بعد عشرة ايام من انتخابه رئيسا للولايات المتحدة تبدو المرحلة الانتقالية لدونالد ترامب شأنا عائليا ما يثير التساؤلات بشأن تضارب المصالح وانعدام الخبرة لدى الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس الجمهوري المقبل. اثارت الصور الرسمية للاجتماع الاول للرئيس المنتخب مع مسؤول أجنبي كبير الخميس، وابلا من الانتقادات. فالصور تظهر وجود ايفانكا ترامب في اللقاء مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، حيث يمكن رؤيتها وزوجها رجل الاعمال جاريد كوشنر يتحادثان ويضحكان مع وفد آبي في برج ترامب.
وكتب مات اورتيغا، من فريق حملة منافسة ترامب السابقة الديموقراطية هيلاري كلينتون على تويتر، ان "تضارب المصالح هو اقل ما يقال عن الواقع الفعلي". ورغم تأكيد ترامب ان ايفانكا ودونالد جونيور واريك لن يتولوا مراكز رسمية في ادارته، الا ان الملياردير ومنذ انتخابه في 8 نوفمبر الحالي قدم للاميركيين كل الاسباب للاعتقاد ان ابناءه سيستمرون في اداء دور مهم الى جانبه. والدور المحوري على ما يبدو لكوشنر، رجل الاعمال وصهر ترامب، في تشكيل الادارة الجمهورية بدأ يثير تساؤلات بعد ان ذكرت تقارير هذا الاسبوع انه يمسك بالخيوط في العملية. وذكرت تقارير – نفاها ترامب في ما بعد – انه تم تقديم طلب بشأن السماح لكوشنر بالاطلاع على معلومات سرية والمشاركة في التقارير اليومية السرية التي ترفع للرئيس. والخميس ذكرت نيويورك تايمز نقلا عن مصادر لم تسمها، ان كوشنر اتصل بمحام بشأن احتمال مشاركته في ادارة والد زوجته، بدون انتهاك القانون الذي يمنع محاباة الاقارب. والخلط بين العائلة والسياسة ليس مسألة سهلة في الولاياتالمتحدة. فالقانون العائد الى العام 1967 والذي أقر بعدما عين جون كينيدي بصفته رئيسا منتخبا شقيقه بوبي في منصب المدعي العام، يمنع ايا من الاقارب بالدم او أصهر الرئيس من تولي وظيفة مدفوعة الاجر لدى وكالات فدرالية. غير ان القانون لا يبدو بهذا الوضوح بخصوص مراكز المستشارين في البيت الابيض. يقول سام ابرامز بروفسور العلوم السياسية في جامعة ساره لورنس في نيويورك ان جعل السياسات الرئاسية شأنا عائليا ليس بالشيء الجديد في الولاياتالمتحدة. فمن اليانور روزفلت الى ميشيل اوباما وآل كينيدي بالطبع، وآل بوش وكلينتون، غالبا ما لعبت الزوجات وابناء الرؤساء دورا مهما – ولو غير رسمي – بدون اثارة اي تساؤلات حول محاباة الاقارب. لكن بالنسبة لدانيال دي سالفو، الخبير في جامعة سيتي كولدج بنيويورك، فإن الرئيس المنتخب يضيف العديد من العناصر التي تدفع الى التساؤل: "نوعية اعمال ترامب — اسمه الذي يشكل أحد اهم الاصول على مبانيه وملاعب الغولف — وحجم ثروته وعدد ابنائه البالغين" المنخرطين في اعماله. ويشرح دي سالفو "هذه هي المسألة المهمة: كم (من تلك العناصر) سيثير مشكلات تضارب في المصالح". وفيما يقول ترامب ان ابناءه — وجميعهم ضمن فريقه الانتقالي — لن يلعبوا دورا رسميا في الادارة، الا انه يخطط لكي يستمروا في ادارة اعماله، ما يتسبب بحسب مراقبين بالعديد من احتمالات تضارب المصالح. وفي اول ظهور تلفزيوني لها الى جانب الرئيس المنتخب في مقابلة بثت في ساعات ذروة المشاهدة، كادت ايفانكا ترامب ان تتسبب بفضيحة بعد ان روجت شركة موضة تملكها لسوار ذهبي بسعر 10 آلاف دولار كانت ترتديه في المقابلة. ويعتقد ابرامز ان ترامب يرتكب خطأ بالسماح لاسرته بالظهور بهذا الحجم، حتى قبل توليه مهامه رسميا، وقبل ان ينتهي من تشكيل فريق مؤهل يحيط به. وقال "من الطبيعي اشراك العائلة". لكنه يعتقد ايضا ان الاعتماد بهذا الشكل الكبير على افراد الاسرة المباشرة "امر مزعج بالنسبة للكثير من الناس". ولم يخف خبراء دهشتهم من ان ترامب لم يستشر وزارة الخارجية قبل لقائه رئيس وزراء اليابان التي تعد من اقرب حلفاء واشنطن، حتى ان ايفانكا وكوشنر كانا موجودين معه. وربما كان طلب المشورة في مكانه اذ ان ترامب حذر المسؤولين في طوكيو اثناء حملته بقوله انه يفكر بسحب آلاف الجنود الاميركيين من المنطقة، وان اليابان التي يحظر عليها الدستور الدخول في حرب، قد تحتاج لاسلحة نووية. وقال ابرامز "عندما تستعد للقاء شينزو آبي، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، عليك ان تتحدث الى خبرائك … وليس التوجه الى جاريد لتقول +ما رأيك بهذا؟". وفي الجو المتوتر الذي اعقب انتخاب ترامب وسط حملة شعبوية اثارت انقسامات "فإن ذلك لا يساعد الشعب الاميركي على الاحساس بالارتياح".