"اوراق بنما" لم تكشف بعض الاسرار المالية للاغنياء واصحاب النفوذ فحسب بل القت الضوء على الدور المركزي الذي تلعبه لندن في صلب الملاذات الضريبية. وتكشف ملفات مكتب المحاماة البنمي موساك فونسيكا التي سربت الى وسائل الاعلام في الايام الاخيرة, العلاقات بين المملكة المتحدة وBلاف الشركات المتمركزة في هذه الاراضي التي لا تفرض ضرائب كبيرة وتعتمد تشريعات غير صارمة. وهي تشير الى ان هذه الاموال السرية استثمرت في موجودات بريطانية وخصوصا في سوق العقارات اللندني الذي يشهد مضاربات كبيرة. وقال نيكولاس شاكسون مؤلف كتاب "الملاذات الضريبية" ان "لندن هي مركز لجزء كبير من الاعمال المثيرة للشبهات التي تجري في العالم". ويشبه هذا الخبير العاصمة البريطانية "بشبكة عنكبوت" تمتد الى مناطق بعيدة وراء البحار هي بقايا الامبراطورية الشاسعة مثل الجزر العذراء. وبريطانيا بحد ذاتها تتسم نسبيا بالشفافية في القطاع المالي, لكن اكثر الاعمال المثيرة للشبهات ت برم في اراضي ما وراء البحار وفي اغلب الاحيان عبر شركات وهمية, كما يقول نيكولاس شاكسون. وقال ساكشون لوكالة فرانس برس ان "التهرب الضريبي وهذا النوع من الممارسات يجريان في مناطق خارج الشبكة وبشكل عام نرصد علاقات مع حي الاعمال في لندن او شركات بريطانية متخصصة بالضرائب والمحاسبة". واكد ريتشارد مورفي الاستاذ في جامعة يونيفرسيتي اوف لندن ان هذه الملاذات الضريبية "كلها من عملاء حي الاعمال حيث يتم الاشراف على كل النظام". والترجمة العملية لهذه الدائرة هي ان عددا من شخصيات العالم السياسي والمالي يمتلكون عقارات كبيرة في لندن بواسطة شركات اوفشور تدار بمساعدة المكتب البنمي, كما كتبت صحيفة الغارديان. – "حقائب مليئة بالاموال" – وتأتي هذه التصريحات مناقضة للتصريحات المتكررة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حول عمله لمكافحة الملاذات الضريبية والتهرب الضريبي. وقد اضطر رئيس الوزراء لان يوضح بنفسه وضع ثروته العائلية بعدما ورد اسم والده ايان في الفضيحة. وقال سايمون جينكينز كاتب الافتتاحية في صحيفة ايفنينغ ستاندارد الشعبية ان "معظم مدن العالم تتحفظ امام الاجانب الذين يصلون محلمين بحقائب مليئة بالمال لشراء منازل او شركات, لكن هذا لا ينطبق على لندن". وقال خبراء انه من غير المستغرب ان تكون لندن مركزا لتدفق هذه الاموال. وقد نجحت المدينة التي اعتبرت عاصمة المال العالمية في الترتيب المرجعي لمراكز المال "غلوبال فايننشال سنترز ايندكس" في استثمار ارث الامبرطورية البريطانية وتقاليدها التجارية. وقال شاكسون ان "لندن مفترق طرق يمر عبره مال العالم منذ قرون". وهذا الموقع تعززه عوامل عدة مثل استخدام اللغة الانكليزية في عالم المال ونظام قضائي مستقر وموقع جغرافي مثالي بين اوروبا والولايات المتحدة وكذلك تقاليد سياسية بعدم التدخل في الاقتصاد. ومع ذلك, تتعرض لندن اليوم لضغوط لجعل هذه الاراضي ما وراء البحار اكثر شفافية الا ان الارادة الحسنة تصطدم بمجموعة الضغط التي يمثلها القطاع المالي البريطاني, كما قال مورفي. وقال البروفسور اسفا ان "السيتي (حي المال في لندن) يعتقد على ما يبدو انه بدون هذه الشبكات, سيفقد الامتياز الذي يحتاج اليه للمنافسة".