرينو" ثم حاول اكتساب تأييد القادة السياسيين من أجل بذل مزيد من الجهد لحماية ضحايا الحرب. كانت مبادرة "دونان" تقوم على فكرتان رئيسيتان تنصبان على وضع معاهدة تلزم الجيوش بتوفير الرعاية إلى جميع الجرحى من الجنود وإنشاء جمعيات وطنية تقدم المساعدة إلى الخدمات الطبية العسكرية. و قد صاغ "دونان" فكرتيه في شكل كتاب لإثارة وعي الناس تم نشره في 1862 تحت عنوان "تذكار سولفرينو". واعتمدت لجنة الرعاية العامة الموجودة في مدينة "جنيف" وهي مسقط رأسه، على هاتين الفكريتين وشكلت فريق عمل كان هو النواة التي انبثقت منها اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعيّن "دونان" أمينا له، اجتمع للمرة الأولى في فبراير 1863. وفي أكتوبر التالي، انعقد مؤتمر دولي من أجل تجسيد مفهوم الجمعيات الوطنية، تم الاتفاق خلاله على وضع شعار موحد للتعرف على الأفراد الطبيين الذين يعملون في ميدان المعركة كان في شكل صليب أحمر على خلفية بيضاء، قبل أن تعتمد الإمبراطورية العثمانية (التركية) شعار الهلال الأحمر في سبعينات القرن التاسع عشر. وفي غشت 1864، اعتمد مندوبون من حوالي اثني عشر بلدا اتفاقية جنيف الأولى التي وضعت إطارا قانونيا لتلك القرارات وأضفت عليها الطابع الإلزامي الذي يوجب الجيوش على توفير الرعاية إلى كل الجنود الجرحى بصرف النظر عن طرف انتمائهم في النزاع. وأصبحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بفضل هذه التطورات المصدر الذي انبثقت عنه الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، التي تضم اليوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر والجمعيات الوطنية واتحادها الدولي، والقانون الدولي الإنساني الحديث، الذي يتضمن اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية الثلاثة لعامي 1977 و2006. وتم تنقيح اتفاقية جنيف بعد ذلك لتشمل جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار واعتمدت الحكومات قوانين أخرى (مثل اتفاقيات لاهاي) من أجل حماية ضحايا الحرب. ووسعت اللجنة الدولية في الوقت ذاته، نطاق عملها ليضم أنشطة جديدة مثل زيارة أسرى الحرب وتسجيل أسمائهم على قوائم تنقل إلى عائلاتهم لطمأنتها. وفي نهاية القرن التاسع عشر، كان "هنري دونان"، الذي ساهمت رؤيته في انطلاق العملية كاملة، يعيش بعيدا عن الأضواء في قرية على الجبال السويسرية أجبره الإخفاق الذي عرفته مشاريعه التجارية على الانعزال بعيدا من جنيف ومن الدور النشط الذي تؤديه اللجنة الدولية. وفي عام 1901، أصبح "هنري دونان" والمناصر السلمي الفرنسي "فريديريك باسي" أول من نال جائزة نوبل للسلام.