في كل تصريحاته، يؤكد رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بن كيران، أنه لن يتنازل عن إشراك التجمع الوطني للأحرار في حكومته، لكن التجمعيين لم يعبروا حتى الآن عن استعدادهم للتنازل عن شرط إبعاد الاستقلال من الحكومة مقابل مشاركتهم فيها. فهل يكون الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، مضطرا للتضحية بأحد الحزبين في سبيل الخروج من أزمة تشكيل الأغلبية الحكومية، التي دخلت شهرها الثالث؟ ذلك ممكن، حسبما أوردته صحيفة «جون أفريك» الفرنسية، نقلا عما وصفتها بأنها «مصادر خاصة»، حيث قالت: «إن ابن كيران يفكر في إقصاء حزب الاستقلال من التشكيلة الحكومية القادمة، وعلى الرغم من أنه كان قد اتفق مع حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، فإن احتمال تراجعه عن هذا الاتفاق يبقى واردا». والظاهر أن المعلومات الجديدة، قد أقلقت قيادة حزب الاستقلال، لذلك سارع الموقع الإلكتروني للحزب وعلى غير عادته إلى تغطيتة التجمع الحزبي الذي أطره ابن كيران مع المجلس الجهوي لحزبه بالرباط، الأحد الماضي، وفيما قد يبدو ردا على معطيات «جون أفريك» قال موقع الحزب: «جدد الأستاذ عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة المكلف من طرف جلالة الملك محمد السادس، خلال لقاء جهوي لحزب العدالة والتنمية بالرباط، تشبثه بوجود حزب الاستقلال ضمن التشكيلة الحكومية المقبلة، مؤكدا أنه لن يتراجع أبدا عن قراره. وسجل رئيس الحكومة، أن الحكومة المقبلة لن تتشكل بدون حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية». وفي تفسيره لأسباب تشبث ابن كيران بالاستقلاليين، قال موقع الحزب: «إن ابن كيران سجل أن حزب الاستقلال هو حزب عتيد، ويتميز برصيد تاريخي سيمتد في الزمن وفي المسقبل. وفي سياق إبراز قيمة حزب الاستقلال عند المغاربة، أشار ابن كيران إلى أن والدته، مفتاحة الشامي، كانت تصوت لحزب «الميزان» في أيامها الأخيرة، على الرغم من أن ابنها عبد الإله بن كيران هو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية». لكن، وبعيدا عن هذه الاعتبارات الوجدانية والتاريخية، فإن ابن كيران المعروف ببراغماتيته الشديدة، سرد في نفس اللقاء الحزبي أسبابا أقوى لإبراز تشبثه بالتجمع الوطني للأحرار، وكما قال: «بصراحة وبوضوح أقول بكل صدق الأحرار حزب عنده خصوصيات سياسية وعنده نوعية الأمور اللي المغرب محتاج لها وسياسة بلادنا تحتاجها في قطاعات معينة. مشكلتنا ليست مجرد رقم، أي أن نتجاوز عتبة 198 لا هناك اعتبارات سياسية تحكمنا». ولا يبدو أن هناك إمكانية للوصول إلى حل وسط دون التضحية بأحد الطرفين، خصوصا وأن التصريحات المتواترة لقيادات التجمع الوطني للأحرار، والمصادر المقربة من عزيز أخنوش، تشير إلى أن التجمعيين ليس لديهم أدنى استعداد للمشاركة إلى جانب الاستقلاليين. وبينما يستبعد ابن كيران خيار الانتخابات السابقة لأوانها، ويصرح بأنه لا يريد إحراج الملك بإقحامه في أزمة المشاورات، يجد نفسه في وضع أكثر تعقيدا بعد التقارب الأخير بين الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار، فحتى تشكيل حكومة أغلبية نسبية بدخول الاتحاديين صارت غير ممكنة، بعد اتفاق لشكر وأخنوش على ما يشبه الموقف الموحد من دخول الحكومة معا أو البقاء خارجها معا. وفي النهاية سيكون على ابن كيران أن يختار بين شباط وأخنوش، وكما قالت «جون أفريك»، فإن ابن كيران يمكن أن يفكر في إقصاء الاستقلال. لكن بأي صيغة وترضيات ذلك هو الأعقد في المسألة.