شكلت باقة من البرامج المنتقاة بعناية والندوات المتميزة من خيث الموضوع وطريقة التسيير، والتنظيم المحكم لمرافق المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، والتدفق الجماهيري الكثيف لأروقته وأنشطته أبرز نقاط قوة نجاح نسخته الثالثة والعشرين. وكان زوار المعرض، الذي أسدل الستار أمس الأحد عن محموع فقراته، من داخل المملكة ومن خارجها على موعد مع معرض من المستوى العالي وبمواصفات دولية تجعله في مصاف المعارض العالمية للكتاب حسب العديد من الملاحظين، حيث أتحف زواره بلقاءات وندوات لم تقتصر على الشأن الثقافي وحده بل لامست عددا من المواضيع الراهنة المرتبطة بالسياسة والاجتماع والفن وغيرها. وتباينت مواضيع الورشات من حقوق الانسان الى الشباب مرورا بالأطفال والتطرف والوحدة الافريقية والأدب المغاربي والطائفة المغربية اليهودية بلوغا إلى الطبخ والفنون التشكيلية وغيرها، في مسعى حثيث لربط الثقافة بشتى مواضيع الحياة وإبراز دورها باعتبارها ركيزة أساسية للتنمية وجسرا يربط بين مختلف الحضارات والأمم. وعلى غرار الدورات السالفة، أثث رحاب المعرض عارضون من عدد من البلدان العربية كمصر وتونس والجزائر والسعودية والعراق والأردن ولبنان وسوريا وعمان، وبلدان أوروبية كفرنسا واسبانيا وانجلترا، انتقوا في الغالب كتبا حديثة الصدور والأكثر مبيعا ببلدانهم. وحلت بلدان المجموعة الاقتصادية لدول وسط افريقيا ضيف شرف على النسخة ال23 من المعرض الدولي للنشر والكتاب في تأكيد على انفتاح المغرب على القارة السمراء في المجال الثقافي أيضا، وتنويع شركائه وتعزيز مكانته الثقافية داخل قارة غنية من حيث التراث والثقافة، لكن هشة من حيث البنيات التحتية في المجال الثقافي. وفي هذا الصدد، تم على هامش المعرض تنظيم لقاء رفيع المستوى تباحث فيه وزراء مغاربة ووزراء ببلدان المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا ( أنغولا والتشاد وبوروندي وساوتومي برانسيب والكامرون وجمهورية إفريقيا الوسطى والغابون وجمهورية الكونغو وجمهورية الكونغو الديموقراطية وغينيا الاستوائية ورواندا) ، حول واقع الثقافة بهذه الدول وإسهام الوزارات الأخرى في النهوض بهذا القطاع. وقد تبادل المشاركون في هذا اللقاء مختلف التجارب التي راكموها والمقاربات التي اعتمدوها لتطوير وتعزيز الحركة الثقافية، إضافة الى السياسات العمومية والشراكات الموقعة بين مختلف الوزارات للاسهام في مرافقة الثقافة على مستوى كافة الجوانب. كما حظي المغرب برسم هذا المعرض بشرف احتضان توقيع بروتوكول اتفاق من أجل إحداث رابطة للناشرين في وسط إفريقيا تهم الإجراءات التي من شأنها إحداث سوق مشتركة للكتاب، وتسهيل الشراكة بين المغرب ووسط إفريقيا، في مجال المطابع، والنشر المشترك، ووضع أرضية إلكترونية لناشري هذه البلدان وإجراءات ضريبية مشجعة من أجل تبادل أفضل للكتاب بالخصوص. وعرفت فقرات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء أيضا توزيع شبكة القراءة بالمغرب، بتعاون مع نادي ألف وبدعم من وزارة الثقافة، جوائز القراءة على الفائزين لهذه السنة خلال حفل الجائزة الوطنية للقراءة في دورته الثالثة. وتم برسم هذا المعرض كذلك تتويج المغربي خالد التوزاني عن دراسته حول "الرحلة وفتنة العجيب" إلى جانب سبعة فائزين آخرين بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة 2016، وذلك في إطار تنظيم عدد من الندوات في موضوع أدب الرحلة بحضور متخصصين، وتتويج الكاتب محمد عنفوف، بجائزة "خناثة بنونة للإبداع الأدبي" لموسم 2016، وذلك عن روايته "سناء والكناريان". ولا يمكن إغفال الاحتفاء بالذكرى المائوية الأولى لميلاد الكاتب المغربي الراخل إدمونج عمران المليخ بتخصيص قاعة باسمه ، فضلا عن تنظيم ندوات ولقاءات تكريمية له ولإبداعاته، وكذا الاحتفاء في لقاءين ثقافيين بإعادة طبع مجلة "أنفاس" باللغتين العربية والفرنسية في ذكرى صدورها الخمسين. وقد لقيت هذه الندوات واللقاءات الفكرية والأمسيات الشعرية المنظمة على هامش المعرض، بقاعات افريقيا وإدمون عمران المليح وابن بطوطة، إقبالا غبر مسبوق إذ فاق عدد زوار هذه الدورة من المعرض الدولي للنشر والكتاب، حسب بلاغ لوزارة الثقافة، 345 ألف و830 زائر مقابل 340 ألف و356 زائر في الدورة السابقة.
كما شكل توزيع البرنامح الثقافي للمعرض وخارطة الأروقة بشكل واسع، والتنظيم المحكم لأبواب الولوج واللوحات والإشارات داخل المعرض والحراسة والتنظيف أبرز نقاط القوة خلال هذه النسخة، حيث سهلت من التجوال وسط أروقة المعرض وسلاسة مرور عدد الزوار الكبير.