يشتهر إقليم بوجدور بمنارته الشاهقة التي تعد معلمته السياحية الرئيسية وهي توثق جزءا من ذاكرة مكان ارتبطت به منذ منتصف خمسينات القرن الماضي. . ويؤكد الباحث الناجم أهل حمدها من بوجدور أن المستعمر الاسباني شرع في بنائها سنة 1946 ، لكن ونظرا لصعوبة وصول مواد البناء آنذاك لم يكتمل بناء البرج إلا سنة 1952 وتم تشغيله بصفة نهائية سنة 1955 . وتكمن القيمة المعمارية للمنارة في كونها تعتبر البناية الأولى التي أسست عليها المدينة ، وارتباطها الوثيق بذاكرة الساكنة في الفترة الاستعمارية وما تبع ذلك من بناء وتشييد منذ استرجاع بوجدور إلى حوزة التراب الوطني. وترجع خلفية بنائها من طرف الإسبان على غرار منارة أخرى في جهة الداخلة لمراقبة الساحل البحري لبوجدور وتوجيه ومراقبة مختلف السفن العابرة للمحيط الأطلسي وتزويد الاسبانية منها -التي تفرغ حمولتها بالمدينة -بمختلف المؤن التي تكفل لها مواصلة طريقها بانسيابية نحو إفريقيا . وبعد استرجاع الإقليم إلى حوزة الوطن سنة 1975 واصلت المعلمة أداء نفس الأدوار القديمة بالإضافة إلى توجيه الرحل في البادية ومساعدتهم على الاستهداء للمدينة. ترتفع المنارة التي يبلغ قطرها ثلاثة أمتار ب 54 مترا عن مستوى سطح الأرض و 71 مترا عن مستوى سطح البحر. ويتكون سلمها من 265 درجة على شكل لولبي من الخرسانة المسلحة . كما تتميز المعلمة بضوئها الوهاج الذي يضيء البر والبحر حيث تم تجهيزها بتقنيات متطورة ومصابيح ذات مركبات معدنية تشمل مصباحا كبيرا وثلاث مكبرات للضوء، حيث يصل مدى ضوء مصباحها الرئيسي إلى 30 كلم يصدر ثلاث ومضات كل 15 ثانية. وهذا الضوء يلف بشكل دائري بالاعتماد على قوة ميكانيكية محركة للمصباح الرئيسي تدعى "الرحى"، كما وضعت ألواح زجاجية شفافة ومدعمة بصفائح حديدية بقمة المنارة كي تحافظ على مصدر انبعاث الضوء. وقد خضعت المنارة لترميمات وإصلاحات منذ الخمسينات وحتى سنة 2005 مما جعلها تواكب وتتحدى مختلف إكراهات الطقس والطبيعة . ورغم أنها معلمة سياحية ارتبطت بالمدينة وكانت شاهدة على معركة بوجدور التي جرت أمامها سنة 1980 فإن أغلب السياح لا يتمكنون من ولوجها ولا يتم ذلك إلا بعد إجراءات ومساطر إدارية مختلفة.