تعيش طهران منذ أيام على وقع الاحتفالات الممجدة للذكرى السابعة والعشرين لوفاة قائد الثورة الإيرانية الراحل الخميني، وقد تعهد العديد من المسؤولين الرسميين إلى جانب قائد الثورة الحالي علي خامنئي بذكر مناقب الراحل والتأكيد على ضرورة المحافظة على الإرث الفكري الذي خلفه وكان سببا في "بناء إيران" الحالية بعد الإطاحة بحكم بالشاه. تزامنا مع هذه الاحتفالات اختارت ال" بي بي سي" نشر عدد من الوثائق السرية التي سربتها وكالة الاستخبارات الأمريكية " سي آي إي "، والتي كشفت عن وجود العديد من الاتصالات بين الخميني والإدارة الأمريكية التي تعاقب عليها عدد من الرؤساء، حيث كان الخميني وفق هذه الوثائق حريصا على بعث رسائل طمأنة للجانب الأمريكي حتى لا يعيق معارضته للشاه، حيث أفصح الخميني على أن هجومه اللفظي على نظام الشاه الذي أدخل العديد من الإصلاحات سمحت بحق المرأة في التصويت ومساواتها بالرجل، لا يعني بالضرورة محاربة المصالح الأمريكية، بل تعهد أنه قادر على حماية مصالحها داخل إيران لكونها ضرورية من أجل معادلة التوازن للنفوذ السوفياتي والبريطاني، كما أنه رأى في التقارب مع الولاياتالمتحدةالأمريكية فرصة للتقارب بين الدين المسيحي والإسلامي. وقد كان الخميني يرى في هذه الاصلاحات التي قاك بها الشاه "خطرا حقيقيا على الإسلام" مما دفعه للرفع من نبرة هجومه التي انتهت بالنفي، وبعد عودته من المنفى قام بإرسال خطاب يدعو فيه الإدارة الأميركية إلى عدم الشعور بخسارتها حليفا إستراتيجيا، ويقول فيها "سترون بأنه ليس لدينا أي حقد معين تجاه الأميركيين، وان الجمهورية الإسلامية ستكون جمهورية إنسانية وسنعمل على تحقيق مبدأ السلام لكل البشر". كما كشفت الوثائق أن الخميني حافظ على خيط التواصل مع الإدارة الأمريكية أسابيع قبل الثورة، حيث عمل على التعهد بالحفاظ على العلاقات الودية مع الأمريكيين، وعدم اللعب بورقة النفط ضد الغرب من أجل ضمان عدم تدخل الإدارة الأمريكية في عملية الإنقلاب على نظام الشاه. وقد خلفت هذه المعلومات غضبا داخل الصف الإيراني الذي اعتبرها مقصودة، وتهدف التشويش على صورة الخميني في ذكرى رحيله، والتنقيص من الثورة من خلال الادعاء بأنها كانت بمباركة أمريكية، وفي هذا الإطار قال قائد الثورة الحالي "خامنئي" أن الإعلام الغربي يحاول اختلاق وثائق لا أساس لها من الصحة.