أجلت هيئة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش زوال أول أمس، النظر في ملف الاختلاسات التي طالت المداخيل المالية لسوق الجملة للخضر والفواكه والتي يتابع على خلفيتها 13 متهما يتقدمهم حميد الشهواني نائب العمدة السابق بقسم تنمية الموارد المالية، وضربت لهم موعد بداية شتنبر القادم لخوض غمار المحاكمة ومواجهة المنسوب إليهم من تهم كل حسب مسؤوليته وكل حسب موقعه من إعراب أوراق القضية. انطلقت القضية التي يتابع على خلفيتها بعض الموظفين الجماعيين الذين ظلوا يتربعون على دفة تسيير وتدبير شؤون السوق إلى جانب بعض الوكلاء وتجار الجملة من مكاتب المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن مراكش، بناء على تعليمات الوكيل العام الذي عهد إلى عناصرها بالتدقيق واستجلاء تفاصيل الاختلالات والاختلاسات التي نخرت المداخيل المالية لهذا المرفق الحيوي، قبل أن تستقر بعدها بمكتب قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال بالمحكمة ذاتها، والذي عبد الطريق أمام المتهمين تجاه قفص الاتهام بغرفة الجنايات. «إخفاء أوراق ووثائق من شأنها تسهيل البحث في جنايات وجنح» طبقا لمنصوصات المادة 593 من القانون الجنائي، شكلت فصول المتابعة التي طوق بها المسؤول القضائي المذكور عنق المتهم الرئيسي والذي كان يشرف على تدبير شؤون السوق كنائب للعمدة المفوض له هذه الصلاحيات، فيما حشر باقي المتابعين في زوايا تهم لا تقل وزنا في مقياس مواد القانون الجنائي، تمثلت بمجملها في «اختلاس أموال عامة موضوعة تحت يد موظف عمومي بمقتضى وظيفته، والتزوير في وثائق رسمية والغدر». من نماذج الاختلالات المسجلة في حق المتهمين والتي عجزوا عن إيجاد تبريرات وتفسيرات مقنعة لها أثناء مراحل التحقيق السالف ذكرها: «عدم استخلاص واجبات دخول الشاحنات والعربات المحملة بالخضر والفواكه إلى السوق، خلافا لمنصوصات القرار الجبائي، تزوير فاضح يعتمد تغيير الوزن الإجمالي المسجل في أوراق الوزن، التشطيب على الوزن الحقيقي بواسطة حبر أسود، عدم وجود ورقات الكشف الأساسي لبعض الفواتير، ما يؤكد اختلاس واجبات الرسوم الجبائية على حمولة بعض الشاحنات التي تلج السوق، عدم تعبئة دفتر الكشوفات الأساسية بالرغم من وجود أوراق الوزن عليها وكذا البطائق الرمادية للشاحنات ومرور الوقت الكافي على دخولها لإجراء عملية المراقبة وتحرير الكشوفات، تدوين بيانات غير صحيحة على بعض أوراق كشف الفواتير، وكذا محاولة تغيير معالم الاختلاس عبر تعبئة كشوفات أساسية تحمل تواريخ لاحقة عن التواريخ المحددة بورقة الميزان والرقم التسلسلي لها». بعد مواجهة المتهمين بهذا السيل من الاقترافات، أعجزتهم النصوص القانونية وبنود الميثاق الجماعي عن تقديم أي تفسيرات أو مبررات مقبولة ومعقولة، فلجؤوا إلى امتطاء صهوة التهرب من المسؤولية و«طلوع الجبل» عبر إلقاء الكرة في مرمى الآخرين، وكل يحاول الإفلات بجلده من تحمل مسؤولية ما تم الوقوف عليه، فيما لم يجد البعض الآخر أمام قوة القرائن سوى الدفع بشعار «ما عرفتش» و «ما عنذي حتى تفسير لهاذ الشي». أمام محاولة تملص الجميع من مسؤولية الاختلالات والاختلاسات التي تم الوقوف عليها، كان ضروريا الاستماع لإفادة بعض المسؤولين بالسوق، الذين أكدوا بأن حميد الشهواني نائب العمدة المفوض له تدبير وتسيير شؤون السوق، هو الذي يتدخل في جميع الأمور التدبيرية والعملية بالسوق، ويحظى بسلطة تعيين أو تغيير أو حتى الاستغناء عن بعض الموظفين، من قبيل إقدامه على إعادة بعض الأعوان الذين تم إبعادهم من السوق سنة 2010، واتخاذهم كمساعدين أساسيين يتحكمون في كل شاردة وواردة بالسوق. حقائق ووقائع وضعت تحت مجهر قاضي التحقيق الذي انتهى بتحرير تقرير مفصل عن مجمل تفاصيل القضية ومتابعة الأظناء كل حسب مسؤوليته وكل حسب اقترافاته، ما فتح أمامهم أبواب الولوج لقفص الاتهام في انتظار ما ستنتهي إليه هيئة الحكم. إسماعيل احريملة