بالرغم من النداءات المتكررة الموجهة يوما بعد يوم إلى الجهات المسؤولة من أجل تشييد حاجز وقائي يفصل كورنيش آسفي عن مياه بحر المحيط الأطلسي، وبالرغم أيضا من الزيارة الأخيرة التي قام بها عامل إقليمآسفي الحسين شاينان بشكل مفاجئ لمنطقة لاكورنيش، ووقوفه على الوضعية الكارثية لهاته المنطقة التي يغيب عنها حاجز وقائي وتنتشر وسطها الأزبال والقادورات، فإنه لا شيء تحقق من ذلك بعدما ظلت السلطات المحلية تنهج سياسة الآذان الصماء، والاستهتار بصحة المواطنين من خلال العدد الكبير من الأشخاص الذين يلقون حتفهم وسط مياه البحر سواء عن طريق الإنتحار أو عن طريق السقوط المفاجئ، أو عن طريق الغرق. فبداية هاته السنة، تم تسجيل حالات عدة في هذا الشأن دون أدنى تدخل من قبل الجهات المسؤولة، وكان آخر هاته الحالات، جثة شاب عاينها زوار المكان صباح يوم السبت الأخير وهي تطفو فوق مياه البحر ليتم إشعار السلطات، حيث تمكن زورق الإنقاذ من انتشالها والتوجه بها صوب الميناء، ومن هناك صوب مستودع الأموات، ثم الجثة الأخيرة لسيدة تم انتشاها من قبل شباب الحي الذين يتقنون فن العوم والسباحة، ثم الحادث المؤلم الذي وقع مساء يوم عيد الفطر عندما تجمع عدد كبير من المواطنين والمواطنات، وتابعوا عن كتب جثة شاب حديث الوفاة والأمواج تتقاذفها، فمرة تظهر فوق سطح الماء، ومرة تختفي، ليتم إشعار عناصر الوقاية المدنية التي حضرت إلى عين المكان، لكنها غادرته على الفور، ما جعل كالمعتاد أبناء المنطقة ينزلون إلى تحت، ويشرعون في العوم بحثا عن الجثة، حيث إنه ولحسن الحظ ظهرت هاته الأخيرة مرة أخرى، فتوجهوا بسرعة البرق نحوها، ليتمكنوا في آخر المطاف من انتشالها أمام أعين عدد كبير المواطنين والمواطنات الذين صفقوا لهم بحرارة، لتعود عناصر الوقاية التي انحصر دورها فقط في وضع الجثة في كيس بلاستيكي، والتوجه بها صوب سيارة نقل الأموات، هاته الأخيرة نقلتها صوب مستودع الأموات قصد خضوعها لتشريح طبي لمعرفة أسباب الوفاة، بعدما تم التعرف على هويتها، حيث تعود للمسمى محمد.ش الملقب ب"كحيلة" البالغ من العمر 34 سنة. هاته الوفيات الحديثة تنضاف إلى حوادث مؤلمة أخرى تعيشها قاطنة كورنيش آسفي يوما بعد يوم، من خلال المشاهد الهوليودية التي يتابعونها من حين لآخر بين أمواج مياه المحيط الأطلسي بالكورنيش، سواء المشاهد المتعلقة بمحاولة إنقاذ الغارقين والغارقات، أو المشاهد عند ظهور جثتهم، وتتوزع أيضا هاته الحوادث بين وفاة تلميذ كان برفقة زميلين له يستمتعون بمنظر البحر إلى أن فوجئ بسقوطه من فوق الصخرة في اتجاه مياه البحر، تاركا وراءه محفظته وحذاءه، و بعد زمن قليل طفت على السطح جثته التي تم انتشالها من طرف شابين اثنين يقطنان بالقرب من مكان الحادث، ليتم نقلها إلى مستودع الأموات، بحيث تعود للمسمى بدر جودار البالغ من العمر 19سنة، ينحدر من دوار بونيفل التابع للجماعة القروية الصعادلة بإقليمآسفي و يدرس بالثانوية التأهيلية ابن خلدون.. ثم هناك حادث غرق سيدة متزوجة تنحدر من منطقة جمعة اسحيم عندما رمت بنفسها من الصخرة صوب مياه البحر عندما كانت رفقة ابنتها الصغيرة، والتي تركتها تصرخ وتبكي، و لم تظهر جثتها إلى يومنا هذا.. ثم متابعة الساكنة أيضا لعملية إنقاذ شاب معروف بإتقانه للعوم والسباحة ومعروف بإنقاذه للعديد من الضحايا هناك، عندما كان يعتزم صيد سمكة، ثم الجثة التي ظلت طافية فوق مياه البحر وظلت تتقاذفها الأمواج العاتية، بحيث كانت الجثة عارية بعدما تحلل جزء منها بسبب قدمها، إذ تم انتشالها في آخر المطاف بعد مدة طويلة تفوق السبع ساعات من البحث من طرف زورق الإنقاذ التابع للوقاية المدنية الذي نقلها إلى الميناء، ومن هناك تم نقلها إلى مستودع الأموات قصد التحقق من هويتها ومعرفة حقيقة الوفاة.. ونذكر أخيرا الانتحار الذي أقدم عليه شاب مختل عقليا يقطن بحي الجريفات بآسفي، إلى غير ذلك من الحالات، ما يتطلب تدخلا عاجلا من قبل السلطة المحلية قصد تهيئة هذا الفضاء حتى لا يبقى مكانا للإنتحارات والسقوط المفاجئ، بعدما ابتلع بحر هاته المنطقة قرابة العشرة أشخاص خلال الشهور الثمانية الأخيرة.