في بعض الأحيان، يكون أبناؤنا المراهقون على حق عندما يشتكون من عدم تمكننا من استيعابهم. هناك تفسير واضح لمعظم تصرفات أبنائنا الطائشة وقراراتهم المتهورة والفوضى التي تطغى على مواقفهم وحياتهم. وفي هذا السياق، توصل العلماء إلى اكتشاف أسرار سلوك المراهقين، وفيما يلي رصد للأسباب التي تقف وراء عدم استماع المراهقين عادة لنصائح أهلهم، كما جاء في صحيفة El Espanol الإسبانية. 1- نجبرهم على الاستيقاظ مبكراً في الغالب، تعتبر مسألة الاستيقاظ مبكراً للذهاب إلى المدرسة بمثابة تعذيب فعلي للمراهقين. وفي عطلة نهاية الأسبوع، يصبح من الصعب إقناعهم بترك السرير. في الواقع، لهذه الظاهرة تفسير علمي، حيث أوردت سارا بلاكمور، عالمة الأعصاب المتخصصة في سلوك المراهقين، أن "أجسام المراهقين تنتج مادة الميلاتونين (هرمون النوم) بشكل متأخر مقارنة بالبالغين، وهذا يجعلهم ينامون في وقت متأخر. ومن ثم، يصبحون في حاجة ماسة للاستمتاع بالمزيد من ساعات النوم خلال الصباح". ومن هذا المنطلق، يؤدي إيقاظهم في وقت مبكر إلى إصابتهم بحالة من الاضطراب تشبه إلى حد ما أعراض دوار السفر. 2- الفوضى العارمة عادة ما تكون الملابس في غرف المراهقين ملقاة على الأرض، في حين تختفي الأشياء الصغيرة بسهولة في ظل تكدس الصحون والأكواب فوق الطاولة والفراش. فما هو سبب هذه الفوضى؟ حسب الكاتب فرانسيس ينسن، مؤلف كتاب "العقل المراهق"، لا بد من توافر مستوى معين من السيطرة الذهنية؛ حتى يتمكن الشخص من الحفاظ على النظام داخل الغرفة، ولكن المراهقين يواجهون في الغالب صعوبة في التخطيط والتنظيم، فضلاً عن أنهم لا يعتبرون هذا الأمر ذا أولوية بالنسبة لهم. 3- المجازفة يتولد السلوك غير المسؤول الذي يتميز به المراهقون في الدماغ، نتيجة للإشارات التي يتقبلها من خلال الشعور بالتقدير من قِبل الأصدقاء. في الحقيقة، يتسم الشباب بنشاط مكثف لآليات المكافئة لديهم؛ وهو ما يحفزهم ويدفعهم للحصول على إعجاب أصدقائهم وأترابهم. ومن هذا المنطلق، يميل بعض المراهقين إلى خوض بعض مخاطرات غير الضرورية، خاصة في أثناء وجودهم رفقة أصدقائهم، طمعاً في إثارة إعجابهم. 4- العناد أمر طبيعي في واقع الأمر، تختلف طريقة عمل عقل المراهق عن عقل البالغين. فعندما يتعرض المراهق للنقد من قِبل الوالدين، اللذين قد يوبخانه على سلوكه المتهور والفوضوي وعدم شعوره بالمسؤولية- يبادر بتجاهل كلامهم بكل بساطة. وقد ذكرت دراسة أجرتها جامعة بيتسبرغ فيما يتعلق بالنشاط الدماغي لدى مجموعة من المراهقين في أثناء تعرضهم للتوبيخ من قِبل أمهاتهم. وفي الأثناء، اكتشف الخبراء أن نشاط بعض الوظائف في الدماغ يتقلص، فضلاً عن أنها تتوقف في الغالب عن إصدار الإشارات في أثناء التعرض للتوبيخ. ومن بين هذه الوظائف، نذكر وظيفة التعاطف والشعور بالآخر. Sad teenage boy suffering in front of his parents whom are getting divorced 5- الهوس بالهاتف الجوال في أغلب الأوقات، يكون المراهقون غير قادرين على الابتعاد عن الهاتف الجوال دقيقة واحدة، حتى لو كانوا بصدد تناول العشاء أو القيام بنشاط آخر. ووفقاً لفرانسيس ينسين، يتمثل الدافع وراء هذا الهوس بالهاتف الجوال في أن عقل المراهق يكون متعطشاً للإثارة والتشويق، في حين يتمكن من إشباع هذه الرغبات من خلال هذا الجهاز. من الناحية البيولوجية، يعزى ذلك إلى ضعف النشاط الاتصالي في قشرة المخ الأمامية، ومن ثم، يصبح من الصعب على معظم المراهقين إصدار أحكام صحيحة بشأن تصرفاتهم، واتخاذ قرار من قبيل "هذا يكفي يجب أن أتوقف على تصفح الهاتف وأتجه للقيام بنشاط آخر". 6- الأنانية في بعض الأحيان، قد يتسم بعض المراهقين بأنانية مفرطة، حيث يعجزون عن الانتباه لمشاعر الآخرين، وخاصة ضمن أفراد العائلة. وفي هذا الصدد، أفادت سارا بلاكمور بأن صفة الأنانية لدى المراهقين تُعزى بالأساس إلى التغييرات الحاصلة خلال هذه المرحلة العمرية على مستوى المنطقة الوسطى من قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن السلوك الاجتماعي والشعور بالآخرين. ففي الواقع، يتقلص نشاط هذه المنطقة خلال سن المراهقة. ويتمثل سبب ذلك، حسب بعض العلماء، بتوظيف القدرات العقلية في هذه الفترة بنشاطات أكثر أهمية بالنسبة للمراهقين مختلفة تماماً عن البالغين. وفي هذا الإطار، أكدت بلاكمور أنه "في حال كان ابنك المراهق يعجز عن تفهم مشاعر ومواقف الآخرين، فسبب ذلك يرتبط بوظائف ونشاط الدماغ". 7- الانفجار العاطفي في بداية سن المراهقة، يتأثر الجهاز العصبي والدماغ للإنسان بشكل كبير، وفقاً لما أوضحته سارا جونسون، الخبيرة في الصحة العامة وعلم الأعصاب. ففي الواقع، يرافق نمو هذه الوظائف تغييرات هرمونية، وهو ما يطلق العنان لمشاعر الغضب أو الخوف، التي تعتبر مشاعر جديدة بالنسبة للمراهق يعجز تماماً عن التعامل معها. وفي مرحلة لاحقة، تنخرط وظائف الدماغ الأخرى في عملية التفكير وتحليل المشاعر، ومن ثم، يكتسب المراهق نوعاً من الاستقرار. ولكن، وقبل حدوث ذلك، يكون المراهق شديد الحساسية، خاصة تجاه تصرفات الوالدين والمدرسين التي تبدو بالنسبة له عدوانية. 8- الصراخ والتأنيب يؤثران سلباً على المراهقين على الرغم من أن سلوكهم قد يكون غير مقبول في العديد من الأوقات، فإن الصراخ وتوجيه نقد لاذع للأبناء في سن المراهقة من شأنهما أن يؤديا إلى نتائج عكسية. وحسب دراسة نشرتها مجلة تطور الطفل، يكون المراهقون الذين يتعرضون للتأنيب الحاد والصراخ أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب. علاوة على ذلك، أكد الخبراء أن المراهقين عندما يتعرضون للصراخ عادة ما يستجيبون بالمثل. ومن هذا المنطلق، وبغض النظر عن شدة تعقيد هذه المرحلة، ينصح بالتعامل مع المراهقين بكل هدوء وحكمة.