البطولة: نهضة بركان يبتعد في الصدارة بفوزه على المغرب الفاسي ويوسع الفارق مع أقرب ملاحقيه إلى تسع نقاط    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مجلسا النواب والدولة في ليبيا يستغربان تدخل الخارجية الليبية في لقائهم في المغرب    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مرزوق أولاد عبد الله: المغرب بات ينفرد في المنطقة بنموذج متكامل في محاربة التطرف


قال إن المسلم لابد أن يكون حداثيا ومتطورا
AHDATH.INFO- الرباط – حاوره: هشام الفرجي
الدكتور مرزوق أولاد عبد الله‪,‬ مغربي المولد، هولندي النشأة‪,‬ قدم إلى هولندا رفقة أسرته عام 1974 وسنه لايتجاوز العشر سنوات. درس في المدارس الهولندية وحفظ القرآن الكريم في مدينة أمستردام، ثم حاول استكمال دراسته في الشريعة الاسلامية بالمعهد العتيق بتطوان أواسط الثمانينات لكنه أصيب بمرض ليعود إلى هولندا من أجل الاستشفاء. بعدها بعامين انتقل للدراسة بالأزهر الشريف حيث التحق بالثانوية الأزهرية ثم بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، حيث حصل على الماجستير في موضوع (عزل الموظف العام في النظام الإسلامي والنظم الإدارية المعاصرة.. دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون)، وأشرف على الرسالة الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق ثم حصل على الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي وكان موضوع الرسالة تحت عنوان (تغير أسعار الصرف وتطبيقاتها المعاصرة). مرزوق يشغل حاليا منصب أستاذ الدراسات الاسلامية بالجامعة الحرة لأمستردام وخطيب مسجد امستردام الكبير (أول مسجد بهولندا) وعضو المجلس العلمي الأوربي وناشط في مجال العمل الإسلامي في هولندا. كما ساهم في تأسيس عدد من الأقسام التي تهتم بدراسة وتعليم الدين الإسلامي منها معهد تكوين الأئمة والخطباء.
دعا مرزوق إلى إعادة قراءة النصوص الدينية وفق التغيرات والتحولات والسياقات الراهنة. وكشف في حوار مع "AHDATH.INFO" «الأحداث المغربية» على هامش حضوره سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية لشهر رمضان الجاري، تأثيرات الأحداث الإرهابية في بلجيكا وفرنسا على المسلمين بهولندا، وكيف استغلت الأحزاب العنصرية هذه الأحداث لتشويه صورة المسلمين، ورد فعل السلطات الهولندية تجاه المضايقات التى تعرضوا لها. كما اعتبر مرزوق أن درجة تسامح المجتمع الهولندي تراجعت تجاه الوجود الإسلامي، حيث انتشرت موجة من الإسلاموفوبيا ودعوات لطرد المسلمين، كونهم لا يستطيعون العيش من الهولنديين، وهو ما "حاول المسلمون التصدي له بإدانة أية ممارسات متطرفة، أيا كانت هوية من يقف خلفها"، يقول المتحدث نفسه.
السؤال الآني الذي يطرح نفسه يتعلق بالهجمات الإرهابية التي شهدتها بلجيكا وفرنسا بين العام الماضي والجاري، كيف تشبع شباب في عمر الزهور بالفكر المتطرف الداعشي وهم من أبناء بلدان الإقامة، حيث ولدوا وترعرعوا فيها؟
نعم سؤال بات الكل يطرحه. لا بد أن أشير إلى أمر مهم، هو أن هؤلاء الذين قاموا بالتخطيط وتنفيذ الهجمات ليست لهم أي علاقة بالمساجد المغربية ولا يترددون عليها بل لا يعترفون بها ولو كان ذلك ما حصلت كل تلك الاعتداءات، بمعنى أن الشباب الذي يرتاد المساجد لاسيما التي يشرف على تدبيرها المغاربة بتأطير من المجلس العلمي الأوربي، هم محصنون ولم يتأثروا بالفكر المتطرف الذي يأتي من خارج المساجد. كما أن هؤلاء القتلة لا يرتادون المساجد بحجة أنها لاتتبع الاسلام الصحيح، وهنا يجب استحضار العامل المساعد على انتشار الفكر الداعشي، ألا وهو الانترنت، حيث أصبح هو ملاد المتطرفين لاستقطاب المزيد من الشباب المقيم في أوروبا باستعمال طرق متخفية حتى لا يتم اكتشاف أمرهم. لهذا أنا أقول أن العمل يجب أن ينصب أيضا على الشبكة العنكبوتية من خلال مواجهة تلك الأفكار المتطرفة بالاسلام الصحيح المعتدل الوسطي الذي يدعو إلى التسامح والتضامن ونبذ العنف. أما بخصوص جنوح فئة من الشباب المغربي نحو التطرف فيكمن القول أنهم يتأثرون بسرعة برأي الغير خاصة بالأئمة القادمين من الشرق، رغم محدودية انتشار هذه الفئة لكنها مؤثرة وتضم فئات متعلمة وجامعيين وأكاديميين يعملون على نشر هذا الفكر في أوساط الجالية المغربية.
إذن في نظرك كيف يمكن مواجهة هذا المد المتطرف؟
لابد من رسم استراتيجيات لتأصيل الفكر الإسلامي المعتدل ترتكز على التعرف على الفكر المتطرف، وطرح الأسئلة التالية: من أين يأتي؟ من يدعمه؟ من ينشره؟ وتحديد المستهدف من هذا الفكر. وعلى المستوى العملي ينبغي تحديد معالم التطرف‪،‬ وماهي العلامات التي تظهر على الشخص المتطرف، ومن تم توجيهه إلى المساجد لتعليمه الدين الاسلامي الصحيح وكذلك يجب التعامل معهم بمقاربات فكرية وشرعية. لهذا أقول أنه أصبح لزاما على العائلات المسلمة معرفة الملامح الأولى للتطرف حتى لا يقع أبناؤهم فريسة الجماعات الارهابية التي تنشط عبر الانترنت كما قلت سابقا. زيادة على ذلك ينبغي تكثيف العمل على مستوى المساجد لمحاربة الارهاب، وتظافر جهود كافة المؤسسات المعنية بالجاليات المغربية بالخارج وعلى رأسها المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة والهيئة المكلفة بالتنسيق بين الجاليات الإسلامية والحكومة الهولندية من أجل استئصال منابع التطرف. مؤخرا كتبت مقالا بالهولندية تحت عنوان «حان الموعد لإعلان الجهاد على الذين يجاهدون ‪]‬يقتلون‪[‬ باسم الدين» نشرته الصحف الهولندية ويتطرق إلى موضوع الجهاد الذي أصبح يحمل معنى القتل والارهاب والتطرف، حيث فصلت ودققت في المعنى الأول للجهاد وشرحت بالتفصيل باقي معانيه. فطرحت أسئلة حول موضوع استخدام العنف، ماذا يقصد الإسلام من الحرب العادلة؟ متى يمكن للحرب العادلة أن تبدأ أو ما هي مسببات الحرب العادلة في الإسلام؟ ومن له الحق في إعلانها؟ وإذا بدأت الحرب ( الجهاد) فما هي الضوابط التى يجب على المسلم أن يلتزمها؟
وهذا يدخل في إطار التعريف بالدين الاسلامي.
هولندا تعرف اليوم تواجد جالية مغربية تتبوأ مكانة مهمة ومتميزة على الساحة السياسية، فأي دور للمغاربة في مواجهة خطر التطرف المحدق بالشباب المسلم؟
السياسيون من أصل مغربي هم جزء من هذا المجتمع ويدركون خطورة تصاعد انتشار الفكر المتطرف بين شباب الجالية. في تقديري ما يجب فعله يتمثل في الدفع بالدولة والضغط عليها من أجل تبني سياسات ناجعة لاتقصي أحدا تجاه الشباب كيفما كان أصله. وهنا أود التأكيد على أن الدولة الهولندية توفر تمويلات لمشاريع تتعلق بمحاربة التطرف، لكن النتائج المحصلة تبقى غير كافية لأنها في نظري لم تمنح للجهات المناسبة.
كيف تتعامل الحكومة الهولندية مع المبادرات الرامية إلى توعية وتحسيس الشباب المسلم بمخاطر التطرف؟
دعني أقول لك بصراحة أن الحكومة الهولندية رغم كل ما يقع تسمح للجميع بمختلف اتجاهاتهم وأفكارهم وأديانهم أن يمارسوا شعائرهم بمنتهى الحرية ، كما تسمح ببناء المدارس والجامعات والمساجد، والدستور الهولندي هو الذي يكفل هذه الحقوق، لكننا للأسف كمسلمينء نلقي بالأخطاء على الآخرين ولم نحسن استغلال هذه الحرية بقدر كبير.
سؤال التطرف يقودنا إلى موضوع انتشار ظاهرة الخوف من المسلمين أو ما يعرف ب«الاسلاموفوبيا» في أوربا، ما هي الصورة التي يحملها المواطن الأوربي اتجاه المسلم؟
نعم هناك تخوف من الاسلام لاسيما بعد الهجمات الارهابية التي عاشتها فرنسا وبلجيكا، حيث زادت من هذا الشعور اتجاه المسلمين، بمعنى أن العديد أصبح يعتبر كل مسلم هو قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت. لكن لا شك أن هذا التصور الذهني الخاطئ ليس بوليد الأحداث الأخيرة ولكن يعود إلى سنوات خلت، وهو باعتقادي يرجع بالأساس إلى سببين مهمين: الأول من جانب الغرب والثاني من جانب المسلمين. بالنسبة للسبب الأول فنجد أن النظرة التاريخية الموجودة في ثنايا الكتب والمؤلفات في التراث الغربي جاءت من خلال الموروث الاستشراقي والتصور التاريخي المغلوط عن الإسلام في المناهج الدراسية، والتي كرست الصورة الذهنية الخاطئة عن الإسلام في الغرب، بالإضافة إلى الربط بين ما جاء في الكتب والمؤلفات في التراث الغربي عن الإسلام والواقع الفعلي الذي يتمثل في استغلال الاحداث الارهابية المتفرقة، من طرف الإعلام الغربي وتصويرها على أنها هي من تعاليم الإسلام. وهذا كله يؤدي إلى تفشي ظاهرة الخوف من الإسلام والمسلمين. أما السبب الثاني فيرتبط بتقصير المسلمين، بحيث لم يهتم العالم الإسلامي بالجاليات الإسلامية إلا في الآونة الأخيرة، وهنا أود التنويه بالاهتمام الذي يخصه المغرب من أجل تقديم الدعم والمساعدة في إنشاء مراكز ومؤسسات إسلامية وبحثية تساهم في تدريب الباحثين، وتأهيلهم ليساهموا في إزاحة الصورة النمطية عن الإسلام عبر التعليم والبحث العلمي والحوار والنشر في وسائل الإعلام. مقابل ذلك لابد من الإشارة إلى الفئة الأخرى من العقلاء الذين لا يترددوا في تقديم صورة جيدة عن الإسلام وإزالة الصورة النمطية عنه بل يتجاوز ذلك إلى الدفاع عنهم حينما تقع اعتداءات إرهابية يكون وراءها فرد من أفراد الجالية المسلمة.
أنتم عضو بالمجلس العلمي الأوربي ما هي الإضافة التي جاء بها المجلس بالنسبة للجالية المغربية وللمسلمين عموما؟
أولا الاسم والتواجد، فالمغاربة في أوروبا أصبح لهم مرجعية دينية قريبة منهم وتعبر عن مذهبهم المالكي، وهذا أمر جيد يساعد على الفهم الصحيح للدين من قبل باقي الجاليات المسلمة في أوروبا. المجلس يحاول قدر المستطاع أن يتحرك داخل أوروبا من خلال المساجد ومن خلال عقد لقاءات وندوات ذات طابع دولي ومحلي. نحن نسعى إلى أن يكون له دورا أكبر ويساهم أكثر في أوساط المسلمين عموما وأن يسهم في استقرار مجتمع المسلمين عامة والمجتمع الغربي، لأنه يقدم النموذج الإسلامي المغربي المعتدل والمنفتح والمتسامح الذي يقوم على الوسطية. ويمكن على المدى البعيد أن يتحول هذا المجلس إلى مركز يلجأ إليه المسلمون عموما في ما يخص الشأن الديني في السياق الغربي. كما نتطلع في المستقبل إلى أن يتحول إلى مركز للبحوث والدراسات التي تهم الشأن الإسلامي في الغرب وذلك في إطار تعاوني وتشاركي مع مختلف المؤسسات المدينة والأكاديمية المهتمة بالدول الغربية.
المجلس لازال في إطار التطوير حتى يلبي الحاجيات المطلوبة ويقدم ما هو مأمولا فيه، فهو يشتغل داخل سياق غربي له إكرهاته القانونية والسياسية، وهذا الواقع يخضع لتوازنات اجتماعية ومذهبية. لكن المغاربة والمسلمون عموما يفتقدون إلى مؤسسة دينية توحدهم وإلى كل من يستطيع أن يساهم في إثراء الفكر الإسلامي القائم على القول الحسن والحكمة والموعظة الحسنة وجمع الشمل والإسهام في مسألة الاندماج الواعي للمغاربة والمسلمين في مجتمعاتهم الجديدة وبما يعود بالنفع على الجميع.
ماذا عن القسم الاسلامي بالجامعة في أمستردام ودوره في خلق جيل جديد من الشباب المسلم يدعو إلى إسلام معتدل ووسطي في الغرب؟
أود أن أذكر بأمر مهم يتعلق بخلق القسم الاسلامي بالجامعة الحرة، حيث ساهم في تأسيسه اتحاد المساجد المغربية ومنظمات اسلامية بهولندا وذلك لسد الخصاص الذي كان على مستوى المدينة باعتبارها آهلة بالمسلمين.
ندرس بالجامعة مواد شرعية تتمثل في القرآن وعلومه، والتفسير وعلومه، والحديث الشريف وعلومه، والقواعد الفقهية، والتاريخ الإسلامي، والسيرة النبوية، ونحن غالبا ما نأخذ المناهج التي تدرس بجامعة الأزهر الشريف بمصر، والتي نرى أنها الأقرب إلى الواقع وهذا بجانب العلوم الاجتماعية، وتتمثل في دراسة واقع المجتمع الهولندي وتركيباته النفسية والعقلية والاجتماعية؛ لأن هذا مهم جدا بالنسبة للداعية الذي، يعتلي المنبر. كما أن الجامعة تدرس اللغة الهولندية للطلاب الذين لا يجيدونها وهذا شرط أساسي للالتحاق بالجامعة كما أن هناك دراسة لتاريخ الأديان، وهناك مادة تهتم بمهارات التواصل والحوار مع الآخرين، ويقوم بتدريس هذه المواد الاجتماعية أساتذة من الجامعات الهولندية والبلجيكية الذين غالبا ما يغيرون نظرتهم المشوهة عن الإسلام عندما يحتكون بنا عن قرب ويتعاملون مع الطلاب والطالبات في هذه البيئة الإسلامية فيخرجون بتصور آخر عن الإسلام يقومون هم بنشره في المجتمع الغربي.
قمتم مؤخرا بتنظيم سلسلة من اللقاءات ترتكز على الحوار بينكم وبين عدد من الأقليات الهولندية ما هو سياق وأهداف هذه المبادرة؟
فكرة الحوار طرحت أول مرة من طرف مؤسسة المسجد الكبير في أمستردام وهو للإشارة مسجد، خرج للنور من رحم إحدى الكنائس المالكة لقطعة الأرض، حيث كان المسلمون يؤدون الصلاة في بيوتهم وفي الشوارع العامة، فما كان من مجلس الكنائس الهولندية إلا أن تقدم بعرض لمساعدتهم بإعطاء مقر لهم داخل الكنيسة لأداء الصلاة فيه. الحوار بين الأديان يهم أيضا مواضيع اللغة العربية والتواصل. الحوار حقيقة بدأ منذ سنوات، وشجع على ذلك وجود مجالس دينية عند اللبراليون اليهود والمسيحيون على مختلف مذاهبهم، فكنا نقوم باجتماعات دورية في المساجد وفي الأديرة وتارة أخرى في الكنائس. كما قمنا كمسلمين بحضور صلاة اليهود وإلقاء دروس داخل المعبد اليهودي، وأنا شخصيا ألقيت خطبة أمام المصلين اليهود عرفت من خلالها نظرة الإسلام إلى غير المسلمين ومسالة التعايش الإسلامي اليهودي انطلاقا من النموذج المغربي الأمر الذي كان له صدى طيب لدى الجالية اليهودية وبالمناسبة كثير منهم من المغرب. وخلال اللقاءات أو الاجتماعات المفتوحة كنا نقوم خلالها بفتح النقاش حول المواضيع المذكورة من أجل التعامل مع كل ما يجري حولنا من أمور مجتمعية نرى كمشتغلين بالحقل الديني أنه لا بد لنا أن نساهم فيها بالرأي والنصيحة، من خلال علاجها من ناحية دينية ورسم الخطوات العملية لتنزيلها، لذلك نصر دائما على مناقشة جميع الأمور معا والخروج بفكرة موحدة تصب في إبراز دور المجموعات الدينية في طرح المشاكل ومعالجتها من منظور ديني و توضيحه للمجتمع وهو عمل ليس مؤقت بل هو مستمر في الزمن.
ما هي الخلاصات التي خرجتم بها بعد هذه اللقاءات والجلسات الحوارية؟
لقد توجنا جلسات الحوار هاته بيننا نحن كمسلمين وبين اتباع مختلف الديانات والأعراق والأجناس والمؤسسات الدينية والمدنية والاجتماعية الأخرى بالتوقيع على وثيقة «التعايش المشترك» بين جميع مكونات المجتمع الهولندي التي تنص على ضرورة احترام الآخر وعدم إشاعة الكراهية بين أفراد وفئات المجتمع.
صف لنا واقع الأقليات المسلمة في هولندا وغيرها من الدول الأوروبية بعد وقوع الأحداث الإرهابية في فرنسا؟ وكيف تعاملتم معها ؟
الجاليات المسلمة في هولندا بدأت في الأحداث الأخيرة في فرنسا وبلجيكا تدرك أنه لا مجال للسكوت عن التطرف والمتطرفين والإرهابيين لأن نتائجها في حالة الصمت ستنعكس عليهم وستصيبهم لا محالة لاسيما وأنهم أصبحوا مكون من مكونات المجتمع الهولندي والغربي وأن عليهم مسؤوليات كغيرهم. فقد تمت إدانة الاعتداءات الإرهابية بشدة من قبل المنظمات الاسلامية الموجودة في الساحة الهولندية. كما أننا بالمسجد الكبير الذي أخطب فيه الجمعة نظمنا بالتعاون مع أهل الأديان بعد يوم واحد من هجمات باريس في العام الماضي تظاهرة كبيرة ونددنا بالاعتداء الارهابي والذي أوقع العديد من الضحايا، وقد حضر هذا اللقاء العديد من الشخصيات الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية والسياسية، والعديد من السياسيين المسلمين وغيرهم من المنظمات المدنية.
كانت هذه التظاهرة ممارسة عملية لإظهار للرأي العام بهولندا بأن المسلمين لا يقرون الأعمال الإرهابية والوحشية أيا كان مصدرها وتوجهها، ويرفضون الإرهاب جملة وتفصيلا بكل أشكاله وأنواعه، وأنهم مواطنون مثل غيرهم لهم انتماء لهذا البلد ويخافون عليه مثل ما يخاف غيرهم عليه لا فرق بينهم، وإن وجد من المسلمين من يرى غير ذلك فإننا ضده وضد نهجه وتوجهه وتصوره وأننا سنعمل على مجابهة هذه الأفكار التي تضر بالمجتمع الهولندي فضلا عن إلحاقها الضرر بالإسلام والمسلمين على وجه العموم. وهذه التظاهرة استبقت تحركات العنصريين قبل أن يتباروا في إلصاق التهم بالإسلام والمسلمين وأنهم مصدر الإرهاب وإثارة القلاقل في المجتمع الهولندي وكانت ردا على محاولات بعض الأحزاب ودعاة العنصرية للنيل من الإسلام والمسلمين ورسم صور الإرهاب القاتمة بخصوص الوجود الإسلامي في هولندا والغرب عموما.
الارهاب الذي يستفحل يوم بعد يوم منبعه بعض النصوص الدينية، في هذا الصدد هل يمكن إعادة قراءة النص الديني بعيدا عن منطق الحلال والحرام والكفر والإيمان؟
نعم بالتأكيد، لابد أن تكون هناك قراءة معتدلة للنصوص الدينية. العقيدة قطعية وثابتة وهي أن الله موجود أما الجانب الآخر من الدين فيجب الاجتهاد فيه وهو ليس وحيا. أنا لا أرى أن المشكل في النصوص الدينية بل في تفسيرها. فهناك نصوص لم تفهم وتم تفسيرها بشكل خاطئ لا تتفق مع نظرة الاسلام للوجود والعلاقات المجتمعية. ينبغي إعادة قراءة اجتهادات الفقهاء. فهناك أحكام شرعية مبنية على اجتهاد وفق ظروف معيشية وسياقات معينية وهي تصلح لذلك الزمان فقط، بل هناك تفسيرات لنصوص دينية يمكن أن تؤدي إلى اصطدامات في المجتمع الغربي، لهذا يجب على الفقهاء إعادة قراءتها وتفسيرها وفق السياق والمكان الذي نعيشه نعيش فيه.
(مقاطعا) مثلا مسألة الجهاد؟
نعم قضية الجهاد. فالجهاد كان على شكل غزوات لرد الاعتبار والدفاع عن النفس ولم يكن المسلمون هم من يبادر بالحرب بل الطرف الثاني. إذن كيف نعلن الحرب أي الجهاد، حسب فهم المتطرفين، ونحن نعيش في سلم وأمن واستقرار مع غير المسلمين خاصة في الديار الأوربية. هناك آيات في القرآن الكريم تدعو إلى السلم والتضامن والتسامح.
ما أود أن أوضحه أن هؤلاء المتطرفين غير مدركين لسياقات نزول الآيات القرآنية، حيث هناك خلط في المفاهيم وهم غالبا لا يتوفرون على تكوين علمي وشرعي يأهلهم على فهم الدين الفهم الصحيح. إذن الجهل بالدين المركب وعدم تواضعهم للجلوس أمام العلماء للتعلم منهم مقاصد الدين الحنيف، يجعل الأمر سهلا لتكوين انسان متطرف جاهل لدينه الذي يدعو للتسامح والرحمة. الإسلام قابل للتجديد يحمل تطور أو يحمل تجديد والمشكل في العلماء الذين لا يتحلون بالشجاعة لإعادة تفسير النصوص وبالتالي قراءتها بشكل يراعي ظروف المكان والزمان الذي نعيش فيه.
هذا الموضوع يحيلنا على الحداثة في الاسلام، حيث ارتبط هذا المفهوم بالحرية والفردانية وغيرها. من منظورك كيف ترى الاسلام والحداثة وهل يلتقيان أو يتصادمان؟
الاسلام لايتناقض مع الحداثة. الاسلام يدعو إلى استعمال العقل، وهذا لايناقض الدين. والعقل هو جوهر الدين، ولكن أي عقل؟ العقل المتزن السليم الصحيح. المسلم لابد أن يكون حداثيا ومتطورا بمعنى يساير العصر الحديث، وبالتالي فالدين ل ايقيض الانسان. أنا أفضل ترك الحرية في التفكير ومناقشة الفكر بالحوار. في الاسلام هناك مساحة كبيرة للحوار. لكن هناك فرق ما بين الحرية والحرية بدون مسؤولية.
(مقاطعا) ماذا تقصد بذلك؟
حريتك يمكن أن تضر بالآخرين ولابد من مراعاة الذوق العام، الآخر لا يمكن أن يفرض علي ما لا أحب أو أمرا لا أتفق معه. إذن فمسألة الحرية مرتبطة بالتحلي بالمسؤولية. الأمر نفسه بالنسبة للديمقراطية لابد أن تكون مقرونة بالمسؤولية وهو ليس بالأمر النقيض ولكن من أجل حمايتها.
لاشك أنك تتابع ما يجري في المغرب خلال شهر رمضان من نقاش حول الافطار العلني، ما تعليقك حول الموضوع؟ هل هو حرية دينية أم مس بالمشاعر الدينية؟
الرسول (ص) يقول: إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا. إذن فالابتلاء مقرون بالتستر، حتى في مسألة الردة، فمن ارتد في السر فلا يعاقب حسب بعض الفقهاء، لكن من جهر بها ودعا إليها فهو يعتتدي على الأمن العام. كذلك الأمر عينه بالنسبة للجهر بالإفطار العلني، فهو مثل التعري في الشارع العام، في هذه الحالة المفطر يعتدي على الآخر وتصبح في المجتمع فوضى والقانون حينما يجرم ذلك يحمي حرية الجميع كما هو معمول به في المغرب. الصوم شأن بين العبد وربه، لكن أن تتحول هذه الحرية إلى استفزاز شعور الصائمين فهذا مرفوض تماما.
جلالة الملك أشرف، مؤخرا على تأسيس المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، برأيك ماهي دلالات هذا الحدث؟
هذا معناه أن الشأن الديني المغربي لم يعد منحصر محليا بل تعداه وأصبح عابرا للقارات. هذا يؤكد أن الحضور المغربي سيتعزز في إفريقيا وسيساهم في الحد من خطر انتشار الفكر المتطرف والارهاب في القارة. هناك مراحل قطعها المغرب ليصل إلى هذا المستوى في تدبير الشأن الديني. فقد تم وضع استراتيجيات كانت في البداية محلية والآن تعتبر عالمية وذلك بفضل التوجيهات السامية لجلالة الملك نصره الله التي يسهر على تنفيذها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق. الدين أصبح من حق المواطنين وتقريب المعلومة الدينية هو حق من حقوق المواطن، ومن يعتلي المنابر يجب أن يكون مشهودا له بالكفاءة العلمية والدينية، لهذا تم تأسيس مدرسة تكوين الأئمة وتأسيس مجلس علماء إفريقيا. إذن النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني فريد من نوعه.
كيف ترى الوصفة التي يتبعها المغرب لاجتثاث منابع التطرف ومكافحة الإرهاب؟
بلا شك أن المغرب بات ينفرد في المنطقة بنموذج متكامل في محاربة التطرف لا يرتكز فقط على الجانب الديني بل يتعداه إلى المجال الاقتصادي والأمني. وكل التدابير التي اتخذتها الدولة المغربية الرامية إلى مكافحة الفقر والإقصاء ستعطي، في نظري، المزيد من الثقة والأمل للشباب، وبالتالي، حمايته من المتطرفين. صحيح، أنه لا يمكن هزم الإرهاب والتطرف من خلال عمل فردي ودون اتباع مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار جميع جوانب هذه الظاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.