ما الذي يقع في الجزائر..؟ وهل لعبة أو مسرحية الصراع بين الرئاسة من جهة والجيش والمخابرات من جهة ثانية قد وصلت مرحلة النهاية، أم هي بداية لفصول جديدة من التدافع للوصول إلى مربع الحكم في قصر المرادية..؟ لا حديث إذن في الجزائر والعديد من البلدان التي ترتبط بهذا البلد بعلاقات ود أو توتر، بالإضافة إلى مراكز البحث التابعة للعديد من الأجهزة الاستخباراتية الإقليمية والدولية خلال 48 ساعة الماضية، إلا عن إقالة الرئيس بوتفليقة للعديد من قيادات الجيش الجزائري، وفي المقدمة إعفاء أحد كبار قادة الجيش الجزائري، وهو اللواء عبد الغني مالطي قائد القوات البرية والتي كان يعمل تحت قيادته 200 ألف جندي وضابط. الحركة في صفوف كبار ضباط الجيش الجزائري التي قام بها بوتفليقة والتي تعود إلى 26 يوليوز الماضي، و لم يتم الإعلان عنها إلا يوم الأربعاء همت إنهاء مهام رئيس أركان قيادة القوات البرية اللواء عبد الغني مالطي، ليحل في منصبه اللواء عمر تلمساني قادما من الناحية العسكرية الثالثة ببشار، أين كان يشغل منصب نائب قائد الناحية العسكرية. ونفس قرار الإعفاء شمل أيضا العميدين خليفة غوار والهاشمي بشيري، حيث شغل الأول منصب رئيس أركان الناحية العسكرية الخامسة، والثاني منصب رئيس أركان الناحية العسكرية الثانية بوهران، ليحل محلها العميدان عبد الحكيم مراغني وحسين محصول على التوالي. وبعكس اللواء عمر تلمساني الذي أنهيت مهامه كنائب لقائد الناحية العسكرية الثالثة، وتمت ترقيته إلى منصب أرقى يتمثل في رئاسة أركان القوات البرية، فإن باقي القادة الذين شملتهم قرارات إنهاء المهام، لم تُسند لهم مهام أو مناصب أخرى، مثل ما هو الأمر بالنسبة لرئيس قائد الأركان بالقوات البرية السابق اللواء عبد الغني مالطي، ومدير مدارس أشبال الأمة، اللواء بومدين معزوز. ولعل الملاحظة التي وقف عليها المراقبون العسكريون المتابعون للشأن الجزائري، أن هذه التغييرات على مستوى بعض القيادات العسكرية قد مست بالإضافة إلى قائد القوات البرية مناصب قيادة أركان النواحي العسكرية، وهم القادة الميدانيون في مكافحة الإرهاب والذين أصبح قائد الجيش اللواء أحمد قايد صالح يعتمد عليهم لمواجهة التهديدات القادمة من ليبيا. ورغم أن هذه التغييرات والتي جاءت عبر مراسيم رئاسية، وكما قالت وسائل الإعلام الجزائري أنها عادية وتدخل في مهام رئيس الجمهورية باعتباره وزيرا للدفاع والقائد الأعلى للجيش الجزائري، إلا أن المراقبين المتابعين للشأن الداخلي لهذا البلد يقولون أن هذه التغييرات، ماهي إلا فصل أخر من فصول الصراع بين الرئاسة والجيش، والتي ارتفعت وتيرتها بنهاية يوليوز 2015، وذلك في إطار التسابق على منصب الرئاسة وتمهيد الساحة للرئيس القادم للجزائر، وهو النهج الذي سار عليه بوتفليقة بضغط من محيطه، منذ سنة من الآن، وفي هذا الإطار كانت سلسلة الإقالات التي قام بها الرئيس ومست أساسا جنيرالات كبار في الاستخبارات وتحويل مؤسسات تابعة لها إلى إمرة قيادة أركان الجيش الجزائري.. وتبقى أهم التغييرات التي قام بها بوتفليقة في المؤسسة العسكرية والاستخبارات في المدة الأخيرة هي إقالة الجنيرال «بوسطيلة» قائد الدرك الوطني الجزائري وتعيين محله الجنيرال «نوبة مناد»، واستتبعه إعفاء الجنيرال «عبد القادر أيت واعراب» قائد فرقة مكافحة الارهاب في المخابرات الملقب ب«السيد مكافحة الإرهاب» وقبل هؤلاء كان إعفاء الرجل القوي في الجزائر المسؤول عن جهاز الاستخبارات والأمن الجزائري «محمد مدين» المعروف بالجنيرال توفيق والذي غطى على جميع الإعفاءات الأخرى بالنظر إلى قيادته لأهم أجهزة الدولة و أكثرها حساسية، وإلى قوة الرجل الذي يوصف بصانع الرؤساء والحكومات، بل والمهندس لكل المؤامرات المحاكة ضد المغرب لأكثر من ربع قرن.