«بالأمس كنت بالأعياد مسرورا.. فجاءك العيد في "عكاشة" مأسورا»، مع قليل من "التحوير" لبيت شاعر الأندلس، دفين أغمات، قد ينطبق واقع الحال على القاضي الأديب رشيد مشقاقة، رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، الذي وجد نفسه مطوقا بتهمة أودعه قاضي التحقيق السجن رهن الإعتقال الاحتياطي بموجبها، ليقضي به شهر رمضان وعيد الفطر، وعند اعتبار ملفه جاهزا، شرعت المحكمة في مناقشته أمس الأربعاء، عندما وقف القاضي مشقاقة في منصة الاتهام بالقاعة رقم 5 ، مدافعا عن نفسه، متوسلا بفصاحة لغته، وبيان حجته، وهو القاضي الأديب والأستاذ الباحث، الذي درس على يديه العديد من الملحقين القضائيين، بالمعهد العالي للقضاء، وكذلك المحامين أو في سلك الشرطة بالمعهد الملكي، مبعدا نفيه جنحة الرشوة. ففي جلسة الأربعاء أعاد القاضي مشقاقة التأكيد على براءته من التهم الموجهة إليه، معيدا الرواية التي سبق أن صرح بها لجريدة الأحداث المغربية، منذ توقيفه، كما جاء في بلاغ وزارة العدل متلبسا بتلقي رشوة. وقد نفى القاضي "رشيد مشقاقة"، أن يكون قد طلب رشوة من المتقاضي الذي تقدم بشكاية إلى وزارة العدل، وتم على إثرها توقيفه -كما ذكر بلاغ الوزارة - متلبسا بتلقي رشوة. وأضاف القاضي مشقاقة، أن المتقاضي المشتكي نفى أن تكون بينه وبين رئيس الهيئة أية عداوة، كما نفى أن يكون قد عرضه للابتزاز من أجل استصدار حكم لصالحه، وكل ما في الأمر أنه "خاف أن يصدر حكم قضائي في ملف يقضي بأدائه مبلغ 30 ألف درهم". وقال القاضي الذي كان يتكلم بمرارة إن "المشتكي المتابع في قضية نفقة، ودرءا لصدور حكم ضده، بعد أن أثبتت الخبرة المنجزة في ملفه، بأنه مطالب بأداء مبلغ 30 ألف درهم، استبق الحكم، وقرر التشكي من محاولة ابتزازه، مدعيا مطالبته بأداء مبلغ مالي قدره 5 آلاف درهم. وأكد القاضي رشيد مشقاقة أن المتقاضي استبق الحكم، وعمد إلى تقديم الشكاية ضده، مشيرا إلى أنه التقاه بالشارع العام على مقربة من منزله، ليسلمه ظرفا. وقد حجزت الغرفة الجنحية، لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ملف القاضي «رشيد مشقاقة» المعتقل على ذمة ملف يتعلق بالارتشاء إلى غاية الأسبوع المقبل، بعد إدراج في الملف في المداولة. جلسة الاستماع إلى القاضي الموضوع رهن الإعتقال الاحتياطي بقرار من قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف عرفت إلقاء مرافعات دفاع القاضي، الذين أسهبوا في ذكر مناقب "قاض من عينة خاصة"، مبتعدين به عن شبهة الارتشاء، فبالأحرى أن يكون في يتورط في حالة تلبس بتلقي رشوة زهيدة لا تتعدى قيمتها 2000 درهم. وقد دافع عن القاضي رئيس مشقاقة كل من المحامي عبد الفتاح زهراش، من هيئة الرباط الذي سرد الأدلة التي اعتبرها دليل براءة والقاضي السابق، رئيس المحكمة العسكرية سابقا، المحامي الحالي الذي اتخذت مرافعة منحى شهادة حسن السيرة والسلوك لزميله السابق القاضي مشقاقة، مؤكدا انه طيلة مسيرته بسلك القضاء لم يلمس من تعاملات القاضي المتهم أي سلوك مشين. أما المحامي سعد أجياش، من هيئة المحامين بالدارالبيضاء، فاعتبر أن "القاضي في المغرب أصبح مستهدفا"، وأن "حالة التلبس في متابعة الأستاذ مشقاقة غير واقعية، ومستبعدة في حالة القاضي". وكان قرار قاضي التحقيق استند في إيداع المتهم السجن على قرائن ومعطيات من ضمنها وجود مكالمات هاتفية بين القاضي والمشتكي، وتمديد فترة المداولة في ملف المشتكي من أجل تسلم المبلغ المالي المطلوب". وهو ما رفضه الدفاع معتبرا أن تسليم القاضي الظرف المغلق جاء بعد محاولات من المشتكي وملاحقته له، خاصة أن المشتكي سبق أن صرح أمام قاضي التحقيق بعد أداء اليمين القانونية أن القاضي المتهم "لم يطلب منه مبلغا ماليا، وإنما استنتج ذلك" ليقوم بعملية التنفيذ. وقد طالب الدفاع بافتحاص وجُرد أملاك القاضي المتهم، الذي قال إنه لا يملك غير شقة، يقطنها رفقة أفراد أسرته.