نشرت لجنة الأممالمتحدة حول التغيرات المناخية، بالتزامن مع قمة المناخ التي سبقت ‘‘ الكوب 21 ‘‘ في فرنسا، والمنعقدة في مقر الأممالمتحدة بنيويورك شهر شتنبر الماضي، خارطة للمناطق الأكثر تعرضا للتغيرات المناخية في القارة الافريقية خلال القرن الواحد والعشرين. وبالاضافة إلى التصحر والجفاف واجتثات الغابة، يظل ارتفاع مستوى سطح المحيطات أهم خطر يتهدد هذه المواقع. المغرب معني بالظاهرة إذ أن ساحلي الدارالبيضاء والرباط ( مصب بورقراق تحديدا ) يوجدان من ضمن ال 15 موقعا افريقيا الأكثر تأثرا بالتغييرات المناخية خلال العقود القادمة . خلال هذه القمة قدم علماء من الوكالة الأمريكية للمحيطات والمناخ دلائل دامغة تثبت أن شهر غشت 2014 هو الشهر الذي سجل أعلى درجات الحرارة في تاريخ الأرض من 1880 تاريخ بدأ التدوين العلمي لتسجيلات معدلات الحرارة الأرضية . القارة الافريقية معنية مباشرة بتداعيات هذه التغييرات المناخية الجديدة بما أن ساكنتها هي الأكثر عرضة لاستقبال هذه التداعيات وما يصاحب ذلك من نقص في كل وسائل الحماية الممكنة، بدءا بالبنى التحتية المفروض إقامتها ووضعها تحت رهن إشارتهم لمواجهة هذه التغييرات ومرورا بالتحسيس والتوعية الغائبين عن جل البرامج الحكومية في دول القارة . يجب أن نعلم أن التغيرات المناخية المرتبطة بظاهرة الاحترار الأرضي مكلفة للغاية : فبين 2010 و 2030 سيكون على محافظة الاسكندرية الكبرى والدارالبيضاء في مصر والعاصمة التونسية ووادي بورقراق في الرباط مواجهة خسائر مادية تقدر بما لا يقل عن المليار دولار مرتبطة بالفياضانات والتعرية الساحلية وعدم استقرار التربة والتجاوز البحري وإمكانية حدوث تسونامي مصاحب للهزات الأرضية . وهذه خريطة المناطق الافريقية ال15 الأكثر عرضة للتغيرات المناخية .
* سان لويس ( السينغال ) مدينة سان لويس بالسينغال والمصنفة ضمن لائحة التراث العالمي من طرف منظمة اليونسكو، مهددة بتعرية الساحل بالكامل. فلوقاية ساكنتها من السيول المطرية الغزيرة أقدمت الحكومة السينغالية سنة 2003 على حفر قناة بعمق 4 أمتار في موقع ‘‘ بارباري ‘‘ الممتد داخل البحر. لكن هذا الحاجز الرملي الذي يشكل حاجزا طبيعيا بطول 25 كيلومتر في موقع بين المحيط الأطلسي ونهر السينغال صار مهددا اليوم، بفعل التيارات البحرية، حيث أن القناة توسعت وزاد طولها بأكثر من 3 كيلومترات، ما جعل السكان القاطنين بمحاذاة النهر يصبحون تحت رحمة التقلبات البحرية للمحيط الأطلسي . * باسام الكبير ( الكوت ديفوار ) مدينة كران باسام الايفوارية المصنفة ضمن التراث العالمي أيضا نظرا لمقوماتها التاريخية والسياحية البحرية، توجد اليوم في قلب التحولات المناخية في البلاد بفعل تزايد خطر التعرية الساحلية على شواطئها والتي يعتبر المحيط المتسبب الأول فيها. المدينة المشيدة أصلا فوق سطح أرضي غير سميك بين المحيط الأطلسي وهور إحدى البحيرات الضحلة، شرعت في فقدان العديد من الأنشظة الاقتصادية والتجارية، منها سوقها الكبير ومعملها للخشب بعد أن وصلها المد البحري منذ سنوات .
* الساحل الغيني ‘‘ إذا لم يتم فعل أي شيء في غضون ال75 سنة القادمة فإن مستوى سطح البحر سيرتفع بحوالي 80 سنتمترا، ما سيتسبب في فقدان أزيد من 30 بالمائة من الأراضي الفلاحية المتوجدة قبالة الساحل الغيني، كما أن البنية التحتية الساحلية ستتضرر بشكل كبير ‘‘ . هذا مقتطف من خطاب مدير برنامج التنمية المستدامة في الأممالمتحدة الدكتور سيلي كامارا خلال مؤتمر الكوب 21 الأخير بفرنسا . * بحيرة تشاد خلال الخمسين الأخيرة فقدت بحيرة تشاد 80 بالمائة من مساحتها . وقد فسر العلماء هذا التقلص ارتباطا بتداعيات التغيرات المناخية المرتبطة بدورها بالاحترار الأرضي. ومع ذلك فقد قللت دراسة أنجزها المعهد الدولي للبحث والتنمية من أهمية العلاقة بين الظاهرتين معتبرة أن الجفاف المستديم في المنطقة قد يكون السبب الأول في تقليص مساحة بحيرة تشاد. * الشريط الساحلي خلال الثلاثين سنة الأخيرة عرفت التساقطات المطرية انخفاضا كبيرا في منطقة الشريط الساحلي وفق دراسات الوكالة الأمريكية للأبحاث الفضائية ‘‘ ناسا‘‘ والبنك الدولي . الدراستين أثبتا أيضا بأن مواعيد سقوط الأمطار قد تغيرت بشكل كبير. وهذا يعني أن ساكنة المنطقة المرتبطة كثيرا بمواعيد هذه التساقطات السنوية ستواجه مشاكل حياتية بالجملة خلال قادم السنوات . * السهول والهضاب الاثيوبية * انخفاض معدلات التساقطات المطرية في السهول والهضاب الاثيوبية يصاحبها ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة . وحسب ‘‘أماندا لينهارت‘‘ الباحثة في المعهد البريطاني للأبحاث البحرية، فإن هذين الظاهرتين وارتباطهما قد تتسبب في عودة بعض الفيروسات الخطيرة لاثيوبيا، كالفيروسات المسببة لداء الملاريا مثلا . * غابات حوض الكونغو الاجتثات الغابوي، الذي يعتبر في الآن ذاته سببا وننتيجة للتغيرات المناخية، يؤثر بشكل مباشر على منطقة حوض الكونغو التي تحتضن ثاني أكبر تجمع غابوي في العالم بعد منطقة الأمازون في البرازيل . الاجتثات الغابوي ينتج عن الضغط المتنامي للنشاط الصناعي الانساني، ويتم عبر الاستغلال الغابوي المكثف وإقامة الطرق وتوسيعها ومدها وتوسيع الأراضي الفلاحية ( المعيشية والتسويقية ) واستخراج المعادن والطاقات الأحفورية . * وسط وجنوب تونس مرة كل ثلاث سنوات، تعيش مناطق وسط وجنوب تونس موجة جفاف عامة . سنة 2013 فقط 42 في المائة من الأراضي المبرمجة تمت زراعتها أي ما يعادل 267 ألف هكتارا فقط . وحسب توقعات علماء المناخ فإن هذه الظاهرة ستتكرر مستقبلا وربما بحدة أكبر، وهو ما يجعل التوقعات بشأن نفاذ المخزون المائي في افق 2030 – 2050 أمرا واردا أيضا . * مدغشقر الكوارث الطبيعية نتيجة حتمية ومباشرة للتغيرات المناخية. جزيرة مدغشقر في الجنوب الشرقي للقارة الافريقية دائمة التعرض للأعاصير الاستوائية . إعصار هيلين كان آخرها وخلف مروره في 31 مارس 2014 عدة وفيات وتشريد 1500 شخص بمنطقة ‘‘ماجونكا‘‘ بالشمال الغربي للجزيرة .
* الاسكندرية في ماضيها العريق، شهدت الاسكندرية الكثير من الهزات الأرضية التي مازالت معالمها بادية للعيان، فيما تناولت الأساطير العالمية الباقي منها بالتواتر . اليوم الاسكندرية تواجه أخطارا أخرى لا تقل أهمية وتدخل هذه المرة في باب التغيرات المناخية ( ارتفاع مستوى سطح البحر، والفياضانات والتعرية …) خلال العقود الثلاث القادمة، حسب معطيات المعهد الفرنسي للتهيئة والتعمير . * لومي ( الطوغو ) في دولة الطوغو بلغت مؤشرات التغيرات المناخية حدودا غير مسبوقة، فالساحل الطوغولي يتآكل سنويا بمعدل يصل إلى عشرة أمتار بفعل المد البحري . المشكل يتمثل في كون الخارطة الديمغرافية الطوغولية تتركز في الساحل بشكل كبير ، ما أدى إلى انتقاص مساحات مهمة من القرى المتاخمة للساحل ك‘‘ باكيدا ‘‘ و ‘‘ كبودجومي ‘‘ و ‘‘ اكبورافو ‘‘. العاصمة لومي مهددة أيضا بهذا الانتقاص بحكم أن أحياء كاملة فيها توجد على مقربة من الساحل البحري، وفي الكثير من الأحيان يستفيق سكان هذه الأحياء على وقع المد البحري الذي يغزو البيوت، كما يصرح بذلك أحد سكان حي ‘‘ كودجوفياكوبي ‘‘ . * تونس * الوقت الذي مازال يشكك فيه بعض المختصين والعلماء في العلاقة المباشرة بين التغيرات المناخية والأخطار الجيولوجية أو الارتدادات الأرضية، تظهر الكثير من الدراسات بأن ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج ، بطريقة غير مباشرة عن ظاهرة الاحترار الأرضي، سيفعل أو يسرع من صيرورة التعرية الساحلية في شمال العاصمة التونسية، تونس . * الدارالبيضاء إذا كان الساحل الغربي المغربي المطل على المحيط الأطلسي قد تعرض في الماضي إلى عدة موجات للتسونامي، فإن التخوف الحالي في المنطقة مرتبط، حسب دراسات متخصصة، بالفيضانات النهرية أو الناتجة عن الاختناقات. الاحترار الأرضي ( ارتفاع درجة حرارة الأرض ) يعتبر سببا مباشرا في ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات . في حالة الكوارث الطبيعية كالعواصف مثلا، فإن المناطق السكنية المحاذية للبحر في العاصمة الاقتصادية للمغرب كعين السبع وبور مارينا وشارع الجيش الملكي والكورنيش والعنق وسيدي عبد الرحمان، معرضة لخسائر مادية كبيرة خلال السنوات و العقود المقبلة . * دلتا النيل ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد منطقة وادي النيل في العديد من النقاط من منبعه في كينيا إلى مصبه في مصر على البحر الأبيض المتوسط . فمن دلتا النيل بمصر إلى النيل الأبيض في السودان والنيل الأزرق في اثيوبيا، هناك ضفاف معرضة للإغراق بالكامل . هذا الوضع ينعكس سياسيا على العلاقات بين هذه الدول ما يؤشر بتوتر دائم في المستقبل . * وادي بورقراق ( الرباط ) وادي بورقراق بالرباط معرض بشكل كبير للأخطار الطبيعية المختلفة : إغراق الوادي، المد البحري، عدم استقرار الأرض، والتهديد السيسمولوجي ( الهزات الأرضية ). وكلها عوامل قد تزداد صعوبة إذا ما ارتبطت بالتغيرات المناخية والنمو الديمغرافي الكثيف .