رحلات مكوكية يومية لسائق سيارة أجرة بين مدينة تاونات وفاس، انتهت إحداها باعتقاله، ليس بسبب مخالفة ارتكبها السائق، أو جنحة اقترفها، ولكن بسبب ضبط عناصر الأمن لكمية من المخدرات كانت ضمن أمتعة المسافرين بالصندوق الخلفي للسيارة، بعد أن لاذ مهربها بالفرار من سيارة الأجرة لحظة توقفها في طابور من السيارات عند حاجز مروري بحي عين النقبي بمدخل مدينة فاس. فرار المهرب أثار انتباه رجال الأمن، ما جعلهم يصادرون على الفور كمية المخدرات المقدرة بثلاثة كيلوغرامات، وهي مخبأة بعناية وسط الأمتعة. رجال الشرطة تعذر عليهم في تلك الأثناء مطاردة المتورط الهارب، في حين ألقوا القبض على السائق، للاشتباه في «تورطه معه، أو على الأقل معرفته المسبقة به». سائق سيارة الأجرة توسل طويلا لرجال الأمن، بأن لا علاقة له لا من قريب أو بعيد بكمية المخدرات المضبوطة بصندوق السيارة، ولا معرفة قبلية له بمهربها، وقاله إنه «تعامل مع مهرب المخدرات كراكب مثله مثل عشرات الركاب الذين يتعامل معهم يوميا، ومن الصعب أن يشك في نوايا أحدهم». توسلات السائق لم تجديه في شيء، ليحال في حالة اعتقال على المحكمة الابتدائية، بينما أحيلت سيارته على المحجز البلدي. عقب الحادث ثارت ثائرة سائقي سيارة الأجرة الكبيرة بفاس وتاونات، للتعبير عن تضامنهم مع السائق المعتقل، وهددوا بالدخول في أشكال تصعيدية إلى حين الإفراج عن زميلهم، وتبرئته من التهمة الموجهة إليه. العدالة لم تستجب في البداية لمطالب السائقين، فتدخلت هيئات نقابية وحقوقية على الخط، وقرر 250 سائقا لسيارات الأجرة الكبيرة تنظيم مسيرة احتجاجية عبر سياراتهم تحت شعار «مسرة الكرامة الحسيمة – تاونات - فاس»، انطلاقا من إساكن بإقليم الحسيمة نحو مدينة فاس مرورا بتاونات ليتم توقيف المسيرة عند مدخل مدينة فاس . المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية لسائقي ومهنيي سيارات الأجرة (ك. د. ش) بتاونات، الداعية إلى هذا الشكل الاحتجاجي، اعتبر أن إيقاف السائق «ع. ش»، يشكل «انتهاكا واعتقالا تعسفيا»، اعتبارا لكون صاحب المخدرات لاذ بالفرار أمام رجال الشرطة، ما يثبت براءة زميلهم القاطن بحي حجر دريان بتاونات. المكتب النقابي تحدث عن أن السائقين «ليس لهم حق تفتيش أمتعة الركاب»، ومسؤوليتهم غير قائمة فيما يحمله زبناء الطاكسيات، مذكرا بحادث سابق أفضى إلى اعتقال سائق آخر بعين عائشة، بينما قال فاعل حقوقي إن جميع سائقي سيارات الأجرة من الصنف الأول التي تشتغل على خط فاس تاونات والحسيمة، «متهمين إلى أن تثبت براءتهم، حيث إنهم معرضون للاعتقال في أي لحظة، طالما أن المنطقة معروفة بزراعة القنب الهندي». أمام الضغط الممارس من السائقين ومن يساندهم، وبالاعتماد على مجموعة من القرائن، قررت المحكمة الإفراج عن السائق، وتبرئته من التهمة المنسوبة إليه. ملف هذه القضية لم يقف عند هذا الحد، بل شهد مسلسله فصلا آخر مشوقا... إذ بمجرد الإفراج عن السائق واستئناف عمله، وخلال إحدى رحلاته، توقف بمركز عين عائشة الواقع على الطريق الوطنية بين فاس وتاونات، وبالصدفة لاح له شخص بنفس ملامح المهرب الذي فر من سيارته، ليشعر على الفور أعضاء بالمكتب النقابي المنظم للقطاع بالأمر، هؤلاء سارعوا بدورهم إلى إعلام مصالح الدرك الملكي التي تحركت على الفور واعتقلت الشخص المشتبه فيه، ليتبين أنه المتورط ذاته. محمد الزوهري/ محمد المتقي