تأبي الجزائر إلا أن تعاكس وتستفز دوما جارتها المغرب. ذلك ما تأكد من جديد في مناسبة تشييع جثمان الراحل أحمد بن بلة. في يوم الجمعة المنصرم أصر المسؤولون بالجزائر على اقحام وفد البوليزاريو في الجنازة رغم ما يمثله من احراج كبير للوفد المغربي الهام الذي يحضر المناسبة الأليمة. لم يتردد أعضاء الوفد المغرب يتقدمهم رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران والمستشار الملكي الطيب الفاسي الفهري وبعض من الرموز والقيادات الوطنية من بينهم عبد الرحمان اليوسفي ومحمد بن سعيد آيت إيدر وسعيد بونعيلات، في الإنسحاب مباشرة بعد تقديم العزاء للرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة وحضور مراسم تشييع جثمان الفقيد، والتحقوا على الفور بمطار هواري بودين والعودة بسرعة إلى التراب الوطني. قبل أن يعبر اللوفد المغربي عن احتجاجه، توجه بمجرد وصوله إلى العاصمة الجزائر إلى قصر الشعب حيث ترحم على روح الرئيس الجزائري الأسبق وإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان، وحضر بعد ذلك حفل الغداء الذي أقامته السلطات الجزائرية على شرف الوفود المغربي والتونسي الذي كان يقوده رئيس الجمهورية التونسية منصف المرزوقي٬ والموريتاني الذي كان يقوده الوزير الأول مولاي ولد محمد لقظف، لكن الجزائر اختارت أن تعكر مزاج الوفد المغربي بسبب اصرارها على الإحتفاء بوفد من انفصاليي جبهة البوليزاريو . في مقبرة «العالية» حيث ووري جثمان الفقيد الثرى، سيكتشف رئيس الحكومة ومعه بقية أعضاء التمثيلية المغربية الحضور البروتوكولي لوفد من البوليساريو يقوده محمد عبد العزيز، ولم يتردد الوفد من الإنسحاب على الفور من المنصة الشرفية، قبل أن يتوجه إلى مطار الجزائر العاصمة حيث كان في وداعه كما كان عليه الأمر عند وصوله الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى. جالة الملك محمد سبق له أن عزى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في وفاة أحمد بن بلة، أول رئيس للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، الذي وافته المنية الأربعاء الأخير. رسالة التعزية الملكية استحضرت ما كان يربط الفقيد بالمغرب من وشائج التقدير والتضامن إبان فترة الكفاح المشترك من أجل الاستقلال، وما هو مشهود له به من روح وحدوية مغاربية رائدة، مؤكدة على لسان جلالته أن «وفاة هذا الزعيم التاريخي لا تعد خسارة للشعب الجزائري فحسب، بل أيضا خسارة للأخوة المغاربية في جذورها العميقة القائمة على التضامن، وللأمة العربية التي كرس جهوده للدفاع عن وحدتها وعزتها، ومناصرة قضاياها المصيرية». الوفد المغربي تقاسم الحزن الجزائري على فقدان أحد قياداته السياسية، لكن رئيس الحكومة المغربي ومعه الوفد المرافق احتج على حضور رئيس جبهة البوليساريو في تشييع جنازة الراحل، لذلك قرر سحب بعثته المشاركة في المراسم . الجزائر أصرت تعطي حجما كبيرا لوفد البروليزاريو في الجنازة واختارت أن تعيد تعكير صفو العلاقات الدبلوماسية مع جارتها بعد أن أديب جزء كبير من الجليد الذي خيم على سمائهما لسنوات.