مع تكليف وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي بخلافة رئيس الوزراء دايفد كاميرون، تأبى الصحافة العالمية عامة والبريطانية خاصة إلاّ أنّ تقارن بين ماي وسابقتها الوحيدة مارغريت ثاتشر، المعروفة بلقب المرأة الحديدية. أوجه الشبه واختلاف بين المرأتين، في عصر ازداد فيه نفوذ المرأة، لا سيّما في الدول الأوروبية، شكلت مادة دسمة لكلّ من "غارديان" و"ديلي تلغراف" و"تايمز" وغيرها. من جهتها، جزمت "ديلي تلغراف" أنّ ماي ستكون خليفة "للمرأة الحديدية"، بل ستتغلب عليها، مشيرةً إلى أنّه سبق لها أن صرحّت بأنّها ستزيد عدد النساء في الحكومة، علماً أنّ البارونة ثاتشر لم تعيّن أي وزيرة في حكومتها على مدى 11 عاماً أمضتها في منصبها، باستثناء البارونة يونغ التي ترأست مجلس اللوردات بين عام 1982 و1983. بدورها، دعت "نيوزويك" في مقال لها إلى المقارنة بين ثاتشر وماي، لافتة إلى أنّ الاثنتين ارتادتا مدارس القواعد التي تسمّى بالانكليزية ب "Grammar school" وهي مدارس حكومية، وإلى أنّ كلاهما تجسدان قيم وتطلّعات الطبقة الوسطى الطموحة في بريطانيا، فضلاً عن أنّهما أظهرتا عزيمة ومرونة لتولي المناصب الوزارية العالية. من جهة ثانية، أشارت "نيوزويك" إلى أنّ ماي اشتهرت أثناء عملها في وزارة الداخلية بعنادها، مشبّهة صورتها وهي تضرب الأرض بكعبي حذائها، بحقيبة يد ثاتشر الكبيرة التي لطالما استخدمتها لترهيب أو تهديد الآخرين. لكن تختلف ثاتشر عن ماي، وفق المقال نفسه، إذ أنّ الأولى أكثر اجتماعية من الثانية، التي تعتز بقدرتها على تجنّب الأجواء المسمّمة في ويستمنستر، حتى قالت إنّها لا تمتلك دائرة داخلية داخل حزب البرلمان. كذلك تحدّث المقال عن تعهّد ماي بتحدي الوساطات الرأسمالية القائمة بين رجال الأعمال والرسميين الحكوميين، ووعدها بالعمل لصالح الأغلبية وليس الأقليّة المحظوظة، مقارناً بوعود ثاتشر في عام 1975 المماثلة لها حول تحدّي الشركات الكبرى والدولة وحماية مصالح الناس، ولافتاً في الوقت عينه إلى أنّ بريطانيا عام 2016 تختلف عنها في عام 1975. في المقابل، كشفت "غارديان" في حديث مع إحدى صديقات ماي القديمات، أنّ الأخيرة طمحت، منذ كانت بسن ال17 عاماً بتبوأ منصب رئاسة الوزراء، مشيرةً إلى أنّ أنّها (ماي) أبدت انزعاجها من ثاتشر التي هزمتها وترأست حكومة بلادها. كما لفتت الصديقة إلى أنّ ماي لم تعتبر ثاتشر قدوة لها، مستبعدة أن تكون رئيسة الوزراء البريطانية الثانية "ثاتشرية". بدورها، نقلت صحيفة "تايمز" عن المستشار المالي المتقاعد كولين دافيدسون سعادته لتقلّد ماي التي تعارض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هذا المنصب، مرجحاً أن تكون مارغرت ثاتشر ثانية. وبصورة واضحة وسهلة قارن موقع "بي تي" بين ماي وثاتشر، في جمل قصيرة، أورد فيها عمر ثاتشر لدى توليها رئاسة الوزراء الذي بلغ 53 عاماً مقابل ماي 59، وسنوات العمل في الحكومة قبل تولّيهما رئاستها، ومكان ولادة كل منهما حيث ولدت ثاتشر في بلدة غرانتهام التي تقع في منطقة جنوب لينكولينشاير في عام 1925 والثانية في إيست بورن في الساحل الجنوبي لإنكلترا، عام 1956. وأنّ ثاتشر درست الكيمياء أمّا ماي فدرست الجغرافيا. يُشار إلى أنّ ماي، تعهّدت بأن تخلق "بلدا للجميع، لا لذوي الامتيازات فقط"، واعدةً بمنح الذين بالكاد يتدبرون حياتهم وأولئك الذين يعملون بدون انقطاع "درجة أكبر من السيطرة على حياتهم". وكان ديفيد كاميرون قد قدم استقالته للملكة في وقت سابق اليوم، وغادر مع عائلته داونينغ ستريت، مقر الحكومة البريطانية، متمنيا "حظا طيبا" لخليفته. وقال كاميرون في تصريح لصحيفة ديلي تليغراف "في الوقت الذي أغادر منصبي اليوم، آمل أن يرى المواطنون بلدا أقوى. لقد كان شرفا لي أن أخدم هذا البلد الذي أحبه".