لنضع الأسئلة المشروعة جانبا، تلك المتعلقة بزمن تقديم الاستقالة على بعد 5 أشهر عن موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، وشرعية تقديم الاستقالة إلى جهة ليست المشغل القانوني، والتخلي عن التعاقد بين المستقيل ومنتخبيه للدفاع عن مصالحهم في قبة البرلمان … لنترك هذا جانبا، ونتوقف عند لحظة الاستقالة الأولى من نوعها في تاريخ البرلمان والسياسة في المغرب. فخلال الجلسة الأسبوعية للبرلمان المغربي الثلاثاء، أعلن النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة محمد شرورو عن استقالته على المباشر من مجلس النواب أمام رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران، تعقيبا على جواب هذا الأخير حول " واقع الصحة وسبل الارتقاء بها"، خلال جلسة المساءلة الشهرية في مجلس النواب. وتحدث محمد شرورو خلال مداخلته عن الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع ملف الصحة بالمنطقة وعن الحادث المأساوي والذي تعاملت مع الحكومة ب‘‘استخفاف‘‘ حينما انقلبت سيارة "بيكوب" كانت تقل اكثر من 20 من النساء يشتغلون بالمجال الفلاحي في منطقة والماس، وذهب ضحيتها 6 عاملات بالإضافة إلى 14 مصابة بإصابات متفاوتة الخطورة، مشيرا إلى عدم اكتراث وزراء الحكومة لساكنة هذه المنطقة، متسائلا هل سكان والماس مغاربة من الدرجة الثانية وليس لهم الحق في التفاتة من طرف الحكومة ؟ ولماذا لم يتم تحريك المروحيات خصوصا أن المصابات مكثوا 7 ساعات للوصول إلى مستشفى ابن سينا بالرباط ؟ سائلا رئيس الحكومة لماذا لم تتحرك حكومته كما تفعل في مثل هذه الحالات، ولم يتم تسليط الضوء على هذه الفاجعة وفتح تحقيق لمعرفة الأسباب الكامنة وراء هذا الحادث. مشيرا إلى أن مستشفى والماس الذي شيد سنة 1997 بتكلفة مالية بلغت 2.5 مليار سنتيم لازال يشتغل كمركز صحي وبموارد بشرية قليلة جدا ،متسائلا لماذا اهملت الحكومة هذه المنطقة التي ساهم أبناءها في استقلال المغرب. شرورو النائب البرلماني السابق لحزب الأصالة والمعاصرة عن الخميسات – والماس، ورئيس المجلس البلدي لأولماس، علق على الحدث استقالته من مجلس النواب في أول خروج إعلامي قائلا أنها ‘‘ جاءت في إطار المسؤولية التي القاها السكان على عاتقه فيما يخص المستشفى ونظرا لان المشكل لم يحل فإنه يقدم استقالته‘‘ مضيفا بأنه إذا لم يحل مشكل المستشفى فلن يترشح للانتخابات المقبلة الخاصة بمجلس النواب ‘‘ . حركة محمد شرورو وتقديمه للاستقالة لرئيس مجلس النواب مباشرة على الهواء خلال جلسة الاستماع الأسبوعية، أشعلت فتيل مواجهة أخرى بين رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران ونواب فريق حزب الأصالة والمعاصرة على المباشر في التلفزيون. هاجم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في كلمته نواب حزب الأصالة والمعاصرة، بعد تقديم النائب محمد أشرورو استقالته وقال "مرات ولدي كتقرا الطب وما كنتش مستعد ندخل ليها، كانت غادي تمشي بحالها بحال الناس في المناطق النائية ‘‘ مضيفا "ماشي بحال هادا اللي جا يقدم علي استقالتو حتى بقات 5 أشهر باش يسالي" وموجها لسانه إلى باقي أعضاء فريق البام في البرلمان ‘‘يلا كنتو متفقين معاه قدموا استقالتكم حتى نتوما وهنيونا منكم ‘‘وهو ما أغضب نواب حزب الأصالة والمعاصرة، قبل أن يعود بنكيران بعد ذلك ليقدم اعتذاره إلى فريق حزب الأصالة والمعاصرة في مجلس النواب قائلا "هو قدم استقالتو أنا مالي ؟ ماشي غير هو اللي عندي، عندي مشاكل كثيرة" . ثم أضاف موجها كلامه لميلودة حازب رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة،"راه اعتذرنا.. جلست مع راسي وقلت اليوم ما كانش علي نجبدهم، دابا هاد المرة الله يسامح، ولكن شوفو آش كتقول، مرة أخرى يحن الله" . شرورو المستقيل، وإن كان قد تحول إلى بطل لدى مناضلي ومناصري الأصالة والمعاصرة في قبة البرلمان والمواقع الاجتماعية، تعرض بالمقابل، لوابل من القصف من كتائب حزب رئيس الحكومة على نفس الحامل الالكتروني، سواء أولئك المتواجدين بمعقله في والماس بإقليم الخميسات أو المتوزعين عبر تراب الممكلة، حيث طالعنا تدوينات من قبيل "… الاستقالة هروب الى الامام ومحاولة استباقية لكسب التعاطف الشعبي بعد الانتفاضة القوية التي تشهدها الجماعة الترابية لوالماس في الاونة الاخيرة تنديدا بغياب الخدمات الصحية بالمستشفى المحلي الذي صرفت عليه الملايير بدون فائدة وتحول الى اطلال". فبرلماني الجرار "يحاول تلميع صورة متاكلة ومخدوشة على مقربة من الاستحقاقات الدستورية وفي ذات الان يطمح الى تمرير خطاب سياسي يعتوره الشك والقصور يحمل في طياته رغبة اكيدة في استغفال واستبلاد واستحمار والاستخفاف بذكاء اهل زمور …" أو "ألا تعتبر الخرجة الشاردة بمثابة الطلقة الاخيرة لمعرفة ردة فعل الساكنة التي امنت به مند 12 سنة ، اليس من العيب والعار الركوب على اوجاع المواطنين لاستذرار الشفقة والعطف، ولماذا لا يستقيل سعادة النائب والرئيس المحترم جدا من تسيير شؤون الجماعة الترابية لوالماس ليكون الفعل مقبولا من الناحية المبدئية والاخلاقية والسياسية …". فمحمد شرورو "يزايد على القوة الناخبة،ويزايد على المنافسين المحتملين في الاستحقاقات التشريعية المقبلة التي نعقتد انه لن يحقق فيها اي انتصار بالنظر الى الحصار المضروب عليه من قبل حزب الحركة الشعبية الذي حفظ مجموعة من الجماعات الترابية على مستوى دائرة الخميسات والماس الى جانب الاحزاب المنافسة التي يحدوها الامل في تحقيق نصر اكيد، فحظوظ شرورو في الحفاظ على المقعد النيابي ضعيفة جدا، والاستقالة الفخ بمثابة اعادة تشحيم عجلات متاكلة وتدوير خطاب معيب وقاصر …".. ومهما يكن من أمر، فقد خلق محمد شرورو، أو الدكتور محمد شرورو الحدث يوم الثلاثاء بتقديمه أول استقالة من مجلس النواب في جلسة يتابعها المغاربة عبر شاشة التلفزيون على المباشر. وبغض النظر عن قانونية الإجراء، وتوقيته، ومغزاه، وحيثياته السياسية، فإن التاريخ سيحتفظ باسم ‘‘شرورو ‘‘ كأول من أقدم على هذه الخطوة في احتجاج مباشر على الحكومة وتعاملها مع الوضع الصحي في البلاد عموما، وفي "معقله" على وجه الخصوص..