على بعد أشهر من انعقاد مؤتمر (كوب 22) بمراكش، تزداد وتيرة النقاش بشأن ظاهرة التغيرات المناخية التي تهدد مختلف المجالات، بما فيها السياحة التي تؤثر في محيطها وتتأثر به، وهو ما جعل المسؤولين والمهنيين بالمنطقة المتوسطية الغربية يستشعرون خطورة الوضع، من خلال التفكير الجدي في توسيع مجال السياحة الصديقة للبيئة. وإذا كان هؤلاء المسؤولين والمهنيين، الذي التأموا مؤخرا بالدارالبيضاء في إطار الندوة الوزارية الرابعة الخاصة بالسياحة (حوار 5 زائد 5)، قد راهنوا على تعزيز التعاون في كل ما له علاقة بالتغيرات المناخية التي تهم صناعة السياحة في شقها الإيكولوجي، فإن هذا العمل المشترك، الذي تم وضع لبناته عبر إقرار "إعلان الدارالبيضاء حول السياحة والتغيرات المناخية"، سيكون حاضرا بقوة خلال مؤتمر (كوب 22)، كشكل من أشكال التجارب التي تدخل ضمن خانة الممارسات الفضلى. على أن الأهم في هذه الندوة التي شارك فيها ممثلو عشر بلدان متوسطية، فضلا عن إقرار هذا الإعلان، هو مناقشة العلاقة المعقدة بين العوامل المناخية والأنشطة السياحية، والحاجة إلى التقليل من انعكاسات هذه العوامل في محيط بيئي هش. وفي انتظار عقد مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 22) بمدينة مراكش، فإن إعلان الدارالبيضاء حول السياحة والتغيرات المناخية، الذي رأى النور في ظرفية تهدد فيها التغيرات المناخية كل مناحي الحياة البشرية، قد يشكل خارطة طريق بالنسبة لبلدان المنطقة المتوسطية الغربية خاصة، ومجموع المشاركين في (كوب 22) عامة. وضمن هذه النقاشات وغيرها المتعلقة بالبيئة والتغيرات المناخية، تبرز تحديدا مكانة الصناعة السياحية، التي تساهم بشكل كبير في الرفع من الناتج الداخلي الخام لكل البلدان، وفي توفير مزيد من فرص الشغل، وذلك حسب تصريحات وإفادات وزراء ومسؤولين شاركوا في الندوة الوزارية الرابعة الخاصة بالسياحة (حوار 5 زائد 5) بالعاصمة الاقتصادية. وحسب ماتياس فاكل كاتب الدولة الفرنسي المكلف بالتجارة الخارجية والنهوض بالسياحة وبالفرنسيين في الخارج، فإن قطاع السياحة بفرنسا، المسكون بهاجس المحافظة على البيئة، يشغل حوالي مليوني شخص، رغم وجود بعض الإكراهات المرتبطة بالبيئة والإرهاب. وفي مالطا، فإن الصناعة السياحية، التي بدأت تعتمد أكثر على الطاقات البديلة (ريحية وشمسية)، تساهم ب 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، كما جاء على لسان السيد غافين غوليا رئيس الهيئة المكلفة بالسياحة في مالطا. وفي سياق البحث عن حلول مشتركة لكل التحديات التي تطرحها التغيرات المناخية، فقد شدد حسين عمباس مدير التواصل والتعاون بوزارة السياحة الجزائرية، على ضرورة العمل المشترك لمواجهة هذه التحديات البيئية، التي تهدد حياة الأجيال الحالية والمستقبلية. ولبلوغ هذه الغايات المتعلقة بوجود سياحة صديقة للبيئة، أبرز محمد محمود با ولد ني، المدير العام للمكتب الوطني للسياحة بوزارة التجارة والصناعة والساحة بموريتانيا، أهمية تطوير قطاع سياحي هادف ومسؤول بالمنطقة المتوسطية، بشكل لا يضر بالحياة الطبيعية والبشرية. وتبقى الإشارة إلى أن مجموعة من بلدان المنطقة المتوسطية الغربية، من بينها المغرب الذي يعد وجهة مرجعية في مجال التنمية السياحية المستدامة، لها برامج ترتبط بالسياحة الإيكولوجية، التي تفتح آفاقا واعدة في الحفاظ على الثروات السياحية الطبيعية بهذه المنطقة. فبلدان هذه المنطقة استشعرت الزحف الكبير لخطر التغيرات المناخية الذي يداهم الجميع في صمت، رغم تمظهراته الصاخبة أحيانا المتمثلة في الفيضانات تارة والجفاف تارة أخرى، وهو ما يضع السياحة في دائرة الاستهداف الذي قد يصل مرحلة التهديد، وهنا تبرز أهمية السياحة الصديقة للحياة البشرية والطبيعية. تجدر الإشارة إلى أن (حوار 5 زائد 5) يضم 10 بلدان تقع بضفتي المتوسط، وهي المغرب وموريتانيا وتونس والجزائر وليبيا، وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال.