07 أبريل, 2016 - 11:57:00 كشف أكبر عمل صحفي إستقصائي دولي، حول قائمة قادة الدول المستفيدين من الملاذات الضريبية بإنشاء شركات فيما يعرف ب"جزر النعيم الضريبي"، بالعالم، معطيات جديدة تهم مسؤولين كبار في أعلى هرم السلطة في المغرب، حيث ورد إسم الكاتب الخاص، للملك محمد السادس، والمسؤول عن إدارة ثروته، منير الماجيدي، ضمن تسريبات "وثائق بنما". العمل الذي شارك في إعداده أزيد من 100 مؤسسة صحفية، عبر 370 صحافيا، اشتغلوا جميعا على نحو 11 مليون وثيقة تتعلق بعمليات "إخفاء ثروات" رجال أعمال و12 من قادة الدول، منهم سبعة من القطر العربي، ضمنهم، الكاتب الخاص للملك، منير الماجيدي. وعلى الرغم من تصريحات مقتضبة لمعدي التحقيق، أدلى بها محامي القصر، وسكرتير الملك، هشام الناصيري، أكد فيها كون "الأنشطة المالية التي قامت بها الشركات المملوكة لمنير الماجيدي، في جزر "الملاذات الضريبية" المشبوهة، "مطابقة للقانون وأعمالها مسجلة في السجلات العامة.."، يظل التساؤل القانوني معلقا حول ما إن تسمح القوانين الوطنية المنظمة للضرائب والصرف بتحويل من أموال القصر ملاذات ضريبية مشبوهة، ولو يتعلق الأمر بمسؤولين في أعلى هرم في الدولة ؟ وما يزيد من حساسية هذه المعطيات، التي ارتبط بها إسم سكرتير ملك البلاد، هو شق أخلاقي، حيث كثيرا ما يربط خبراء إقتصاديين تأدية الضرائب بالمواطنة، ويصير "دفع الضرائب" سواء من الأفراد أو الشركات، في دولة الحق والقانون، محددا ومعيارا للمواطنة، بل وتُجند له كافة العقوبات الجنائية بلا هوادة، وفق عقيدة كون "معنى الضريبة هو المواطنة، ومواطنة الفرد لا تقاس إلا بما يدفعه من ضرائب..". جزر "الملاذات الضريبية" أو "الأوف شور" توجد مسميات مختلفة تختلف باختلاف استخدامها، لجزر "الملاذات الضريبية"، فهي جزر "الأوف شور" (Offshore) أو "النعيم الضريبي"، أو "السياحة الضريبية"، من حيث قدرتها على إخفاء الأموال عن الضرائب، كما أنها الفردوس المالي للأثرياء، لا، بل وهي مشروع للأثرياء لمساعدتهم على "التهرب الضريبي"، من البلد مصدر الثروة، دون أن يدفعوا ضريبة عنها، بل ويتعدى الأمر ذلك من الجانب الاقتصادي إلى الشق السياسي، حيث يراها مراقبون اقتصاديون أوروبيون "شكلا حديثًا من الاستعمار". وبدأت هذه الظاهرة، لأول مرة، عقب الحرب العالمية الأولى، حينما زادت الحكومات الأوروبية قيمة الضرائب، بنسب كبيرة لتغطية نفقات الحرب، الأمر الذي ضيق على أغنياء بلدان الحرب، ودفعهم لابتكار أسلوب جديد لكنز الثروة بعيدا عن وطأة وخناق الضرائب، عبر جزر"الأوف شور". وحسب خبراء إقتصاديون، يتركز نشاط مناطق "الملاذات الضريبية"، أساسا حول "التلاعب القانوني" بشكل زائف بمسار التعاملات الورقية للأموال عبر الحدود، وتمتزج أنشطة الشركات العاملة في مناطق "الأوف شور"، بين ما هو مشروع قانونيّا وما هو محظور، مثل تجنب الضرائب والإيداعات الزائفة والتلاعب غير القانوني في الفواتير، وذلك تحت مسميات خادعة مثل "الحلول الضريبية"، و"حماية الأصول"، و"هيكلة الشركات"... مناطق جزر "النعيم" الضريبي وحسب معطيات استقاها موقع "لكم"، تنقسم مناطق "الأوف شور"، إلى أربعة مناطق إقليمية عبر العالم، تضمن 80 منطفة "أوف شور"، تضمّ المنطقة الأولى كل من سويسرا ولوكسمبورغ بالإضافة إلى هولندا والنمسا وبلجيكا، بالإضافة إلى إمارتي موناكو، وليشتنشتاين، وجزر ماديرا البرتغالية. فيما تضم المنطقة الثانية، أكثر من ثلث أموال الملاذات الضريبية، في العالم، وتشمل كل من جرسي، وجورنزي، وآيل أوف مان، وكلها جزر عذراء، تابعة للتاج البريطاني، إلى جانب المناطق الواقعة عبر البحار. خريطة مناطق جزر "الاوف شور" للتهرب الضريبي - ارشيف أمّا المنطقة الثالثة وهي جزر "الملاذات الضريبية" الأميركية، ولها 3 مستويات، الأول يتمثل في البنوك التي تقبل بشكل قانوني عائدات لبعض الجرائم مثل التعامل في الأملاك المسروقة، بمبرر ان تلك "الجرائم تم ارتكابها في الخارج". والمستوى الثاني "بنوك الأقليات اللاتينية"، والمستوى الثالث الجزر التابعة لأميركا مثل مارشال، والتي تُعتبر مكانا رئيسيّا لتسجيل السفن بالخارج، وكذلك "باناما" التي تُعتبر رقم واحد في عمليات غسيل الأموال عبر العالم. ويمثل المنطقة الرابعة، دول من بينها أوروغواي والصومال والغابون، وهي لا تصنف ضمن المحاور السابقة، ولكنها تلعب دورا كبيرا في تسهيل عمل "الملاذات الضريبية". وحسب دراسة أعدتها، "شبكة العدالة الضريبية الدولية"، تبلغ قيمة الأموال النازحة والنشيطة في فلك جزر "الأوف شور" أو "النعيم الضريبي"، حوالي 32 تريليون دولار. لماذا شركات الأوفشور مشبوهة؟ تجيب محامية الضرائب في مكتب المحاماة "فيدال" غاييل مونو-لوجون، في تصريح خصت به وكالة الانباء الفرنسية، بكون "الشبهة" تكمن حينما تلجأ شركة أوفشور بإستعمال أطر قضائية وخبراء قانونيين، إلى فتح حساب مصرفي غير ظاهر بشكل مباشر، من أجل الحصول على ممتلكات من دون كشف هوية صاحبها"، وبذلك فهو "عمل مشبوه". وأضافت أن "الأمر غير قانوني عندما يكون تأسيس تلك الشركات يهدف إلى إخفاء المستفيد". وفي الغالب، فإن شركات الأوفشور تقع في بلدان تتمتع بالسرية المصرفية، علاوة على أنها غالبا ما تستخدم أسماء وهمية، ما يسمح بإخفاء هوية المالكين الحقيقيين. وبالتالي -حسب الخبيرة الفرنسية- فانها تسمح بسهولة الإستفادة من التهرب الضريبي، عبر اجراءات تشكل حماية معينة على صعد مختلفة"، لتستحيل في النهاية معرفة من يمتلك حقا تلك الشركات. وأوضحت فيرنييه، في معرض تصريحها، أن هذا التعتيم مثالي لتبييض الأموال المتأتية من أنشطة إجرامية، كتهريب المخدرات أو الجريمة المنظمة، التي تبلغ "آلاف مليارات الدولارات سنويا". غياب رقابة على أموال الملك وتشدد الترسانة القانونية المنظمة للصرف والتحويلات، الخناق على الراغبين في إخراج أموالهم أو ثروتهم إلى الخارج، سواء أكانوا أفرادا أو شركات، وذلك منذ عام 1981 حينما أحست خزينة الدولة بتقلص عائداتها من العملة الأجنبية الصعبة. وبذلك، يقول فؤاد عبد المومني، رئيس منظمة "ترانسبرنسي المغرب"، في حديث ل"لكم"، ان "المساطر القانونية المغربية تضع إكراهات كبيرة أمام عملية إخراج رؤوس الأموال إلى الخارج، وهو أمر يشرف عليه مكتب الصرف، التابع لوزارة الاقتصاد والمالية". وأكد مسؤول منظمة "الشفافية" الدولية بالمغرب، ان فضيحة تسريب وثائق "بنما" الأخيرة، تكشف "وجود مشكل غياب المراقبة على الأنشطة والأفعال المدنية والاقتصادية، بحكم انعدام الحكامة المرتبطة أساسا بالشفافية..". وزاد عبد المومني، موضحا انه على الرغم من نشر ما يخص المحيط الملكي، بخصوص فضيحة تسريب وثائق "بنما"، "لم يخرج القصر بأي توضيح، ما عدا -يقول المتحدث- تصريح مقتضب لمحامي القصر، هشام الناصري، الذي صرح به لمحققي وثائق بنما، بكون نشاط شركات سكرتير الملك، قانونيا..". وكشف المسؤول ذاته، عن كون المسؤولين الذين سمحوا بخروج رؤوس الأموال إلى الخارج من لدن نافذين في مربع السلطة، من شأنهم أيضا ان يسمحوا بذلك، لنافذين في الدولة. وعن مسؤولية هذه "الملاذات الضريبية"، قال مسؤول "ترانسبرنسي المغرب"، ان جميع مؤسسات الدولة، تتحمل مسؤولية هذه الفضائح، من رئيس الدولة، الملك، ورئيس الحكومة، ووزير العدل، والنيابة العامة، وإدارة مكتب الصرف، والبرلمان، والأحزاب السياسية.. مستدركا بالقول :"لكن عندما يتعلق الأمر بالمحيط الملكي، الكل يضرب جدار الصمت ..". الرميد : لا علم لي بالموضوع.. وحاول موقع "لكم"، معرفة وجهة نظر وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، حول ما إن كان قصد الحكومة متابعة أبطال وثائق "بنما" بالمغرب، وأكد بدوره "عدم علمه بالموضوع"، قائلا في معرض تصريح مقتضب :"لست على علم بموضوع هذا الأمر ..". وعن المساطر القانونية المنظمة للتهرب والملاذات الضريبية بالبلاد، قال وزير العدل في التصريح ذاته، ان "معرفته قليلة بالتشريعات المتعلقة بمساطر تنظيم الضرائب والتهرب عن تأديتها". وأشار إلى كون خبراء الضرائب في المغرب، قلة، قائلا :"حينما كنت برلمانيا، كنت أعرف الشيء القليل عن موضوع التهرب الضريبي، لكن في المغرب، قليلون من هم على دراية دقيقة بهذا الموضوع..". وجه للتهرب الضريبي في أبجديات المفاهيم الاقتصادية، لا سيما ما يتعلق منها بالضرائب، يوجد فرق كبير بين مفهومي "التهرب الضريبي"، و"الغش الضريبي"، والتبعات القانونية لكل منهما، وكذا تأثيره على المنظومة الاقتصادية للدولة. وإلى ذلك، يوضح الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، لموقع "لكم"، كون "الغش الضريبي"، هو عملية تزييفية وغير قانونية بالمطلق، في مقابل، يقول ان "التهرب الضريبي"، هو عملية إجراءات يلجأ لها خبراء في الحسابات والضرائب، لاستغلال ثغرات القانون، للتملص من تأدية الضرائب. وأوضح، ان تحويل رؤس الأموال، إلى جزر "الملاذات الضريبية" المشبوهة، هو "وجه من أوجه التهرب الضريبي واستعمال الثغرات القانونية للتملص من واجب تأدية الضرائب..". واسترسل موضحا، بكون التصريح الذي أدلى به محامي القصر، هشام الناصري، لمحققي وثائق بنما، كون أنشطة سكرتير الملك، بالجزر، قانونية "لم يوضح فيه أكثر، حتى يعرف خبراء قانونيين في موضوع التهرب الضريبي، ما إن كانت إخراج رؤوس أموال الملك، إلى الخارج، سليمة مائة في المائة..". التجارة بجزر "الأوف شور" ليست دائما غير قانونية واستدرك الخبير الاقتصادي، أقصبي، في معرض التصريح ذاته، بالإشارة إلى كون تحويل رؤوس الأموال إلى خارج المغرب صوب جزر "الأوف شور"، ليس دائما "غير قانوني". وفسّر الخبير الاقتصادي، بأن بعض الاستثمارات والأعمال التجارية تتطلب في بعض الأحيان، مجال جزر "الأف شور"، من قبيل بعض الشركات التي ترفض التعامل مع حسابات بنكية، غير التي مسجلة في بنوك جزر "الملاذات الضريبية"، أو بعض الأنشطة الاستثمارية، التي تكون بمجالها، بنية جلب العملة الصعبة للمغرب. وعاد، للتأكيد، على كون العمل التجاري والاقتصادي، في جزر الملاذات الضريبية، "يشوبه غموض والسرية وعدم الشفافية"، ولا يمكن النظر إليه بعين الإرتياح عموما. وعموما، تظل وثائق "بنما"، البالغ عددها 11 مليون وثيقة مسربة، والتي ورد إسم السكرتير الخاص، للملك محمد السادس، محمد منير الماجيدي، ضمنها، في قائمة قادة دول المتورطين في فضيحة تهريب أموال أوطانهم، إلى جزر "الفردوس الضريبي"، المشبوهة، (تظل) محل شبهات وشكوك حول تفاصيل شرعيتها، ناهيك عن التبرير الأخلاقي لها، في وقت يضرب فيه المحيط الملكي، جدار الصمت المطبق لحدود هذه الأثناء ..