دفع تواتر حالات استخدام السلاح الوظيفي الموضوع رهن إشارة عناصر الشرطة، في الأسابيع الماضية، إلى فتح نقاش كبير بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، زاد من تأججه، دعوات ب "الفايسبوك" مؤيدة لإطلاق النار على "المشرملين" ، ورفض حقوقي لاستعمال السلاح الوظيفي، إلا في ظروف استثنائية.. في هذا الحوار نستعرض مع إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، الأثار القانونية المترتبة على استخدام رجال الأمن للسلاح الوظيفي في مواجهة المجرمين، وأيضا موقفه من التبريرات التي يقدمها نشطاء الفايسبوك المؤيدين لإطلاق النار على المجرمين.. 1 – كحقوقي، كيف تنظرون إلى حالات استخدام السلاح الوظيفي من طرف عناصر الأمن؟ حالات استعمال السلاح الوظيفي من طرف عناصر الأمن حددتها المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، ومن أهمها تحديد الظروف التي يجوز لأفراد الشرطة فيها حمل أسلحة نارية مع تحديد أنواعها وذخائرها المسموح بها، وضمان الاستخدام الصحيح للأسلحة النارية بأقل مخاطرة بإحداث أضرار لا داعي لها، مع حظر الأسلحة النارية والذخائر التي تتسبب في إحداث إصابة لا مبرر لها أو تشكل مخاطر دونما مبرر، وتنظيم الرقابة على الأسلحة النارية وتخزينها وإصدارها، بما في ذلك الإجراءات التي تكفل مساءلة أفراد الشرطة عن الأسلحة والذخائر الصادرة لهم، والنص على ضرورة التحذير، حيثما يكون ذلك مناسباً، قبل إطلاق النار، وإنشاء نظام للإبلاغ عن كل حالة يستخدم فيها المسؤولون الأسلحة النارية في غضون أدائهم لواجبهم مع النص على المسؤولية الشخصية، التي تؤكد أن أوامر الرؤساء ليست ذريعة لاستخدام القوة دون وجه حق. وبناء على هذا المبدإ، فإن أفراد الشرطة يتحملون مسؤولية شخصية والتأكيد على أن استخدام القوة إجراء استثنائيا ويعني هذا أنه لا بد من محاولة استخدام وسائل غير عنيفة أولا، ولا تستخدم القوة والأسلحة النارية إلا إذا ظلت الوسائل المذكورة غير فعالة، أو لا تبشر على الإطلاق بتحقيق النتيجة المقصودة، ولا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال القوة، إلا في حالة الضرورة القصوى وفي الحدود اللازمة لأداء واجبهم، لذلك فنحن نرى أنه لا يجوز استخدام السلاح الوظيفي في الظروف المذكورة إلا في حالات للدفاع عن النفس، أو عن الآخرين، ضد التهديد الوشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة؛ ولمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة تتضمن تهديدا شديدا للأرواح؛ أو لاعتقال شخص يمثل الأخطار المذكورة ويعارض سلطة الشرطة. 2 – برأيكم، ما هي المقاربة الحقوقية المناسبة لمواجهة التشرميل؟ على اعتبار أن التشرميل ظاهرة إجرامية خطيرة برزت بالمغرب في الآونة الأخيرة، وقبل الحديث عن المقاربة الأمنية لمواجهة الظاهرة، فإن دراسة العوامل والأسباب التي ولدت هذه الظاهرة الإجرامية، من المفترض أن تكون الخطوة الأولى لعلاج تلك الظواهر حتى يتسنى تلافيها قبل نشوئها وتجنبها في مرحلة التربية، كما أن وضع برامج متنوعة لعلاج «المشرملين»، مثل تحويل الرغبات والميول الخطرة عند المشرمل وعلاجها والعمل على الحد من حالات التعرض للإغراءات، ويجب على البرامج الحكومية أن تهتم بالأسرة المغربية لأنها الخلية الإنسانية الأولى التي يتربى في كنفها الفرد ويكتسب منها عاداتها وتقاليدها وثقافتها، وهي تشكل الأساس الأول لبناء شخصيته والتي تتأثر بكل ما يحيط بها من عوامل إيجابية أو سلبية، بالإضافة إلى ضرورة الحد من البطالة في صفوف الشباب وانتشار المخدرات بكافة أنواعها بشكل خطير، بالإضافة إلى وجوب أن تركز جهود الشرطة في مجال الوقاية من «التشرميل» على أنشطة محددة ذات طابع إجرائي ميداني يعتمد سياسة وقائية شاملة، تقوم على تضافر جهود الشرطة مع وداديات الأحياء والمواطنات والمواطنات المعرضين لإجرام المشرملين، إضافة إلى تقديم المساعدة لضحاياهم مع قيامهم بتنفيذ برامج إعادة تأهيل المجرمين، إذن فالمقاربة الواجب اتخاذها مقاربة ذات شقين الأول متعلق بالوقاية الاجتماعية التي ترتكز على الخطط والبرامج التي توضع وتنفذ من قبل السلطات والهيئات المختصة بهدف تحييد دور العوامل المؤدية إلى التشرميل، أما الشق الثاني فيضمن الوقاية التي ترتكز على التدابير والبرامج التي تهدف إلى إضعاف قدرة المشرملين على ارتكاب الجريمة، وتقليل فرصة ارتكابها من خلال تدخل الأفراد وجمعيات الأحياء المعنية بالعمل الوقائي إلى جانب الدولة والمجالس المنتخبة في إطار تضافر الجهود الأهلية والحكومية لمواجهة الجريمة من خلال عمل جماعي منظم وفق برامج وتدابير وقائية للحيلولة دون وقوع الفعل الإجرامي. 3 – المطالبة بتشديد ضوابط استعمال السلاح الوظيفي ألا تعتبر تساهلا إلى حد كبير مع المجرمين؟ الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، هي المحدد، والتجارب الدولية لعدة بلدان بخصوص الإجرام، أكثر تنظيما وقوة من المغرب، إذ أثبتت أن التعامل وفق مقاربة حقوقية هي السبيل لربط علاقة مقبولة بين جهاز الأمن والمواطنات والمواطنين، والتساهل الحقيقي غالبا ما يكون في القوانين وفي الأحكام القضائية التي لا تتناسب وبعض الأفعال الإجرامية الخطيرة.