بادرت وزارة الداخلية بداية العشرية الأولى من القرن الحالي لإنشاء أربعة مراكز صحية مشتركة بين الجماعات الأربعين المكونة للدوائر الترابية أيت أورير، تحناوت، أمزميز واسني، ثمرة شراكة بينها وبين وزارة الصحة والمجلس الإقليمي للحوز، انتهت أشغال بنائها في وقت لاحق حيث تشكلت المكاتب المسيرة لها نهاية ذات العشرية بمعدل عضو عن كل جماعة وداخل كل دائرة ترابية بعد انتداب مجالس ذات الجماعات، وما يرافق هذه العملية من شد وجدب بين مختلف المكونات السياسية لمجالس هذه الجماعات أثرت بشكل ملحوظ في نجاعة تسييرها. على سبيل المثال لا الحصر، أحد الجماعات تراجعت عن دفع مستحقاتها لفائدة المكتب لغضبها من مواقف صادرة عن رئيسه. لم يكتمل تجهيز هذه المكاتب لحد اليوم بسبب ضعف المكاتب المسيرة لها والمكونة في الأعم من أشخاص تنقصهم الكفاءة في مجال التسيير عموما وتدبير مرفق الصحة الوقائية بحيث ومنذ خروجها إلى حيز الوجود لم تستطع هذه المكاتب المسيرة، من خلال تدبير ماليتها، تجهيز مستودع الأموات الذي يشكل غيابه بالإقليم مصدر معاناة كبيرة لذوي الجثت، الذين يضطرون مكرهين للتنقل إلى مراكش، بعد سلسلة إجراءات يجدها فقراء الحوز فوق طاقتهم المادية والمعنوية، ينضاف لذلك عدم إشراك الكفاءات الطبية العاملة داخل هذه المكاتب في التسيير والتدبير. إكراه آخر من بين إكراهات أخرى يحد من جودة ونجاعة الخدمات التي ضمها القانون المؤسس لهذه المكاتب، التي تحذو حذو مكاتب مجالس مجموع الجماعات من حيث تسييرها. من بين الخدمات التي أسس من أجلها، والتي لا تخرج كثيرا عن الخدمات التي كانت تقدمها المكاتب الصحية الجماعية داخل تراب حدودها الجغرافية، محاربة الكلاب الضالة ومراقبة صلاحية المواد الاستهلاكية والتدخل في حال وقوع تسممات أو وباء وكذا مراقبة جودة مياه الآبار مع معالجتها، وكذا نقل الجثث والحالات المستعجلة إلى المراكز الاستشفائية القريبة منها. لم يبق من تنفيذ كل هذه الخدمات سوى الأخيرة فيما الأخرى ظلت حبرا على ورق، بحيث ما زالت الكلاب الضالة تغزو المراكز الحضرية بأيت أورير، أمزميز وتحناوت، مخلفة استنكار المواطنين وانزعاجهم خصوصا أثناء فصل الصيف الذي تصاب فيه هذه الكلاب بالسعار، وأحيانا تتدخل السلطات المحلية في غياب تام لدور لتلك المكاتب في العملية لإبادتها بإطلاق الرصاص عليها بطرق عشوائية تصيب في بعض الأحيان المواطنين ونوافذ المنازل بشظايا الأعيرة النارية بعد هروب الكلاب لاحتمائها بمنازل السكان، كما وقع في مركز مولاي ابراهيم حين أصيب مواطن بشظايا طلق ناري كاد يفقد حياته جراء ذلك. بخصوص مراقبة المواد الاستهلاكية. بقيت المصالح الإقليمية تشتغل منفردة في غياب أي دور للمكاتب الصحية المشتركة الأربعة الموزعة داخل تراب الإقليم. ويبقى تدخل هذه المكاتب في حال وقوع حالات تسمم العقارب والأفاعي شبه غائب، بحيث سجلت في الإقليم حالتي وفاة بسم الأفاعي مؤخرا، ساهم تأخر الإسعاف لنقل المصابين لإنقاذهم بقدر من المسؤولية حسب أهالي الضحايا. فإلى متى ستبقى هذه المكاتب الصحية تستنزف قسطا من ميزانية الجماعات المشتركة في تسييرها بفعل الرواتب ومصاريف المحروقات، دون بلوغ الأهداف التي من أجلها تم إنشاؤها.