بدأت رياح المصالح الأمنية بمراكش تعصف ببعض الأشخاص ضمنهم أجانب ومواطنون، ليتساقطوا كأوراق الأشجار ملوثين بفيروس «البيدوفيليا»، وتتم تعبئتهم داخل قفص الاتهام بقاعات المحاكم وأمام الهيئات القضائية المختصة. فلم يكد الرأي العام المراكشي ينام على قرار هيئة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية المدينة الصادر في حق السائح الأمريكي «ستيفنز هاولاي تشايز» الذي توبع في حالة اعتقال بتهم ثقيلة من عيار «استدراج قاصر يقل عمره عن 12 سنة بالتدليس، وهتك عرض قاصر بالعنف ومحاولة استدراج قاصر يقل عمره عن 12 سنة بالتدليس»، وإدانته بسنتين حبسا نافذا وغرامة 10 آلاف درهم، حتى استيقظ على وقع كابوس جديد بطله سائح دانماركي يشتبه في اقترافه الفعل الجرمي نفسه. المتهم «نيلسون ديني فان بوفي» المزداد سنة 1970، وقع في شباك دورية لشرطة الخيالة على مستوى غابة الشباب بمكان خال، حين ضبط بتاريخ 10 ماي الجاري رفقة طفل قاصر لم يتجاوز ربيعه ال11 ، وكان برفقتهما قاصر آخر يبلغ 15 سنة. وقد أكدت سطور بلاغ أصدرته ولاية أمن مراكش بأن المعطيات الأولية للبحث التمهيدي الذي باشرته فرقة الأخلاق العامة التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية، قد خلص إلى أن السائح الدنماركي قد استدرج القاصرين مقابل مبلغ مالي، ما يؤشر على النية غير السليمة لهذه «الرفاكة». بإحالة المتهم على النيابة العامة مسيجا بأشواك الاعتقال بتهمة التغرير بقاصر يقل سنه عن 18 سنة، وهتك عرضه، مع الزج به خلف أسوار السجن المحلي «بولمهارز» لحين استكمال التحقيق . هذه «البلية المقززة» اتسعت لتشمل بعض المواطنين المغاربة الذين أجبروا بدورهم على مزاحمة المتهمين الأجانب داخل مكتب قاضي التحقيق مثقلين بالتهم ذاتها، حيث تبرز في هذا الإطار قضية رجل تعليم (56 سنة) الذي يتابع بدوره في حالة اعتقال بعد أن أشار إليه أحد تلامذته «المستوى الثاني ابتدائي» بأصابع الاتهام، من خلال تأكيده لدى المصالح الأمنية بأن المعلم وأستاذ الفصل المذكور قد دأب على عزله من بين الأقران والانفراد به داخل القاعة مستغلا في ذلك لحظة الاستراحة الصباحية وإخضاعه لممارسات وسلوكات تفوح بعطانة الشذوذ الجنسي، مع ما يعنيه الأمر من تحويل جسد الصغير إلى إناء لتفريغ المكبوتات الجنسية. عززت أقوال التلميذ (8 سنوات) بتقرير طبي صادر عن الخلية الطبية الخاصة بالعنف ضد الأطفال بمستشفى ابن زهر أكدت تعرضه لممارسة جنسية متكررة، ليتوج الاتهام بشهادة بعض التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بالفصل ذاته. أحداث ووقائع باتت تسائل اليوم جميع الجهات المسؤولة بمدينة الرجالات السبع، وتضع الهيئات وفعاليات المجتمع المدني في قلب مسؤولية جسيمة لفهم الظاهرة وتحديد أسباب نزولها في أفق تحديد القنوات الاقتصادية والاجتماعية، التي تمنح إمكانية تسريب هذه السلوكات بما ترمز إليه من مخاطر ومن انعكاسات سلبية على سمعة المدينة وساكنتها. انعكاسات تظهر من خلال التقرير الدولي الأخير لإحدى أهم المنظمات العالمية كمنظمة حماية الطفولة الذي وضع المغرب في قائمة المناطق الساخنة للبيدوفيليا، التي تستهوي وتثير شهية مدمني هذا النوع من السلوكات الجنسية التي تتخذ من الأطفال والقاصرين أوعية لتفريغ مكبوتاتهم الشاذة. أما عن الأسباب التي شخصها التقرير المومأ إليه، فقد أرجع ارتفاع درجة الإقبال التي تعرفها بلادنا من لدن هذه الفئة، إلى أعداد الوفود الكبيرة من السياح المنتمين لمختلف الجنسيات والدول الذين يتخذون من المغرب قبلة أساسية ووجهة مفضلة، وبالتالي استغلال «البيدوفيليين» لهذا الإقبال للتسلل لتراب المغرب والانطلاق في تصيد الضحايا من القاصرين. الجوانب القانونية وبساطة العقوبات المنصوص عليها في البنود المنظمة للمساطير بما يمنح الجناة فرصة للإفلات باقترافهم، صنفت من العوامل المؤثرة والتي تجعل «قبيلة البيدوفيليين» يفضلون الانتقالات بأعطابهم الجنسية للتراب الوطني. معطيات وملاحظات تفرض على المشرع المغربي العمل على تحيين القوانين والعقوبات المتعلقة بهذا النوع من الجرائم، مع تشديد المراقبة على الأطفال المستغلين جنسيا والذين تجعلهم الهشاشة والتفكك الأسري لقمة سائغة في متناول الباحثين عن اللحم الطفولي، حيث تؤكد الإحصائيات الرسمية أن 60 طفلا مغربيا يتعرضون يوميا لاعتداءات جنسية، و1000 طفل قد تعرضوا للاغتصاب وتم اقتناصهم من طرف البيدوفيليين. إسماعيل احريملة