كانت الصحافة الألمانية وكغيرها من وسائل الاعلام العالمية، تتابع ما عرفه المغرب من رجة على خلفية مصرع محسن فكري. جميعا تابع تطورات الحادث وخروج آلاف المواطنين للتعبير عن رفضهم للطريقة المهينة التي أودت بحياة هذا الشاب. الصحافة الألمانية، وإن بدت وهي تتابع هذه التطورات، تستحضر ما وقع في تونس أواخر ألفين وإحدى عشرة، وحادث البوعزيزي الذي أطلق شرارة ما سمي الربيع العربي، قبل أن يتحول إلى فصل بدون هوية، في سوريا واليمن وليبيا، شددت معظمها على أن حركة الاحتجاجات كانت حضارية، تطالب بالكرامة بعيدا عن المزايدات السياسية. عدد من المؤسسات الأوروبية المتواجدة في المغرب، هي الأخرى تتابع الوضع عن كتب، ومنها مؤسسة كونراد أدناور التابعة للحزب المسيحي الديموقراطي، وهي إحدى المؤسسات التي لها مصداقية كبيرة ومقربة من دوائر القرار في برلين. ففي حوار لرئيسها في الرباط مع راديو دوتشلاند، صرح هيلموت رايفيلد، أن ما وقع في المغرب، لا يعدو أن يكون سوى صرخة قوية ضد شطط السلطة وأن المغرب ومنذ بضع سنين دشن حركة كبيرة لتطهير جهاز الشرطة وباقي المؤسسات من العناصر الفاسدة، وأن ملك البلاد يحرص بنفسه على أن تسود الرقابة القانونية في البلاد، كما أن الانتخابات الأخيرة، هي خطوة أساسية في مسار دمقرطة البلاد. وأضاف رايفيلد أن المغرب يسير في اتجاه سيادة القانون، وهو واثق من ذلك، بالرغم من أن بعض الأقليات كالمثليين وبعض الاسلاميين والجماعات المهمشة لديها بعض المشاكل، ولكن المغرب بلد آمن". هذا رأي لشخص يتابع الوضع في المغرب عن كثب، بعيدا عن الخرجات العاطفية والنزقة لبعض النفوس المريضة التي تصطاد في الماء العكر. من دون شك أن ما وقع حدث جلل وأن المصير الذي لقيه المرحوم محسن، كان بالامكان تفاديه لو حرص الجميع على تطبيق القانون ومساطره واضحة، وهذا ما ننتظره جميعا من البحث القضائي الذي ينبغي أن يجيب على كل الأسئلة العالقة. لابد من الاشارة إلى العقلية السائدة في الادارة المغربية، هي عقلية متسلطة، لم تستوعب مفهوم الخدمة العمومية، فالكثير من رجال ونساء الادارة يتعاملون مع المواطن وكأن الأمر يتعلق "ببليزير" وليس بخدمة عمومية مؤطرة بقوة القانون. غير أن كل هذا النقاش في واد وما طلعت به علينا النائبة البرلمانية خديجة الزياني في واد آخر. وهي النائبة البرلمانية التي يفترض فيها التروي وتمحيص الأشياء. هكذا وبكل تهور تخرج بتدوينة فايسبوكية، تعرض استقرار البلد إلى الخطر وربما تجهل تماما أن هذ الوصف الذي استعانت به هو جزء من زمن سنوات الجمر والرصاص. قدمي سيدتي استقالتك من البرلمان، لربما تغفر لك زلتك التي قد تحرق الأخضر واليابس. إنك نموذج لنخبة سياسية أمية، تغرف من الريع الذي خرج المغاربة لمحاربته في احتجاجاتهم الأحد الماضي.