آخر باخرة في الأسطول البحري القديم تباع في الناظور ليتم قطرها في اتجاه إيطاليا، الأمر يتعلق بباخرة «ميطرال إكسبريس» التي كانت راسية بميناء الناظور، وأول باخرة في الأسطول الجديد تحط الرحال بميناء طنجة، هذا هو حال الأسطول البحري المغربي بين أفول عصر ذهبي كانت فيه بواخر كومناف بعناوينها المغربية «الريف، مراكش، بلادي» وغيرها تؤمن تغطية شبه تامة للنقل البحري، قبل أن تبدأ في التساقط تباعا بفعل أزمة عصفت بالبواخر وعمالها، لتنتهي في المحاكم عبر تصفية قضائية لا تزال حقوق البحارة فيها ضائعة. بين العهدين توجد طوابير من عمال البحر حائرين بين حقوقهم في الأسطول القديم الذي تباع بواخره في كل يوم دون أن يتمكن البحارة من الحصول على مستحقاتهم التي أقرتها المحاكم في إطار مسطرة التصفية القضائية التي قضت بها محاكم مغربية، ووعود يتم إطلاقها بموازاة إعادة الروح لهذا الأسطول عبر شركة وطنية جديدة، لا يزال الغموض يلف الكثير من ولادتها وبداية تشغيلها. الوضع الحالي، جعل عددا من البحارة يشتكون سواء بشكل فردي أو عبر جمعيات اضطروا لتأسيسها للدفاع عن حقوقهم، وتبقى وجهة وزارة التجهيز هي الأكثر غموضا في هذه الحيرة، فقد أفاد مجموعة من البحارة الذين توجهوا بداية هذا الأسبوع لمقر وزارة التجهيز والنقل للاستفسار عن ظروف وحيثيات إجراء الشركة الجديدة لعمليات انتقاء للبحارة الذين سيصعدون على متن البواخر الجديدة، لكن إجابات المسؤولين بقيت محدودة وتحيلهم على مديرية الملاحة التجارية بالدار البيضاء، التي بدورها لا تقدم إجابات واضحة للبحارة. حجم الغموض الذي يلف ملف الأسطول القديم ومصير حقوق البحارة بعد الحكم بالتصفية القضائية، وما يجري من ترتيبات ترافق انطلاقة الأسطول الجديد، جعلت الغضب يعود لصفوف البحارة الذين يهيؤون لمعركة رمضانية، ستضع الوزارة الوصية ومديرية الملاحة التجارية، وتصريحات رئيس الحكومة، في زوبعة من الاحتجاج، قد توضح ما يتم التستر عليه اليوم. البحارة يطرحون عددا من التساؤلات، منها ما يرتبط بالغموض وعدم الوضوح في هوية الأسطول الجديد، وعلاقة الحكومة بترتيبات تأسيسه، ويعيدون سيناريو تصريحات وزير التجهيز، ورئيس الحكومة الذي سبق وتطرق للموضوع، ووعد بتقديم الدعم لمالك الأسطول القديم عبد العالي عبد المولى للخروج من نفق التصفية القضائية. البحارة يتساءلون عن تداخل الحزبي بالاقتصادي في قضية أسطول كومناف والأسطول الجديد، ففي الوقت الذي كان البحارة ينتظرون إنصافهم بعد حالة العطالة والتشرد التي عاشوها مع انهيار أسطول كومناف، بدأت وزارة التجهيز في استقبالهم وتقديم وعود بإيجاد حلول، قبل أن تظهر تنظيمات جديدة تم تأسيسها في مقرات تابعة لحزب الوزير ورئيس الحكومة، وتحولت إلى ناطق رسمي باسم البحارة، في معركة البحث عن بدائل، وهي اليوم المتحكمة في تحديد البحارة الذين سيعودون من الأسطول القديم للعمل في الأسطول الجديد. المعطيات المتوفرة اليوم لدى البحارة تقول إن الشركة الجديدة يوجد مقرها بالدار البيضاء، وتفيد الوثيقة التي حصلت عليها الأحداث، أن الشركة الجديدة توجد بالدار البيضاء بالضبط بالطابق الرابع بالرقم 12 شارع علي عبد الرزاق بالدار البيضاء، وأن غالبية البحارة يتواجدون بمحيط الدار البيضاء، وبالتالي يتساءلون عن سر تهريب عمليات الانتقاء الخاصة بالبواخر الجديدة إلى فندق بمدينة طنجة. لا جواب في مقر وزارة التجهيز التي اتصلنا بكتابة الديوان فيها دون الوفاء بوعد الاتصال، فيما البحارة الذين يتابعون تفاصيل ما يجري في ترتيبات انطلاق الأسطول الجديد، يتهمون جهات بدعم مالك الأسطول القديم للتخلص من تبعات المستحقات الاجتماعية للبحارة، ويستدلون باستمرار بيع البواخر والمقرات، وبموازاة مع ذلك، زرع المسؤولين عن انهيار الأسطول القديم في الشركة الجديدة، وهو ما يجعلهم لا يترددون في طرح علامات استفهام عن حقيقة الصفقة الجديدة وعلاقتها بفضيحة انهيار الأسطول القديم، وما دور الوزارة الوصية في القضية.