صدر للكاتب المغربي منير السرحاني رواية "الهونغار" (السقيفة، المخزن) ، دار أوريون ، 2017, 200 صفحة ، بعد عشرات الترجمات للشعر المكتوب بالعربية الى الفرنسية التي أنجزها الشاعر و الروائي ابن مدينة القصر الكبير. فبعد روايته الاولى التي تلقاها القرّاء والنقاد بإعجاب كبير، كتب منير السرحاني هذه المرة عن مقتني اللوحات الفنية ، عن سوق الفن و عن الفنانين التشكليين. تقع احداث الرواية في مدينة الرباط في سرد سلس يأخذك الى عالم الفنون التشكيلية و معاناة الفنانين ضحايا أولئك الذين يمتصون دماءهم بلا شفقة و لا رحمة (اختيار لوحة الشجرة الثور للفنان كريم مراكشي لصفحة الغلاف يعبر عن وحشية الشخوص). فجامع اللوحات يعيش من تعب و من عبقرية الفنانين الذين رمى بهم القدر بين أياد لا يهمها سوى الربح السهل والتسويق للفن دون أدنى احترام أو تقدير للجمال . تبدو الشخصية الرئيسيّة وحشا يعاني جنون العظمة بعدما اقتنى بطرق لا تخلو من السادية آلاف اللوحات يخزنها في هونغاره الشاسع و يتأملها كل مساء فتكبر أناه يوما بعد يوم حتى يبلغ أقصى درجات الغرور ان لم نقل الالوهية. صار له اعتقاد كلي ان الموت لن يطاله ما دام يملك هذا الكم الهائل من اللوحات كما يستعبد أصحابها. لا الفن يهمه و لا الخطاب التشكيلي يشغل باله؛ وحدها اللوحة تأسره ! هذا الاحتيال على الفنانين لا يكتفي بارغامهم على الرسم كعمل يومي بل يصل الى تعذيبهم ان عصو سيدهم. تذهب بِنَا الرواية الى فضاء تسود فيه الجريمة و العقاب. كما يثيرنا في هذه الرواية المكتوبة بفرنسية عالية ذلك البعد الكوني : صحيح ان الشخصيات مغربية و الفضاء مغربي غير ان الأحداث يمكن ان تقع في كل مكان من هذا العالم. لا شك ان القارئ المغربي سيكون فخورا باكتشاف كاتب يتابع ما يكتب في جغرافيات العالم الاخرى و يرفع أدبنا الى آفاق يحلق فيها عاليا. كتابة ممتعة، سواداء أحيانا ، حبكة لا تترك تفصيلا للصدفة، تركيبة معقدة و حساسية دقيقة في مقاربة الجنس البشري و خباياه. منير السرحاني يهبنا أملا كبيرا في ان نعتقد في أدبنا و فننا المغربيين، إنه كاتب الغد، اَي كاتب المستقبل.