كاد عرض فيلم "ميموزا" الذي عُرض بعد زوال أمس الجمعة ضمن المسابقة الرسمية الدولية للدورة 38 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أن يُلغى، وكان المسؤولون عن الشبابيك يخبرون كل الراغبين في الحصول على التذاكر بأن الفيلم لن يُعرض بسبب وجود مشاكل تقنية. ولم يتم التأكد من أن الفيلم سيُعرض في قاعة المسرح الكبير بدار الأوبرا إلا في الساعة الثالثة بعد الظهر، أي نصف ساعة قبل التوقيت الرسمي المعلَن عنه في البرنامج. فيلم ميموزا هو إنتاج مشترك بين فرنسا، قطر، إسبانيا والمغرب، تكلف بإخراجه المخرج الفرنسي الشاب أوليفر لاكس، الذي كان قد حاز به على الجائزة الكبرى في أسبوع النقاد بالدورة الأخيرة (ماي 2016) من مهرجان "كان" السينمائي. وقد ساهم المغرب في هذا الفيلم من خلال مشاركة المنتجة المغربية لمياء الشرايبي في الإنتاج، ومن خلال احتضان جبال الأطلس لعدد من أماكن التصوير، ومساهمة بعض الممثلين المغاربة في التشخيص، وكلهم من الهواة، ما عدا الممثل المحترف حسن باديدة الذي ظهر في الفيلم لمدة جد قصيرة. بالنسبة إلى العديد من النقاد والصحافيين الذين شاهدوا "ميموزا"، فإن الأمر يتعلق بعمل خابت معه التوقعات، سواء من حيث قدرات الإنتاج المادية، أو على مستوى السيناريو، والتشخيص، والرسائل المُراد إيصالها للجمهور. فرغم اشتراك أربعة بلدان في الإنتاج بدا أن هناك اقتصادا واضحا في كلفة تصوير اللقطات، وفي الوسائل المستعملة في التصوير، حيث كان التركيز بشكل أكبر على المناظر الطبيعية، وفق حركات بسيطة للكاميرا، وفي تتبع عادي لمسار الممثلين بين الممرات في الجبال والوديان. وبدا الحوار بالدارجة المغربية مرتبكا، وغير مُتقن، يتبادله الممثلون بافتعال وبدون إحساس، في الوقت الذي تمحورت فيه الحكاية حول قصة مُستهلكة، تم تداولها في أفلام عديدة، تقوم على قصة أسرة تريد أن توصل شيخا يحتضر إلى قريته في جبال الأطلس لكي يموت ويُدفن بين أهله، فتعترض قافلتها، المتكونة من دواب، صعوبات في الطريق، وتجد نفسها مجبرة على الانقياد لإرشادات شخصين محتالين يرافقان القافلة، يدعيان بأنهما يعرفان أسهل المسالك الجبلية التي تؤدي إلى القرية، في الوقت الذي تنفتح فيه القصة، في إطار سرد فيلمي مٌتداخل تارة، ومتوازٍ تارة أخرى، على شخصية شكيب، الشاب الحكواتي، الذي يبدو غريبا في الكيفية التي يعرض من خلالها وجهة نظره حول العلاقة التي تقوم بين الله والإنسان والشيطان، والذي سيتم تكليفه بمهمة تتبع مسار قافلة الشيخ المُحتضر عبر مجموعة من سيارات الأجرة، من خلال مشاركته في سياقة واحدة من هذه السيارات، فتتداخل معاني القافلة بعضها مع بعض، ويصبح من الصعب فهم المعنى المُراد إيصاله من خلال هذا التلاعب بالأزمنة والأمكنة، وعبر شخصية شكيب التي تبدو في الفيلم مجرد شخصية بلهاء، تتكلم وتتحدث بدون خلفية فكرية ولا مرجعية ثقافية.