هذا السؤال يطرحه العديد من المتتبعين للشأن المغربي خصوصا من الخارج... مجموعة من الصحافيين الأجانب يحاولون تشبيه تعثر مشاورات تشكيل الحكومة في المغرب بما يحدث في لبنان في نفس الشأن... طبعا من السهل توضيح الفرق الشاسع بين التجربتين اللبنانية والمغربية، غير أنه من الصعب تفسير شكل «البلوكاج» الحاصل في المغرب بالنسبة للذين ينظرون للمشهد من بعد دون معرفة بالواقع الحزبي والسياسي المغربيين... غير أن ما يقع اليوم في المغرب بخصوص تشكيل الحكومة، بدأ يغير من الصورة التي تشكلت عن المغرب بخصوص سلاسة تدبير حراكات ما اصطلح عليه بالربيع الديموقراطي... صورة التدبير السلس والمتجاوب مع مطالب الشارع، والتي توجت بوثيقة دستورية إيجابية في مجمل مضامينها، بدأت تشوش عليها صورة البلوكاج الحاصل اليوم. الصورة الجديدة يغذيها ما توفره مواقع التواصل الاجتماعية من معلومات هي في مجملها خاضعة وموجهة ممن باتوا يعرفون اليوم بالكتائب الإلكترونية التابعة لحزب رئيس الحكومة المعين... الإسلاميون في المغرب اليوم يسوقون تفسيرا لتسويق البلوكاج زاعمين أن هناك محاولة للتراجع عن المنهجية الديموقراطية، هذه المنهجية التي، في نظرهم، تخول لهم الحكم بالصورة التي يرونها، بقفز على المعطيات القانونية والدستورية وعمق الديموقراطية. لكن دعونا نوضح الصورة. رئيس الحكومة المعين، وحزبه، يعتبران حصولهما على المرتبة الأولى امتيازا يخول لهما تشكيل الحكومة وحدهما، وما على الأحزاب الأخرى التي ترغب في المشاركة في التحالف الحكومي، سوى ركوب القطار فقط والاستسلام لقائده، أنى كان توجهه. الأطراف الأخرى، وخصوصا رئيس التجمع الوطني للأحرار يرفض هذا التوجه لأنه يرى أن من حقه أن يركب في قطار مريح يساهم في توجهه دون خضوع لضغط أو استحواذ من الآخر. لهذا عمد أخنوش إلى مطلب وجود «حمية» معه في التحالف الحكومي، يضمن بها عدم تجبر الحزب الأغلبي عليه في الحكومة المقبلة. وبين ابن كيران وأخنوش ونطرتيهما لكيفية وشكل إخراج الحكومة، يظهر أسلوب ابن كيران وكتائبه في متابعة التشاور، وهو أسلوب فيه الكثير من التعالي، والكثير من البكائية الإسلاموية المعهودة... هذه هي الصورة بكل وضوح، وطبعا تنضاف إليها عدة مؤثرات من هذا الجانب وذاك، من جهات مختلفة، تشتغل على الخلط والغموض. لكن من كل هذا يبقى رئيس الحكومة المعين هو وحده الذي يتحمل المسؤولية لأنه عجز لحد الآن على إخراج حكومته لحيز الوجود... فهل يفهم ابن كيران هذا الأمر ويعفي البلاد مما رهنها فيه؟