أكد يوسف العمراني، المكلف بمهمة في الديوان الملكي، اليوم الأحد بالدوحة في أشغال الدورة التاسعة لمؤتمر السياسات العالمية، أن المغرب تمكن، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من تطوير نموذجه الخاص، استنادا إلى رؤية شاملة ومقاربة مواطنة من أجل بناء المغرب الحديث، الغني بمكونات مرجعية هويته، وبما يتفق مع قيم الأمة الموحدة. وأشار العمراني، الذي كان يتحدث في إطار هذه الدورة ضمن الجلسة العامة الأولى للمنتدى المخصصة لبحث "مستقبل الشرق الأوسط"، الى جانب السادة، على الخصوص، أحمد داود أوغلو، رئيس وزراء تركيا سابقا (كضيف خاص لهذه الجلسة)، وميغيل أنخيل موراتينوس، وزير خارجية إسبانيا سابقا، ورياض حجاب، رئيس وزراء سورية سابقا، وكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، الى أن "التحديات المستجدة والأزمات المعقدة راهنا بالمنطقة، وكذا ضعف المؤسسات وغياب الحكامة تمثل جميعها ما يكفي لإضعاف الاستقرار والأمن ومستقبل المنطقة". وفي مواجهة هذا الوضع، شدد العمراني على أنه الى جانب العمل على "تعزيز التكامل والاندماج الإقليمي، فإن من شأن نموذج جديد للحكامة ملائم لواقع حال كل بلد أن يتيح إمكانية التوصل الى حلول مشتركة ومستدامة للتحديات المتعددة، وأن يمكن أيضا من تحقيق النمو الاقتصادي، والنهوض بالاستثمار، وخلق فرص شغل في المنطقة". وفي ما يتعلق بالدينامية الإقليمية، قال المسؤول المغربي إن "السياسة الإفريقية الني ينهجها المغرب والتي تشكل أولوية سياستنا الخارجية، بلغت مرحلة جديدة، بانخراطها من الآن فصاعدا في بعد قاري أوسع، كما تدل على ذلك جولة جلالة الملك الأخيرة بشرق إفريقيا، ورغبة المغرب في أن يكون مواكبا لكل القضايا والاشكالات التي لها تأثير على القارة ". كما حرص العمراني على التذكير بأن "مسلسل الإصلاح التدريجي والذاتي، الذي أرساه جلالة الملك، مكن المغرب، وبالرغم من صعوبة الظرفية العالمية، من تعزيز نظامه الديمقراطي وتقوية مؤسساته، وذلك بفضل رؤية جلالته لبناء مجتمع ديمقراطي تعددي ومنفتح، في إطار نموذج خاص يستجيب لحاجيات وواقع حال المواطنين". وقال أيضا إن "هذه الدينامية الجديدة المتطورة والشاملة، مكنت البلاد من تعزيز نظامها السياسي وتقوية إجماع وارتباط الشعب بقيم الدستور الأساسية"، مذكرا، في هذا السياق، بأن "شروط الشفافية والحرية التي جرت في إطارها انتخابات سابع أكتوبر الماضي، تؤكد على مصداقية الخيار الديمقراطي والنموذج المغربي الفريد الذي ارتضاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس". وأضاف أن "النموذج المغربي يطمح الى بناء مجتمع أقوى وأكثر إنصافا من خلال النهوض بالتنمية البشرية لتكون قوة دفع حقيقية لجميع السياسات العمومية"، بما في ذلك، وعلى وجه الخصوص، "الجهوية المتقدمة، التي تم وضعها من أجل النهوض بتنمية اقتصادية واجتماعية متكاملة، من شأنها أن تخلق الثروة وتوفر فرص العمل وتحافظ على الأسس الاجتماعية للبلاد ". وسجل يوسف العمراني أن "خيارات المغرب الاستراتيجية، وتطوره المجتمعي وتحولاته الفعلية المتمثلة في جملة من المشاريع المهيكلة، مكنت بلادنا من تحصين ذاتها من حال عدم الاستقرار والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها منطقتنا"، وأيضا من ترسيخ "وجودها كقطب أكيد وآمن للاستقرار"، مضيفا أنه "بفضل هذه المؤهلات تمكن المغرب من كسب الثقة والاعتراف الدوليين، كحليف موثوق به وشريك دولي فاعل ومنخرط في جميع الجبهات". وعلى صعيد آخر، أبرز المسؤول المغربي أنه "إضافة إلى البعد الأمني، الذي هو أيضا أساسي، فإن رؤية المغرب في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف تستند إلى مقاربة متعددة الأبعاد ومبادرات جريئة ورائدة، من قبيل إعادة هيكلة الحقل الديني وتكوين الأئمة، وأيضا مراجعة الكتب المدرسية في مجال التعليم الديني، بهدف تكريس الأسس الدينية لمرجعية بلادنا الثقافية ". وخلص العمراني إلى أن "المغرب عرف كيف يستجيب للتطلعات الديمقراطية لشعبه، وذلك بفضل ما اعتمده من إصلاحات عديدة على المستوى الداخلي، إلى جانب سعيه المتواصل لتعزيز أسس نموذج مغربي متفرد". وانطلقت أشغال الدورة التاسعة لمنتدى السياسات العالمية صباح اليوم بجلسة افتتاحية تدخل خلالها رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، ووزير الخارجية والتعاون الدولي الفرنسي، جون مارك آيرو، ومؤسس ورئيس مؤتمر السياسات العالمية، تييري دي مونبريال. ويتضمن جدول أعمال هذه الدورة، التي ستتواصل أشغالها الى غاية 22 نونبر الجاري والتي تنظمها وزارة الخارجية القطرية ومؤسسة "مؤتمر السياسات العالمية"، مجموعة من أوراش العمل و18 جلسة دراسية لبحث موضوعات "الأخلاقيات والعلاقات التجارية الحكومية"، و"دور تركيا الأوروبي والدولي" و"الصحة : التطور التكنولوجي والحوكمة الدولية"، و"التحول التكنولوجي والعقد الاجتماعي الجديد" و"المملكة المتحدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي"، و"الأمن والتطور الاقتصادي في إفريقيا " و"الاتحاد الأووربي .. ماذا بعد ؟"، و"مرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية"، و"الفضاء باعتباره مخاطرة كبرى في مجال التكنولوجيا والحوكمة"، و"مكافحة الإرهاب" و"الاستقرار السياسي والاقتصادي في شرق آسيا"، و"التحديات الأساسية للاقتصاد العالمي"، و"دور الهيدروكربون في السياق الإقليمي والجيو-سياسي"، و"التنوع، التعليم والعمل في الشرق الأوسط" و"جلسة القادة الشباب .. الاضطراب، الشعبوية وعالم الغد" . ويشار إلى أن "مؤتمر السياسات العالمية" مؤسسة سويسرية مقرها بجنيف، وتتولى تمويل والإشراف على تنظيم مؤتمرات وندوات دولية، وتسعى من خلال ذلك إلى أن تكون منبرا لتبادل الرأي والتفكير في الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية مساهمة منها في النهوض بالمبادئ الكبرى للحكامة العالمية، خاصة في مجال الاقتصاد.