شكل موضوع " أي موقع للفرجة في المجال العمومي؟" محور الندوة الفكرية التي نظمتها جمعية أوديسا للثقافة والفن بالعيون الأحد بشراكة مع المركز الدولي لدراسات الفرجة في إطار فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الدولي لمسرح الشارع. وقارب المشاركون في هذه الندوة الإشكاليات المتعلقة بالفضاء العمومي وما يرتبط منها بمسرح الشارع، مبرزين أنه بالرغم من الاعتقاد السائد بأن "مسرح الشارع" ظاهرة طارئة وجديدة في المشهد الفرجوي المغربي فإن المسرح المغربي تفاعل منذ نشأته في عشرينيات القرن الماضي مع فضاءات خارج الترتيب المسرحي الأرسطي، إذ عرضت أولى مسرحيات الفرق الهاوية بمدينة فاس بساحة السراجين. وذكروا، خلال هذه الندوة، التي تسعى إلى استكشاف خطابات جديدة ستشكل العلاقة المتبادلة بين الفرجة والمجال العمومي، في سياق تزايد الاهتمام ب "مسرح الشارع" بالمغرب، أن العديد من المواقع الأثرية المغربية، من حيث هي "أمكنة للذاكرة" (وليلي، شالة، باب منصور، باب الماكينة، جامع الفنا..)، احتضنت مجموعة من الفرجات التي تفاعلت مع ذاكرة المكان. وأشاروا، في هذا السياق، إلى أن أغلب هذه الفرجات برزت على شكل ملاحم قدمت في مناسبات رسمية، مؤكدين أن هذا ربما من بين الأسباب التي جعلتها تقابل بالصمت من لدن النقاد رغم أهميتها. وأكد المشاركون في هذا اللقاء أن تلمس مفهوم الفرجة في المجال العمومي يدفع الفاعلين في الميدان إلى احتراس منهجي يسعى إلى تفادي الانزلاق وراء تعميمات وتجريدات تسهم في تبخيس محتواه، ويساعدهم على إعادة النظر في السلوكات الفرجوية الخارجة عن دائرة الممارسات الأدائية الصرفة، مبرزين أن الأهم من هذا هو إعادة تقييم مفهوم المسرح وباقي فنون المدينة . وأجمع الأساتذة والباحثون، خلال الندوة، على ضرورة التخلي عن المفهوم التقليدي للمسرح، ذلك أن كلمة "فرجة" تتيح إمكانية إدماج كل أنواع فنون المدينة التي تركها المسرح وراءه، كما تمكن من النظر إلى المسرح في حد ذاته من وجهة نظر نقدية مغايرة تتيح إمكانية مقاربة تداخلات ومشتركات بين المسرح وسلوكات فرجوية أخرى خارج البناية المسرحية. وحسب المنظمين، فإن الدورة الثانية للمهرجان الدولي لمسرح الشارع، المنظم من 8 إلى 10 أبريل الجاري تحت شعار باللغة الحسانية : "وهاو لنا شور المسرح" (هيا بنا إلى المسرح)، عرفت مشاركة ثماني فرق مسرحية من الأرجنتين وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، وفرق وطنية، يهدف إلى التعريف بمدينة العيون كملتقى وفضاء للتبادل الثقافي والفني بين شعوب العالم، وترسيخ قيم السلم والسلام. و تميز حفل افتتاح هذه الدورة، الذي احتضنه قصر المؤتمرات، بتكريم الفنانين خديجة أسد وعزيز سعد الله، وهما الثنائي الفني الذي أغنى الساحة الفنية بالعديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية.