«مهما تكن أهمية الإصلاح، وما عبأنا له من نصوص تنظيمية وآليات فعالة فسيظل الضمير المسؤول للفاعلين فيه هو المحك الحقيقي لإصلاحه بل وقوام نجاح هذا القطاع برمته»، بهذا المنطوق الملكي السامي اختارت رئيسة الجمعية المغربية للنساء القاضيات أن تستهل كلمتها خلال اللقاء الذي عقد ب «دار المحامي» بالبيضاء، وغاب عنه وزير العدل والحريات، لالتزامه بمهام خارج أرض الوطن، وحضره الوكيل العام للملك باستئنافية البيضاء الحسن مطار، والوكيل لدى محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء عبد الحق العياسي (رئيس الودادية الحسنية للقضاة)، ووكيل الملك لدى المحكمة الزجرية بالبيضاء ناجم بنسامي، وعدد من القضاة والنقباء والمحامين ومسؤولي الأمن. ولأن أحد الأهداف الاستراتيجية لميثاق إصلاح منظومة العدالة، يرتكز على تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، اختارت الجمعية المغربية للنساء القاضيات أن تنظم دورة تكوينية اتخذت من «ضمانات المحاكمة العادلة» موضوعا لها. وفي الكلمة الافتتاحية لرئيسة الجمعية الأستاذة «عائشة الناصري» خلال الجلسة الافتتاحية للدورة التكوينية حول «ضمانات المحاكمة العادلة على ضوء دستور 2011 والاتفاقيات الدولية»، قالت وكيلة الملك لدى المحكمة المدنية بالدارالبيضاء إن «الخطاب الملكي السامي بتاريخ 30 يوليوز 2013 يضعنا كفاعلين في منظومة العدالة أمام مسؤولية تاريخية، ويطرح علينا سؤالا محرجا وهو دورنا نحن كفاعلين في المنظومة، وكيف تفاعلنا مع الحوار الوطني لإصلاحها، وكيف سنتفاعل مع أهدافها المسطرة في الميثاق»، وأشارت إلى أنه «لا جدال في أننا نمثل الضميرالمسؤول الذي تحدث عنه جلالة الملك وأننا قوام نجاح الإصلاح»، لتضيف أن «موقعنا هذا يسائلنا كعنصر بشري»، و«أقصد هنا كل مكونات العدالة وكل من يساهم في إنتاجها ويحملنا مسؤولية نجاحها». ولأن الأمر يتعلق بدورة تكوينية حول «ضمانات المحاكمة العادلة» أكدت الناصري أن «الرهان للوصول لهذا الهدف هو دعم قدرات الفاعلين في هذا المجال». وأكدت المتدخلة أن «وزارة العدل الساهرة على إصلاح منظومة العدالة، إذا كانت قد وضعت استراتيجية للتكوين والتكوين المستمر، سواء للقضاة الجدد، أي الملحقين القضائيين وللقضاة الممارسين»، فإن «الجمعيات المهنية للقضاة لها مسؤولية، ويمكنها أن تلعب دورا محوريا في تقوية قدرات القضاة المنتمين لها، بل وأن تنفتح على بعضها وتنسق للقيام بدورات تكوينية وتفعيل الائتلاف في هذا المجال، وأن تنفتح على باقي مكونات العدالة للاشتغال على تقوية القدرات سواء في مجال حقوق الإنسان، وخصوصا الصكوك التي تهم العدالة أو في مجال القوانين وتطبيقاتها وكل ما يهدف إلى النهوض بالعمل القضائي». نقيب هيئة المحامين بالدارالبيضاء «محمد حسي» التي تستضيف هذه الدورة التكوينية، ركز خلال كلمته على أهمية الدورة، معتبرا أن «القضاء وكل النصوص المسطرية والموضوعية المنظمة له، لا تكون له أي قيمة عملية دون محاكمة عادلة»، مضيفا أن «العدالة التي يتشوق لها المتقاضون لا يمكن أن تتحقق إلا بالمحاكمة العادلة». وأضاف نقيب المحامين بالبيضاء أن «شروط وضمانات المحاكمة العادلة تقتضي توفير ضمانات الولوج إلى العدالة واستقلالية السلطة القضائية، باعتبارهما من أهم ضمانات الأمن القضائي وتجسيدا للمحاكمات العادلة إلى جانب العديد من العناصر الأخرى، التي من أهمها النجاعة والجودة في الأداء العملي لقطاع العدالة». وأبرز نقيب هيئة المحامين بالبيضاء أن «موضوع الندوة من صميم مهنة المحامي إلى جانب القاضي، وهو ما يفيد أنه مطلوب من المحامين أن يكون لهم اهتمام بموضوع المحاكمة العادلة، وبكل مناسبة أو نشاط علمي يسعى إلى تحقيقها»، لأن «القضاء والمحاماة أسرة واحدة يسعى أفرادها لتحقيق العدالة عن طريق المحاكمة العادلة»، مادام أن الهدف الأسمى هو تقريب العدالة من المواطنين بالمحاكمة العادلة المؤدية إلى الحكم العادل». القاضي هشام ملاطي، مستشار وزير العدل والحريات في السياسة الجنائية، أكد على اهتمام وزارة العدل بمجال التكوين في إطار برنامج شامل مع كافة المتدخلين في المنظومة القضائية من قضاة ومحامين وممثلي كافة المهن القضائية. وقال إن موضوع ضمانات المحاكمة العادلة من أهم الانشغالات الحقوقية في مختلف الدول التي تتابعها باهتمام العديد من الهيئات والآليات الدولية، مضيفا أن مصدر الانشغال يأتي من كون مجال ونطاق المحاكمة العادلة يخص قضايا بالغة الدقة والخطورة تنصب على حقوق أصلية وجوهرية في مقدمتها الحق في الحياة والسلامة والحرية والكرامة الإنسانية. واعتبر أن «احترام ضمانات المحاكمة العادلة يعتبر أحد الأعمدة الأساسية لدولة الحق والقانون، وعنوانا لاحترام حقوق الإنسان، وشعارا لإحقاق العدالة بأبهى صورها ورمزا الأمن القضائي والقانوني». رشيد قبول